الفنان محمد عمران في غاليري قزح

02 05

تمثيل الإنسان في حالاته المختلفة

في لقاء مع الفنان الشاب محمد عمران أثناء معرضه المميز في «قزح آرت غاليري» والذي ضم رسومات بالأبيض والأسود، ومجموعة أعمال نحتية للفنان، تميز بها بأسلوبه النحتي عن باقي الأعمال النحتية المعمول بها في هذا المجال، مما ينبئ بموهبة قادمة بقوة وثقة بالنفس سيكون لها بصمتها الفنية على الساحة التشكيلية السورية. وهذا ما عودتنا عليه صالة قزح، فهي تفاجئنا بين فترة وأخرى بنشاطات نوعية، تساهم في اكتشاف المواهب الشابة والمميزة، وتعمل بشكل منهجي على تسليط الضوء على هذه المواهب وصقلها ضمن مجموعة من الفعاليات المدهشة.

وفي اللقاء الذي أجراه اكتشف سورية مع الفنان محمد عمران، والذي مدد معرضه إلى السابع من أيار الجاري كان لنا هذا الحوار:

في معرضك هذا توجد مفردات متعددة في تكوين العمل النحتي، ولكن يبقى الإنسان محور هذه المفردات، هل يمكنك أن تحدثنا عن هذا الموضوع؟

«الإنسان هو العنوان الرئيسي لهذا المعرض، فقد كان هاجسي منذ تخرجي من كلية الفنون الجميلة، حيث بدأت باستخدام الجسد بطرق تعبيرية مختلفة، وكنت أقرب إلى الواقعية في صوغ هذه الأعمال، ثم بدأت أُدخل مفردات جديدة، فأدخلت الكرسي وبدأت أصوغ علاقة الكرسي مع الإنسان، لفهم العلاقة بين مفهوم الثابت مع المتحول». ويضيف الفنان عمران: «إلى هذه اللحظة، تبقى رؤيتي الفنية في منطقة الدراسة والبحث، أي لا توجد أشياء ثابتة أبدا في عملية التكوين الفني».

لكل فنان هويته الخاصة في تشكيل منحوتاته الفنية، هل اعتمدت على التشويه هوية لأعمالك هذه؟

«بدأت الأعمال تأخذ هوية خاصة بها، بمعنى التمكُن أكثر في صياغة الشكل، وبنفس الوقت ازداد التشويه، والذي هو نتيجة لانعكاس البيئة والمحيط على الجسد البشري. حالة التشويه هي حالة تعبيرية مثيرة للفنان من خلال المبالغة في تقديم الجسد بصور جديدة ومختلفة، إضافة لدخول العربات في تكوين الشكل العام وتكوين محصلة النتاج، وبالمناسبة هذا المعرض نُفذ كمجموعة أساسية في 2007 قبل سفري إلى فرنسا لمتابعة دراستي هناك».

استخدمت الجسد كأداة تعبيرية في أعمالك هذه، ما مدى قوة هذا الخيار؟

«تتعدد مصادر الإلهام في الطبيعة، يوجد فنانون يأخذون من الطبيعة خطاً أساسياً لعملهم، وآخرون يعملون على المكان كخط آخر. بالنسبة لي يبقى الجسد هاجسي الأول، فهو مادة غنية كشكل فني وغني بالاحتمالات المتناقضة. من خلال إمكانية التشويه أو التحوير أو الإضافة أو الحذف، لخلق صيغ جديدة، ولتصل إلى مرحلة المفاجأة، فعندما تستنفذ كل فرص الاحتمالات لصوغ شكل جديد، تتفاجأ بفكرة أو بشكل جديد، وبرأيي الجسد مصدر غير متناهي كمادة للعمل الفني».


من أجواء المعرض
في قزح غاليري آرت
في دمشق القديمة

لنتكلم عن مادة البرونز كخامة أساسية في صوغ هذه الأعمال النحتية.

«موضوع خامة العمل هامة جداً بالنسبة للفنان، وخاصة في مجال النحت، فالنحات الذي يعمل بمادة الحجر له أسلوب مختلف عن النحات الذي يعمل بالطين، ويوجد نحاتون يجمعون كل الخامات لتشكيل أعمالهم من خشب وحجر ومعدن وبرونز وتشكيل معدني، ويمكن أن يتميزوا بهذه الخامات في التشكيل النحتي، بالنسبة لي يبقى العمل بالطين مادة أساسية للعمل مع العلم أن البرونز هو عملية متممة وهو الصيغة النهائية الذي يُقدم بها العمل، فعملية البناء تبدأ من الطين وهو مادة مطواعة، البرونز مادة نبيلة وقديمة وهو يملك هذا البريق الجميل وهي تخدمني كنحات، ومع ذلك أنا لست متعصباً لهذه المادة فقد نفذت عدة أعمال في السابق بخامات مختلفة مثل البوليستر».

تكلمت عن محور العجلة ولكن هنالك محور آخر وهو العلاقة الجدلية بين الرجل والمرأة وهي واضحة في أعمالك.

