العرض المسرحي مثل الكذب يستقطب جمهور المسرح على خشبة مسرح القباني

14 تشرين الأول 2010

تعتمد فرقة مسرح التكوين على مسرح الارتجال قاعدة أساسية لأعمالها المسرحية من خلال البناء الدرامي - الارتجالي - على خشبة المسرح، ضمن قراءات تقترب إلى همس الشارع من غير تكلف لفظي أو ادعاء يثقل كاهل المتلقي. فما شهده مسرح القباني من حضور منقطع النظير، هو شهادة لفرقة مسرح التكوين بنجاحها في عرضها الجديد «مثل الكذب» الذي يعرض الآن على خشبة مسرح القباني بدمشق.

يعتمد النص والأداء على تقديم صورة ممنهجة في تعاملها مع مسرح الارتجال واحترامها لجمهور متعطش لرؤى جديدة ابتكرها فريق العمل وعلى رأسهم مخرج العمل عدنان أزروني الذي وفق في رسم ملامح لعرض ناجح أثنى عليه القسم الأكبر ممن حضر العرض الذي يتناول علاقة تجمع بين بائعة هوى سورية وأحد الأجانب المقيمين في دمشق، وما يتخللها من تناقضات بين فكرين شرقي وغربي، فهذه المرأة ورغم امتهانها للبغاء إلا أنها لا تقبل الإساءة لبلدها إيماناً منها بأن الإصلاح لا يأتي من الخارج، كما أنها ترفض الصورة المشوهة لبلدها والتي يلتقطها زبونها الأجنبي عبر كاميراته المتجولة عبر أرجاء المدينة، معتبراً نفسه المصلح الذي يفتقده العالم.

استطاع الممثلان لمى حكيم وأديب الصفدي العمل على اللعب الدرامي الممنهج وفق مبادئ مسرح الارتجال وما يتضمنه من رفض وتمرد على أسس مقولبة مسبقاً غايتها تقديم حكاية مُغيبة عن أذهان الكثيرين، لتبقَ فكرة العمل المحرك الأساسي لشخوصها.


الممثلان لمى حكيم وأديب الصفدي في العرض المسرحي مثل الكذب

«اكتشف سورية» تابع العرض المسرحي «مثل الكذب» وأجرى لقاء خاص مع فريق العمل، حيث كانت البداية مع الممثل أديب الصفدي - خريج المعهد العالي للفنون المسرحية بدمشق عام 2005 – حيث يقول: «بدأت فكرة العمل من خلال اللقاء الذي جمعني مع المخرج عدنان أزروني والممثلة لمى حكيم ضمن مشروع مسرح التكوين، معتمدين على طرح بعض القضايا التي تمس هموم الداخل السوري عبر حكاية تجمع ما بين بائعة هوى وأحد الأجانب».

وعن أهمية الدور الذي قدمه في هذا العمل يضيف: «كممثل أعتبر هذا الدور مهماً على صعيد الأدوات الأدائية لفن التمثيل، والذي يحتاج إلى طاقات كبيرة وفهم عميق لمضمون الشخصية، وبعيداً عن اللهجات السورية التي قدمتها في هذا العرض فإن تقمصي لدور الأجنبي في عمل مسرحي، هو شيء جديد في المسرح السوري من حيث طريقة تقديمه والحلول الإخراجية التي ارتأيناها».

وفي سؤال عام عن نشاطه الفني يقول الممثل أديب الصفدي: «سفري إلى الجولان السوري المحتل بعد تخرجي من المعهد العالي للفنون المسرحية أثر سلباً على عملي الفني والذي اقتصر على بعض الأعمال ومنها: مسرحية "الدومري" التي عُرضت على مسرح دار الأسد للثقافة والفنون بدمشق، إخراج فادي حمدان وتأليف محمد عمر. كما قدمت عدداً من الأعمال المسرحية في الجولان السوري المحتل منها: "تريمب"، ونص "بائع الدبس الفقير" للمسرحي الكبير سعد الله ونوس. أما في السينما فقد عملت مع المخرج شوقي الماجري في فيلم "مملكة النمل"، وفيلم "دمشق مع حبي" من إخراج محمد عبد العزيز، إضافة لفيلم قصير مع المخرجة نور أرناؤوط. كما شاركت في التلفزيون بمسلسل "أهل الراية" و"سقوط الخلافة"».

