موسيقى على الطريق

2009/21/07

مشروع لنقل الموسيقى إلى حياة الناس مباشرة

لا شك أن الموسيقى تلعب دوراً محورياً في تطوير ذائقة الناس والسمو بأحاسيسهم إلى مستوى من الاندماج الراقي مع العالم الذي يحيط بهم، ذلك طبع الموسيقى وجمال دورها الذي تلعبه في حياة البشر.

لكن المشكلة الحقيقية تكمن في وصول هذه الموسيقى إلى الناس، المشغولين دائماً بما يعوقهم عن البحث عن مفاتن الموسيقى الجميلة، في زحمة حياة استهلاكية لم تعد تترك وقتاً للرهيف من الإبداعات المختلفة الألوان، فيسارعون إلى التقاط ما تيسر من نتاج الموسيقى، واستهلاك ما تفرضه عليهم وسائل إعلام لا تسوق دائماً ما يناسب حاجات الإنسان الحقيقية من جميل ما ينتجه الموسيقيون على مختلف مدارسهم وتوجهاتهم.

وفي محاولة جادة للبحث عن تقديم أنماط من الموسيقى لا يعرفها المستمع العادي، وتختبئ عادة في صالات الفن الكبيرة والمؤسسات الراقية، بعيداً عن حياة الإنسان المنهمك بمشاغله اليومية، أطلقت جمعية «صدى» الثقافية الموسيقية مشروعاً رائداً في هذا المجال العام الماضي، كجزء من فعاليات احتفالية دمشق عاصمة للثقافة العربية 2008.

هذا المشروع الرائد هو مشروع «موسيقى على الطريق»، والذي تتابع فيه الجمعية بخطى دؤوبة محاولاتها في نشر الموسيقى الراقية في ربوع وطننا الحبيب وإيصالها إلى أكبر قدر ممكن من الناس، وما زالت تتابع هذا النشاط في عام 2009 بسلسلة من الفعاليات التي انتقت أماكنها بعناية، مرتكزة على مشاركة أهم الفرق الموسيقية السورية والمختصة بأنماط مختلفة من الموسيقى.

ويستمر هذا المشروع بدعم وتمويل من محافظة دمشق، وذلك ضمن خطة المحافظة في «دعم المواهب الموسيقية الشابة وتعريف الجمهور السوري على أنماط موسيقية جديدة ومحدثة» وضمن احتفاء محافظة دمشق بالصيف على طريقتها، عبر سلسلة من النشاطات الثقافية والفنية ليس أولها مشروع «موسيقى على الطريق»، ولا آخرها معرض دمشق الدولي في موعده الجديد.


موسيقى على الطريق

وتقول جمعية «صدى» عن هذا المشروع: «هي فكرة ذات أبعاد ثقافية متعددة من أهمها تقريب الناس من الموسيقى الجادة، من خلال إقامة حفلات موسيقية في أماكن تواجد الناس اليومية، بعيداً عن جدران قاعات الحفلات الموسيقية ورسمياتها، وبالتالي المساهمة في إعادة فكرة ربط الموسيقى الجادة بالحياة بطريقة مباشرة وحية».

وتهدف الجمعية من خلال المشروع إلى تحقيق جملة من الأهداف، من أهمها:
- تطوير الذائقة الفنية للجمهور السوري.
- تعريف الجمهور السوري على أنماط موسيقية محدثة أو جديدة.
- تطوير حالة ثقافية موسيقية تفاعلية دورية في الحدائق العامة وغيرها مع أنشطة ثقافية مواكبة.
- توليد فرص عمل متنامية للموسيقيين السوريين المحترفين والهواة تتناسب مع أعدادهم المتزايدة وتشجيع إقامة فرق موسيقية جديدة.
- تقديم الدعم الفني للفرق الموجودة.
- تفعيل الحدائق والأماكن العامة تثقيفياً مع إمكانية تنظيم نشاطات مرادفة للموسيقى مثل عرض الأعمال الفنية أو غير ذلك.
- تثقيف عام موازي بيئي يتعلق بالنظافة والعناية بالمكان.
- تشجيع النقد الموسيقي الموازي عبر تفعيل تغطية إعلامية مناسبة.
- ترسيخ تقاليد اجتماعية ثقافية للاستماع للموسيقى.
- تشجيع الأسرة، خصوصاً الأطفال والنساء، على الاهتمام بالموسيقى والأنشطة الثقافية.
- تطوير المعرفة الموسيقية من منطلق «التذوق عبر المعرفة» عن طريق الشروح المكتوبة والتي يتم إلقاؤها بشكل جذاب.