«هذه من الأفكار الرئيسية التي عملتُ عليها في مجموعة التخرج، يثيرني العمل الذي يحمل تناقضاً في تفاصيله، وأنا ميال إلى الأشياء المركبة، موضوع الذكر والأنثى موضوع حاضر دائماً في هذه الأعمال، حيث لا توجد هوية جنسية واضحة، وهذا يشبهنا فكل رجل وأنثى فيهما من الآخر ما يكفي للوصول إلى نقطة الالتقاء والتفاهم، وبهذه الأعمال حاولت أن أعمل على هذا الجانب، يوجد شرخ كبير يفصل ما بين الجنسين، جاعلاً منهما عالمين مختلفين، بوجود أفكار وصراعات متداخلة تكمن في طبيعة العلاقة الجدلية بين الرجل والأنثى وخاصة في العالم العربي».

ما رأيك في تطور عملية التشكيل النحتي في سورية؟

«توجد تجارب فردية أكثر منها مؤسساتية، توجد تجارب مهمة للرواد منهم سعيد مخلوف ومروان قصاب باشي ومن التجارب الأكثر حداثة يوجد فايز نهري ثم زهير دبّاغ ومصطفى علي ونهر البارودي وعاصم باشا الذي يعيش في غرناطة بإسبانيا. وبرأيي توجد فجوة وقطيعة بين الأجيال الفنية لا أعرف سببها، وبرغم ذلك توجد موجة من الشباب التشكيليين ومنهم النحاتين والمحمّلون بأفكار جديدة، وهم أكثر انفتاحاً على التجارب المعاصرة من الجيل الأقدم، ومنهم رندا مدّاح من الجولان السوري فهي من أهم التشكيليات السوريات وتوجد نسرين بخاري وبشرى مصطفى ويامن يوسف وباسل سعدي، وكل منهم مميز بطريقة خاصة».

الفنان التشكيلي غازي عانا

وفي حوار لـ «اكتشف سورية» مع الفنان غازي عانا يقول: «محمد عمران كان طالباً مجتهداً في كلية الفنون الجميلة وتخرج بمعدل عالٍ، وأنا متابع لأعماله منذ أيام تخرجه وإلى الآن».

وعن رأيه في هذا المعرض يقول الفنان غازي عانا: «يوجد تكثيف للأساليب الفنية في معرضه هذا، بوجود أكثر من أسلوب فني في أعماله، وعمران فنان واقعي جيد، فهو يعمل على الحالات الإنسانية ومكنونات النفس وما وراء الشكل، من خلال تكثيف للحالة الإنسانية، وهو مُلخِّص للواقع بمنحوتات فنية معبرة». ويضيف: «توجد حالات واضحة من اليأس والإحباط وضغوطات الحياة في هذه الأعمال، من خلال المبالغة التي تصور الواقع بشكل دقيق، لما يتخلل هذا الواقع من تشويه للقيم الإنسانية المعاصرة». ويتابع الفنان عانا قائلاً: «الفنان محمد عمران يعمل على داخلية الإنسان بأسلوب تعبيري قوي، وما يميز عمله استخدامه لأصابع يديه مبتعداَ عن الأدوات التقليدية، مما يعطي لأعماله النحتية مصداقية حقيقية في تصوير الواقع».

محمد عمران في سطور:
- مواليد دمشق، 1979.
- إجازة من كلية الفنون الجميلة، قسم النحت، جامعة دمشق، 1999-2000.
- دبلوم (دراسات عليا)، قسم النحت، جامعة دمشق، 2001-2002.
- عضو بنقابة الفنون الجميلة بدمشق، 2001.
- معيد في كلية الفنون الجميلة بدمشق، قسم النحت، 2005-2007.

المعارض والمشاركات:
- معرض الشباب السوري الثاني، صالة الشعب، دمشق، 2001.
- معرض الشباب السوري الثالث، صالة الشعب، دمشق، 2002.
- معرض ربيع الفن (برعاية شركة شل)، بيت نظام، دمشق، 2002.
- المركز الثقافي الفرنسي، دمشق، 2002.
- بينالي المحبة الدولي في مهرجان المحبة، اللاذقية، 2003.
- مهرجان السنديان الثقافي، طرطوس، 2003.
- معرض مع الفنان ياسر صافي (حفر)، صالة زارة عمّان، الأردن، 2004.
- معرض مع الفنان بسام البدر (تصوير ضوئي)، المركز الثقافي السوري، باريس، 2004.
- معرض ألوان دمشق، صالة مصطفى علي، بالتعاون مع شركة (RC) الايطالية، دمشق، 2005.
- معرض إحياء الذاكرة التشكيلية في سورية، الجزء الرابع، برعاية الأمانة العامة لاحتفالية دمشق عاصمة للثقافة العربية.
- معرض فردي، صالة عشتار، دمشق، 2003.
- معرض فردي «Palette Art House» ، دمشق، 2006.

الجوائز والتقديرات:
- جائزة تقديرية، معرض الشباب السوري الثاني، 2001.
- الجائزة الأولى (النحت)، معرض الشباب السوري الثالث، 2002.
- الجائزة الكبرى، بينالي المحبة، اللاذقية، 2003.
- الجائزة الأولى (النحت)، مسابقة ألوان دمشق، صالة مصطفى علي، دمشق، 2005.


مازن عباس

اكتشف سورية

Share/Bookmark

صور الخبر

الفنان التشكيلي غازي عانا

التشكيلي محمد عمران في إحدى قاعات معرضه

الفنان التشكيلي محمد عمران

بقية الصور..

اسمك

الدولة

التعليق