من جانبها تحدثنا الممثلة لمى حكيم خريجة المعهد العالي للفنون المسرحية عام 2005: «يعتبر هذا العرض الثاني كمشروع ارتجال في فرقة مسرح التكوين، حيث يتم بناء النص على الخشبة من خلال طرح أفكار المجموعة ضمن فضاء المسرح، وذلك ببناء العمل ككل تحت إشراف مخرج العمل وبما يتناسب مع رؤيته الإخراجية».

وحول كون بعض المواقع الإلكترونية حصرت عرض «مثل الكذب» بقصة شاب أجنبي متناسين أن العمل يدور حول علاقة تجمع بين بائعة هوى وأجنبي، قالت الممثلة لمى حكيم: «أظن أن من كتب هذا لم يحضر العرض أو ربما سمع عنه من أحدهم وهذا شيء مضحك، إن هذا العرض يقدم صورة أعمق عن الواقع المعاش وبإسقاطات قوية ضمن سياق العمل».

وعن المعيقات التي واجهت إنتاج نص «مثل الكذب» تضيف الممثلة حكيم: «أي عمل مسرحي يحتاج للكثير من الجهد والتعب والتضحية إذا لزم الأمر، انطلاقاً من إيمان الممثل بأهمية العمل المسرحي، وبالرغم من بعض الأمور المُعيقة في عملية بناء العمل المسرحي، ومنها صعوبة إيجاد التمويل الحقيقي، فإن لدي إيماناً تاماً بأن أي خريج من المعهد يستطيع تحقيق ما نقوم به في فرقة مسرح التكوين، والتي تعمل بالمجان، فلمدة ثلاثة أشهر ونحن ندفع من جيبنا الخاص من ممثلين وفنيين، ولا أنسى هنا أن المخرج عدنان أزروني كان المتكفل بالجزء الأكبر من المصاريف الإنتاجية».

وعن أعمالها المسرحية السابقة تذكرنا الممثلة لمى حكيم بعديد من الأعمال المسرحية منها: «وعكة عابرة» مع المخرج فايز قزق، «تكتيك» إخراج عبد المنعم عمايري، «تلاميذ الخوف» مع المخرج مأمون الخطيب والعرض الفرنسي «أندروماك».

كما كان لـ «اكتشف سورية» هذا الحوار مع مخرج العمل عدنان أزروني.

فرداً على تعليق حول أن مسرح الارتجال دائماً ما يحمل بُعداً أعمق لما يمس الشارع المحلي، ما يجعل هذا المسرح أكثر نجاحاً من الأنواع المسرحية الأخرى، قال المخرج أزروني: «لا يوجد نوع مسرح أفضل من نوع آخر، المهم في هذا الطرح هو كيف نستطيع أن نقدم عملنا بالشكل الأقرب لما نريد قوله، ضمن الخيارات التي إما أن نقف بها عند نقطة واحدة، أو أن نذهب بها إلى آخر مدى، مع احترام عقل المتلقي ووقته».

وعن الارتجال كمشروع خاص بالمخرج عدنان أزروني ضمن مسرح التكوين يقول: «الارتجال هو خياري الخاص ضمن هذا المشروع الذي يضم مجموعة من خريجي المعهد العالي للفنون المسرحية، ومنهم أديب الصفدي، لمى حكيم، لينا أحمد، سعد لوستان وغيرهم ممن آمنوا بمشروعنا المسرحي الذي يمتلك أساساً نظرياً وخطة عمل ضمن إطار زمني محدد، كما أن مشروع مسرح التكوين يعتمد على راهنية المواضيع التي تتقاطع مع أفكار أعضاء الفرقة المستمدة من الواقع المحلي، ليتم مناقشتها على الخشبة مبتعدين عن الطرح والمعالجة المسرحية العشوائية».

مشهد من العرض المسرحي مثل الكذب

وحول أن فكرة عرض «مثل الكذب» تحمل الكثير من المضامين، وكيفية بداية هذه الفكرة يقول المخرج: «عندما قدمنا النص لمديرية المسارح والموسيقى، أرفقنا معه توضيحاً بأن هذا النص يعتمد على الارتجال الذي سيكتب ويتبلور على خشبة المسرح، وفعلاً عندما بدأنا العمل دخلت بعض الأمور الحياتية إضافة للظرف الراهن الذي نعيشه كشريكٍ أساسي في كتابة العمل على الخشبة، من دون المساس بالفكرة الأساسية والهدف الذي اجتمعنا من أجله».

