معرض للتراث الشعبي في السويداء

07/12/2010

«التراث متنوع في وجوده وقدم زمنه وله أقسام عدة منها المعنوي وهو المعروف بما تركه الإنسان من عادات اجتماعية وخلقية وإرث فكري من شعر وحكايات وغيره، والقسم الآخر هو التراث المادي الممثل بالآلات والأدوات التي استخدمت في مراحل ماضية، وهذا المعرض يعمل على جمع التراث المادي الذي يرجع بالذاكرة عبر هذه القطع إلى تخيل الحياة كيف كانت تسير»، هذه هي الكلمات التي قدم بها الفنان تيسير العباس معرض التراث الشعبي الذي يقام حالياً في مديرية الثقافة في السويداء.

«اكتشف سورية» زار المعرض والتقى مع مخرج المعرض تيسير العباس الذي تحدث عن فكرة إقامة المعرض والتحضير له بالقول: «تم العمل على جمع القطع وتنفيذها في المعرض بالتعاون مع الآنسة ربيعة غانم والهدف من كل هذا وطني بالدرجة الأولى، وهذا يبدو واضحاً من خلال الهاجس في المحافظة على تراث وتاريخ المنطقة لأنه الهوية الصادقة والأساسية لكل إنسان يعيش هنا، وهذا ليس خاصاً بنا بل مشترك بين كل الأمم، ولكن نحن نتميز عن غيرنا أننا نعيش في منطقة تحوي على أكثر من 1200 موقع أثري، وبالتالي نحمل نمتلك إرثاً حضارياً وتاريخياً وتراثياً هاماً يجب المحافظة عليه وإعادة خلقه من جديد، على الأقل معنوياً في ذاكرة الناس لكي يشعر الإنسان بالمعاناة وبنفس الوقت بالتحدي الذي كان يعيشه الإنسان فيما مضى، فمن يرى القطع ذات الوزن الثقيل والمصنوعة من مواد صلبة يعرف كم من الجهد والتعب أخذت حتى تطوعت وتسخرت لمساعدة الناس على ظروف الحياة».

المعرض يستعرض الحياة التقليدية بأدق تفاصيلها، فالقطع الموجودة تحكي عن عمرها الطويل كما يحكي بعضها عن قيم ومعان إنسانية سامية، وعن هذا يتابع العباس قائلاً: «تم جمع القطع من أكثر قرى جبل العرب ولبعضها أعمار تتجاوز المئة عام، كما يحمل بعضها قيماً إنسانية ووجدانية صادقة كأطباق العروس، وهي أن تقدم العروس لعريسها طبقاً من القش تكون قد أمضت وقتاً طويلاً في صنعه قد يبلغ أشهراً وكل ذلك برهاناً ودليلاً على إخلاصها ووفائها له، كما نجد هناك المحراث الذي يعود وجوده في هذه المنطقة إلى العهد الروماني، فهم أول من استخدموه لقلب التربة، بالإضافة إلى المغزل والتنور الذي لم يعد موجوداً إلا نادراً في بعض البيوت، والأطباق المصنوعة بالأيدي».

من يشاهد بعض القطع الكبيرة يتخيل كمّ الصعوبات التي واجهت العاملين على المعرض خلال إقامته، وهنا يشير العباس: «هناك أكثر من قطعة لا يستطيع الشخص بمفرده القيام بحملها أو نقلها كما أن بعض المواد مصنوعة من مواد قابلة للكسر أثناء حملها ونقلها من مكان لآخر مثل الفخار، لذلك يجب توفير خدمات لتسهيل العمل كوجود سيارات وصرف ميزانيات، كما أن الأهم هو وجود مركز ثابت لإقامة المعارض بشكل مستمر، لأن التراث كما أسلفت هو الهوية الصادقة والذاكرة التي نستمد منها حاضرنا فنحن نعلم أنه مهما تقدمت بنا الحضارة لا نستطيع أن نهمل هذه الذاكرة لأنها المعلم الأول للتحدي والصبر في مواجهة الواقع».


الفنان تيسير العباس

لم يكن هذا المعرض الأول فقد سبقته معارض عدة، وهنا يتابع العباس: «هذا هو المعرض الرابع حيث كان المعرض الأول في 2006 بالتنسيق مع الآنسة تغريد أبو محمود وبإشرافي وتنفيذي، وكان معرضاً فريداً من نوعه حيث احتوى على 400 قطعة تم جمعها من تراث المنطقة،
والمعرض الثاني أقيم في وزارة التعليم العالي في عام 2007 واستمر لمدة أربعة أيام وقدم أكثر من مئة قطعة حملت بعداً تاريخياً وحضارياً لذلك أخذ المعرض القسم الأكبر من المكان المحدد لإقامة المعارض. وأقيم المعرض الثالث في مديرية الثقافة في السويداء وهو المعرض الأهم وذلك لتزامنه مع زيارة السيدة الأولى أسماء الأسد للسويداء والطابع المميز له هو الأجواء التي كانت مفعمة بالحياة وكأن الزمن عاد بهذه القطع ليسترجع أشخاصها الذين صنعوها لأول مرة في لباسهم القديم وفي حالتهم النفسية والوجدانية ذاتها، فمن يدخل المعرض يرحب به عند الباب من قبل صاحب المضافة والذي يقال له باللغة المحكية "المعزب" ليدخل ويجلس في المضافة العربية التي حافظت على شكلها عبر مئات السنين، ومن ثم يشرب قهوته ليتجول في المكان على رائحة خبز التنزر التي تصنعه النساء مباشرة أمام الناس، وعلى أصوات الموسيقى التقليدية التي يصدرها عازف الربابة، وباختصار كان المعرض الأهم لأن كل شيء كان يصنع ويؤدى بطريقة حية أمام الزوار».

يذكر أن المعرض سيستمر ليكون إحدى فعاليات مهرجان الجبل الذي سيفتتح في 24 تموز 2010 في السويداء.

أكثم الحسين - السويداء

اكتشف سورية

Share/Bookmark

صور الخبر

أدوات القهوة في معرض التراث الشعبي في السويداء

أطباق العروس في معرض التراث الشعبي في السويداء

المحراث في معرض التراث الشعبي في السويداء

بقية الصور..

اسمك

الدولة

التعليق