ندوة المرأة والجلاء بستان شلغين أنموذجاً في ثقافي أبو رمانة

07 نيسان 2011

أقيمت في المركز الثقافي العربي أبو رمانة، ضمن سلسلة من الندوات التي تتحدث عن امرأة من هذا الوطن، تجاوز إبداعها حدود الوطن، وبمناسبة ذكرى الاستقلال، ندوة بعنوان المرأة والجلاء بستان شلغين أنموذجاً، وذلك يوم الثلاثاء 5 نيسان 2011، وقدمها كلاً من الشاعر والباحث أحمد أبو حسون، و الباحثة سعاد مكارم، وقد حضرها عدد من المفكرين والأدباء.

روحي وما ملكت يداها فداه، وطني حبيبي وليس أحب سواه، وأقدم روحي فداه، في ماضيه وحاضره ومستقبله، وإن وقوف المرأة السورية ونضالها، كان له الدور الكبير في التصدي للمستعمرين.

ويحدثنا الباحث أحمد أبو حسون قائلاً: «في التاريخ الحديث كان الجلاء على فترتين، الأولى كانت في جلاء العثمانيين في 30 أيلول 1918، عندما تقدمت قوات الثورة العربية على يد الأمير فيصل، وكان قبل هذا التقدم بيومين تقدم ثوار الجبل بقيادة سلطان باشا الأطرش، وبعدها دخلوا دمشق، ورفعوا أول علم على مبنى البلدية، فقال المجاهد المسن معزم مهوش للعلم، عرش المضارب أنهدم والعز طاب بدارنا، راحت عليكم يا عجم خوض المعارك دأبنا، حنا حماتك يا علم برواحنا وكبادنا.

وبعد جلاء العثمانيين دخلت القوات الفرنسية إلى دمشق، وذلك بسبب التقسيم لاتفاقية سيكس بيكو، وقد دخلت البوارج الفرنسية من خلال الشاطئ السوري، وقد تصدى لها المجاهدين بقيادة الشيخ صالح العلي، وعند دخول الجيوش الفرنسية بقيادة الجنرال غور من جهة لبنان، وقام الثوار بالتصدي والوقوف بوجه الفرنسيين من خلال الثورات، وكان من أهم الثورات الثورة السورية الكبرى التي قامت عام 1925، وتعد من أهم الانتفاضات الشعبية الثورية، التي حدثت في تاريخ سورية الحديث، أثناء فترة الانتداب الفرنسي. و يضيف لقد تحركت الثورة من كل مدن سوريا بقياده عدد من الأبطال المجاهدين ، منهم إسماعيل باشا بن إبراهيم الحريري شيخ مشايخ حوران، ومن الدروز المجاهد سلطان باشا الأطرش، إبراهيم هنانو، حسن الخراط، صالح العلي واشترك فيها كافة فصائل الشعب وسمي المجاهد سلطان باشا الأطرش، القائد العام للثورة السورية وأحد الأبطال القوميين، لا وبل أحد الأعلام في ذلك الزمان لما كان يمتلك من الجرأة والقوة، وحفظ الضيف واللسان، وقد ساعده ذلك على كسب محبة وثقة الدروز، الذين ساعدوه في مسيرة التحرير الذي ما لبثت أن تشتعل في كافة المحافظات السورية، كما تساعد ثوار الجبل مع ثوار الغوطة في دمشق.

وهذه التحركات الكبيرة والثورة العامة، زعزعت بشكل كبير سياسة الفرنسيين في سورية، وأصبحوا على قناعة تامة بأن الشعب في سورية، لن يرضخ ولابد من تأسيس حكومة سورية وطنية، والرضوخ لإرادة الشعب وثورته الكبرى لم تهدأ الحال في البلاد، وتمت الانتخابات البرلمانية المستقلة في الثلاثينات، ورفض الزعيم سلطان باشا الأطرش استلام الرئاسة أو تشكيل حكومة مستقلة في السويداء، لما في ذلك من تقسيم في المنطقة وتوالت الضغوط إلى حصول الاستقلال الشامل في 1946».

وبدورها تحدثنا الباحثة سعاد مكارم قائلةً: «عندما نتحدث عن الوطن، لابد أن يكون له سياج ليحميه، وهذا السياج يكون بوقوف المرأة إلى جانب الرجل، وان بستان شلغين المرأة الجبلية البسيطة فقد وقفت في وجه المستعمر لأنه حاول أن يغتصب وطنها.

وعندما لجأ إليها الثوار بعد أن ضيق الفرنسيون عليهم كافة السبل، فقد كانت للثوار في كافة حروبهم الملجأ الأمين، لذلك وجه الفرنسيون حملة مؤلفة من 4000 جندي، تساندها الطائرات و المدفعية بقيادة الكولونيل أندريه، و كان عدد الثوار الذين تصدوا لهذه الحملة بحدود 300 مجاهد، وقد جرت معركة عنيفة فقد أسقط الثوار ببنادقهم طائرتين، و كبدوا الفرنسيين العديد من القتلى و الجرحى.

لذلك قرر أندريه أن ينتقم من ثوار قرية صميد لما أبدوه في هذه المعركة من بسالة نادرة، فأمر بتهديم بيوت المجاهدين المعروفين، و كان من بينها بيت المجاهد هايل شلغين و ذلك حقداً و انتقاماً من أرملته المجاهدة بستان شلغين التي كانت تقدم الذخيرة والمئونة يومياً للثوار في معاركهم، و قد باعت مصاغها الذهبي و مئة رأس من الغنم ورهنت قسماً من أرضها، و اشترت سلاحاً و ذخيرة للثوار الذين جاءوا من لبنان الشقيق للمشاركة بالثورة، وهذا ما زاد من حقد الفرنسيين عليها كي لا تصبح قدوة لغيرها.

و بعد احتلال صميد، طلب أندريه أن يتعرف على المجاهدة بستان شلغين، بعد أن هدم لها دارها، فرفضت أن تقابله في بيتها، و عندما ألَّح في طلبها جاءت وقابلته في زريبة الحيوانات قائلة هذا المكان يليق لأمثالكم لأنكم مستعمرون وذنبنا الوحيد أننا ندافع عن وطننا فقال أندريه للمجاهدة بستان شلغين إذا تراجعتي عن موقفك بدعم هؤلاء الخارجين عن القانون فسوف نعوض لك بمبلغ يعيد دارك أحسن مما كانت عليه، فهل تتراجعين عن موقفك ومد يده لمصافحتها ظناً منه أنها لو صافحته لكانت علامة إذعانها و تراجعها عن موقفها، فما كان منها إلا أن أخفت يدها خلف ظهرها و قالت ما وقَّفت هذا الموقف إلا من أجل وطني، ولن أتراجع عنه ولا يمكن أن أمد يدي إلى عدوي، فان وطني أولا بان يبني لي منزلي ولسنا بحاجتكم.

فوضع قبعته على رأسه و أدى لها التحية العسكرية احتراماً منه لصمودها و وطنيتها، قد حظيت المجاهدة بستان شلغين باحترام القائد العام للثورة السورية الكبرى سلطان باشا الأطرش و تكريمه لها في كل مناسبة ، كما كرمتها الدولة و أطلقت اسمها الميمون على أحد المدارس في مدينة صلخد إلى الغرب من قلعتها الشامخة».


عبد القادر شبيب - دمشق

اكتشف سورية

Share/Bookmark

اسمك

الدولة

التعليق