وعن الفرق بين تبني نص مسرحي مكتوب وبين تحميل الممثل والمخرج مسؤولية كتابة نص خاص كما في مسرح الارتجال يضيف: «عندما نأتي بنص أجنبي أو عربي فإنه يحمل أفكاره وتقاليده وثقافته الخاصة، لذا عملياً عندما تريد تقديمه على الخشبة فإنك أمام خيارين، إما أن تطوع نفسك ليتواءم مع هذا النص أو أن تطوع النص ليتواءم مع نفسك، أما في مسرح الارتجال فإن النص يكتب من قبل الممثلين أنفسهم بقيادة مخرج العمل، وبالتالي فإن الممثل يبني شخصيته بما تتضمنه من أفعال وردود أفعال مستوحاة من محيطه المحلي».

وعن واقع المسرح السوري والإشكالية التي دائماً ما نتطرق إليها وهي: هل يوجد حركة مسرحية في سورية أم لا؟ يقول: «بداية أقول أن مشروع مسرح التكوين، إضافة لبعض الفرق المسرحية السورية، يعتبر خطوة صغيرة باتجاه إيجاد مسرح سوري خالص، فنحن وإلى الآن نستورد النص الأجنبي لبناء عرضنا المسرحي، وإذا اطلعت على الموسم المسرحي الماضي ستلاحظ حضور النص المسرحي الأجنبي باستثناء بعض العروض الشبابية التي استمدت من الشأن المحلي محوراً لعملها. إضافة لقلة الدعم المادي الذي يعاني منه المسرح السوري أصلاً».

وحول سؤال عن تحمل بعض الممثلين والفنيين ومخرج العرض نفسه جزءاً من تكاليف عرض «مثل الكذب»، فيما اقتصر دعم مديرية المسارح والموسيقى على توفير مكان العرض إضافة لطباعة البروشور، قال المخرج أزروني: «هذا صحيح، وهنا أذكر أن عملنا الأول "سر علني" الذي قُدم عام 2008 كان بالمجان، فلم يتقاضَ الممثلون أجور عملهم. وفي هذه التجربة تتكرر نفس الظروف الإنتاجية، فكل من عمل بهذا العرض عمل بشكلٍ مجاني إيماناً منهم بهذا المشروع، حتى أن بعض الفنيين عملوا معنا بشكل مجاني طوعي».

وفي النهاية نذكر طاقم عمل مسرحية «مثل الكذب» كاملاً كما ورد في بروشور العمل:
نص وإخراج: عدنان أزروني.
الممثلون: لمى حكيم و أديب الصفدي.
التأليف الموسيقي: وائل القاق، الإعداد الموسيقي: وائل القاق وخالد عمران.
تدريب الرقص: سليمان واكد.
تصميم أزياء: هنادة صباغ.
تصميم الإضاءة: بسام حميدي، تنفيذ الإضاءة: شادي ريا، تركيب الإضاءة: رائد أبو العينين.
التصوير الفوتوغرافي: فادي خطاب.
مونتاج الفيديو: تامر ملاك.
الديكور والملصق الإعلاني: علاء أبو شاهين.
خدمات إنتاجية: صلاح وعلي النوري.
كما تضمن البروشور شكراً خاصاً لكلٍ من عمرو قرقوط، حور ملص، حنا الخوري، وتغريد أزروني.


مازن عباس - دمشق

اكتشف سورية

Share/Bookmark

مواضيع ذات صلة:

    صور الخبر

    مشهد من العرض المسرحي مثل الكذب الذي قدمته فرقة مسرح التكوين على خشبة مسرح القباني بدمشق

    مشهد من العرض المسرحي مثل الكذب الذي قدمته فرقة مسرح التكوين على خشبة مسرح القباني بدمشق

    مشهد من العرض المسرحي مثل الكذب الذي قدمته فرقة مسرح التكوين على خشبة مسرح القباني بدمشق

    بقية الصور..

    اسمك

    الدولة

    التعليق