الملاجة : قرية جميلة، أغنية معرفة وجمال

2009/10/09

كعقيق منثور على جيد جبل من سنديان وزيتون، تطل من ارتفاع 400 م على عيون البحر، كمنارة من حب وشعر، قرية مخمورة بالزمن، فمن تحت أشجارها كانت رحلات حج الفينيقيين إلى حصن النبي سليمان، ولا تزال شواهد حضورهم حتى اليوم تشع بعبق التاريخ. الملاجة قرية صغيرة ولكنها كثيرة العطاء كاسمها «المرضعة» وهو معنى الملاجة، وهي لا تزال بهذا المعنى تغني كنوز جمالها، فرحلة العطاء لا تزال تتناقل معرفة من جيل إلى آخر، وهو ما يؤكد حضورها في المشهد الثقافي في سورية، فمهرجانها الذي صار معروفاً ومشهوداً للسنة الثالثة عشر على التوالي والذي قدح شرارة بدئه الشاعر محمد عمران متغنياً بها كجهات ست للحب، وهي كذلك بالنسبة للكثير من زوارها.

الملاجة:
تقع الملاجة على بعد 17 كم من محافظة طرطوس، و13 كم من منطقة الدريكيش وتتبع إدارياً لناحية حمين، وتتوسط بالإضافة لحمين قرى بيت الجهني والمصطبة وتيشور وحبابة، ويعد سكانها أكثر من 600 نسمة جلهم من المثقفين والأكاديميين الذين أخذوا على عاتقهم مهرجان السنديان كفعل أهلي ثقافي حيت تتعاون القرية وعشاق الملاجة على النهوض به كل عام.

مهرجان السنديان:
حدث من الثقافة والفن والشعر والموسيقى والنحت تنتظره هذه القرية الصغيرة في الشهر الثامن من كل عام.

بعد أن أفردت له فسحة من الأرض على صدر القرية وقرب نبعها، بعد أن انطلق من باحة مدرستها، ليكون الملتقى والهوية، وحتى السنة تختتم الملاجة مهرجان سنديانها الثالث عشر لتصبح محجاً لكبار شعراء الوطن العربي، والعديد من شعراء العالم حيث صدحت قصائد أكثر من 130 شاعراً قرب تلك النبعة وتحت أفياء سنديانها، فمن الشعراء الذين شاركوا بمهرجانها: أدونيس، علي الجندي، شوقي بغدادي، محمد بنيس من المغرب الغربي، قاسم حداد من البحرين، سيف الرحبي من عمان، أحمد الملا من السعودية، عاشور الطويبي وغيرهم من دول من العالم من فرنسا، والدنمارك، بريطانيا، سويسرا، وغيرها.


الشمس تغرب على مهرجان السنديان في الملاجة

أما الموسيقيون المشاركون فمن بينهم: صفوان بهلوان، نصير شمه، شربل روحانا، سامي حواط، فرقة حوار، فرقة الجاز السورية، لينا شاماميان، والفنان الفلسطيني الملتزم مروان عبادو.

أما في التشكيل والتصوير فقد شارك أكثر من 130 فنان من سورية والوطن العربي في مهرجاناتها، بالإضافة لخمس ملتقيات نحتية شارك بها 30 نحاتاً سورياً وكانت حصيلة هذه الملتقيات 35 عملاً نحتياً تنتصب على دروب الملاجة وتحت أشجارها شواهد على إرادة الحب والجمال التي يتردد إيقاعها في صدور سنديانها.

شعار الملاجة:
يأتي شعار الملاجة من منحوتة للفنان النحات علي سليمان وتجسد قامة إنسانية تحتضن أخرى أصغر بينما الأيدي والعيون تتجه صوب الأفق والسماء، ويسميها الفنان سليمان «ارتقاء»، وفكرة العمل مستوحاة من إرادة العطاء التي تمتلكها هذه القرية، وقد نقش على هذه المنحوتة التي غدت شعاراً كتابة بالأحرف المسمارية تقول: «أنا سوري، بالمحبة نرتقي، السنديان».