يدير هذا المشروع الموسيقي شربل أصفهان، ويساهم فيه عدد كبير من الفرق الموسيقية السورية وهي: فرقة ارتجال، التخت الشرقي النسائي السوري، أوركسترا أطفال الشمس، أوركسترا طلاب المعهد العالي للموسيقى بدمشق، أوركسترا الجاز السورية، فرقة بيركيومانيا للآلات الإيقاعية، تجمع وشاح الوتري، جوقة ألوان، خماسي دمشق النحاسي، رباعي أورفيوس الوتري، رباعي طويس، وفرقة موسيقى الجيش العربي السوري.

وتقدم هذه الفرق عروضها في الأماكن التالية داخل مدينة دمشق: حديقة المنشية (بجانب فندق الفورسيزن)، حديقة تشرين (بجانب مجلس الوزراء)، حديقة الجاحظ (في المالكي)، وحديقة دمشق (شرقي التجارة).


من إحدى جولات «موسيقى على الطريق»
في حدائق دمشق

وعن هذا المشروع يقول الأستاذ ميساك باغبودريان قائد الفرقة السيمفونية الوطنية السورية: «لقد كانت تجربتي الشخصية في المساهمة ضمن هذا العمل من خلال أوركسترا طلاب المعهد العالي للموسيقى مفاجئة بالنسبة لي، فقد كان الحضور هادئاً تماماً لمدة خمسين دقيقة من العزف، رغم أننا كنا نعزف في جو مفتوح، وقد حاول الجمهور التفاعل مع العازفين، وكان هناك فضول للتعرف على هذا النوع من الموسيقى التي يندر أن تُسمع في الأماكن العامة، وكان هناك احترام واضح لما نحاول أن نقوم به، وبالتالي كانت التجربة مشجعة إلى حد كبير».

وفي سؤال للأستاذ ميساك عن مدى جدية التلقي والتذوق الموسيقي في مثل هذه المناسبات والأماكن، حيث أن من يذهب ليحضر حفلة موسيقية في الأوبرا مثلاً يتقصد الذهاب إلى تلك الأمكنة لسماع الموسيقى، أجاب الأستاذ ميساك: «أصدقك القول، لدي ثقة بالجمهور العادي الذي قد يجتمع حول فرقة موسيقية في الطريق أكثر ممن يحضرون الحفلات في المسارح وصالات العرض، والذين يحضر الكثير منهم لأسباب أخرى غير تذوق الموسيقى، وعلى كل حال، هنا يكمن دورنا في محاولة تطوير حالة التلقي لدى الجمهور ومحاولة تقريبهم من الجو أكثر، وقد حاولت إبان مشاركتنا في فعاليات موسيقى على الطريق، أن أبتكر ما يمكن أن يساعد جمهور المستمعين والمشاهدين على الاستمتاع أكثر بما يحضرونه من خلال تقديم معلومات بسيطة حول المقطوعات الموسيقية المشاركة في العرض وتعريف الحاضرين بتاريخها ومؤلفيها أو تقديم شرح حول آلة ما من الآلات الموسيقية المستخدمة في العرض، وقد رأيت أن هذا قد أتى بنتائج إيجابية في نوعية تلقي الجمهور لما كنا نقدمه».

ويتابع الأستاذ ميساك: «إنني أشجّع هذه التجربة بشكل كبير، ولكن هناك الكثير من العمل كي نقول أنها نجحت، وأول ما تحتاجه هو القدر المناسب من الدعاية والترويج، ولدي اقتراح شخصي للفرق المشاركة، ألا وهو توزيع أقراص مدمجة (CD) تحتوي ما تقدمه الفرقة من معزوفات ضمن الحفل، وهي فكرة قد تكون مكلفة بعض الشيء ولكنها تؤسس لجمهور موسيقي سوف يأخذ بالتنامي شيئاً فشيئاً، مما يضفي على عملنا هذا نوعاً من الديمومة ويسمح بتوسيع قاعدة متذوقي الموسيقى بشكل عام».

اكتشف سورية

Share/Bookmark

صور الخبر

موسيقى على الطريق

موسيقى على الطريق

موسيقى على الطريق

بقية الصور..

اسمك

الدولة

التعليق