وفي هذا السياق نحتار مقاطع من قصيدة للشاعر السعودي أحمد الملا بعنوان:

الملاّجــة: شــرفات الأعالــي

«قطفتُ مزاج التين،
عصرتُ ثالث العنب،
وتهجيتُ حكمة الزيتون.
صخر الصمت تأملني
وأقرأتني الحجارةُ مهجةَ الكلام.

قبل الملاجة تمنيتُ الغصن
وعلى أول أحجارها جاءت الغابة بأسرها وتبنتني،
ناولتني ما لم تنله يدي،
شبهتني مرة بالورد،
شبهتني بكل ما تمنيت،
ولما انتشيت نزعت التشبيه،
سقتني محوه، وسرت وحدي.

قرعتُ الكأس واطئا فتخففت روحي،
سبقتني القبلة أينما أدرت وجهي،
وقبلت أصابع صافحت ولوحت.
وقتها فقط غادرتني أسراب غربان مندسة في طيات أيامي،
ونسيت ما رافق العمر من نعيقها.

أخطأت مراراً
وكأن الشقي في جبتي متيقن
أنه في مسيل الغفران.
ورويداً رويداً
تقبلتْ المتة جهالتي
وأشفقتْ
إلى أن أصبحتْ زهرات الفم.

نادانا سنديان عتيق
ودلّى حباله لنصعدَ
غمز للكأس حتى ابيضّت في العتمة
ودلّ الندامى إلى العرش.
أجسادٌ أطلقتْ أرواحها للرقصة،
وجسّتْ معنى القفزة الأولى،
لعُزّلٍ تخلوا دفعة واحدة
عن أسلحتهم الهشة،
وسمعتْ الجبالُ ضجيج تكسرها.

طيّرنا خيالاتٍ جامحةٍ
ألبسنا تماثيلَ تحرس النبعة الكبرى
وترعى انفراجة الوادي المنجب
لأشجار تصطفّ بحميّة النضال.

الملاجة:
قلعة بلا أسوار،
قلعة بلا متاريس،
قلعة دون بوابات،
قلعة دون خنادق
ولا أسنة تسيجها.
قلعة، بلا قلعة في الأصل،
حصنها حبٌ مجرد وشاهق،
يستسلم أمامه الغزاة
ويدخلون طائعين،
كلٌّ طيره في عنقه.

ألم تمر خجلاً ومطرقاً من دعوات التين والشيوخ والعجائز والعنب يدعونك بلا منّة؟
ألم تر الجبل يميل مع الشمس ليظلك؟
حط البدر مرارا وساهم بحصته من الكهرباء،
مثل كل أم سهرتْ ليال تعد الأطباق، تنقع البقول وتطحن الذرة على أغنيات النازلين،
كما الصاحب الذي قطر الراح بين قمرين.
كل إصبع في الملاجة مست البصل في غداء أو عشاء،
كل كف روت القهوة وعتّقت الشاي،
كل كتف رفعت الماء من النبع الكريم،
كل يدٍ فركت البرغل،
كل راحةٍ حملتْ عنا،
كل قلبٍ تلفتْ في الغياب،
كل ما ذاقتْه شفاهنا وتنفسناه أو شربناه:
صار نسيج جسدنا الواحد
وامتزاج روح.
لن نفرطَ ولن نكنسَ غرف القلب التي ألحقنا بها شرفات على إطلالة واحدة:
الملاجة».

«اكتشف سورية» زار قرية الملاجة وكانت هذه الصور المرافقة لهذا الموضوع.

عمار حسن

اكتشف سورية

Share/Bookmark

صور الخبر

شعار مهرجان السنديان في الملاجة

جانب من التصوير الفوتوغرافي في المهرجان

أعمال فوتوغرافية أخرى

بقية الصور..

اسمك

الدولة

التعليق

أحمد الملا:

شكرا
عمار حسن
محبتي
الدائمة للملاجة

السعودية

السعودية