فيلم حادثة النصف متر للمخرج سمير ذكرى

19 03

أعشق هذا الفيلم فهو يشكل ذاكرة الفن السينمائي السوري

«حادثة النصف متر» فيلم سينمائي روائي أُنتج في ثمانينات القرن الماضي، وقد شكل نقطة انعطاف في تاريخ السينما السورية وبداية الموجة التي سميت بعد ذلك سينما الشباب، وتبِعه جيل من رواد السينما مثل محمد ملص، وأسامة محمد، وعبد اللطيف عبد الحميد.
يتميز الفيلم بأسلوبه الذي يبتعد عن السردية التقليدية للقصة لصالح بنية درامية فسيفسائية تمثِّل دراسة شاملة أفقية للمجتمع، تقدم صوره بلوحات وارتباط أحداث ليَخرج الفيلم في النهاية على شكل بحث اجتماعي معاصر عن سورية في ذلك الوقت من الزمن.
بالرغم من أن الفيلم يتناول أحداث عام 1967 وشخوصه وهو عام النكسة والهزيمة، إلا أنه حقيقةً بدا في عرضه الأخير الذي جرى في المركز الثقافي الفرنسي في الثالث من آذار 2008 أكثر معاصرة، وذلك جعل مخرجه سمير ذكرى يشعر بالخيبة والألم، فيقول «بعد إعادة عرض فيلم "حادثة النصف متر" المنتَج في ثمانينات القرن الماضي آلمني أنه كان معاصراً جداً، وكنت أتمنى أن يبدو الفيلم عجوزاً مترهلاً أو كأنه مضى وقته فذلك يعني أننا سرنا بخطوات ثابتة ومتقدمة بعيداً عن الواقع الذي انتقدتُه عام 1980، ولا يفرح السينمائي الوطني مطلقاً أن ينجح فيلمه ويخفق الوطن».
«وأشير إلى أن هذا الفيلم عندما عرض عام 1983 في معهد الفيلم الأمريكي، قالت عنه صوت أمريكا للسفير السوري في واشنطن آنذاك الدكتور جوقجاني "إن خطورة الفيلم تتأتى من كونه لا يتناول هزيمة الجبهة عام 1967 وإنما هزيمة المواطن في الداخل"».
«في الواقع لا تزال أسباب الإخفاقات ذاتها مستمرة، أي إن هذه المعاصرة في أحداث الفيلم تأتت من كونه كُسي بطابع حدثي لم يحدث فحسب إنما قد يحدث دائماً في ظل الواقع العربي المؤلم».
يضيف سمير «عندما صورت الفيلم لم أكن أفكر به بل بمشاكل مجتمع، ووجدت أنه إن ظلت الحلول غائبة فهذا يعني أن عملي الفني سيستمر، وفعلاً جاء فيلم "تراب الغرباء" رداً على الأفلام الثلاثية التي قدمت فيها توصيفاً للمجتمع العربي السوري (حادثة النصف متر، ووقائع العام المقبل، وعلاقات عامة) وقد انطوى جواب "تراب الغرباء" على آراء الكواكبي من حيث فصل الدين عن الدولة والنهوض بواقع المرأة والعدالة والمجتمعات الديمقراطية وما شابه من الفكر التنويري، ومن جهة أخرى جاء رداً على ظهور حركة طالبان التي أدخلت الإسلام في كهف من الظلامية».
من الأهمية بمكان الإشارة إلى أن أول عرض للفيلم كان في مهرجان البندقية لعام 1981 وقد تأخر عن العرض الإعلامي لمدة يومين فأُخرج من دائرة المسابقة ليكمل جولته الأوروبية المتوسطية من مهرجان لندن إلى لوس أنجلوس فالبندقية فقرطاج ثم حيازته للجائزة البرونزية في مهرجان فالنسيا.
يؤكد سمير: «أعشق هذا الفيلم، فهو يشكل ذاكرة الفن السينمائي السوري، وكما أسلفتُ فقد كنتُ أتمنى أن يَخفق باستشراقاته السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي تخص الواقع العربي عامة وتشمله».
«حالياً أعكف على تحضير فيلم "حراس الصمت" عن الرواية المستحيلة "فسيفساء دمشقية" للسيدة غادة السمان، وحراس الصمت استمرار لبحثي ودراستي عن المجتمع السوري وتحديداً دمشق من أربعينات القرن الماضي حتى عام 1956، ولا أعتبره خارج مشروعي الفني والثقافي مطلقاً، فهو ينطوي على رؤية متنورة في رصد سلوكيات المجتمع العربي وفكره وأنا مع رؤية كرؤية الأديبة غادة السمان وعبد الرحمن الكواكبي، مع رؤية ناقدة متنورة تطرح مشروعاً مستقبلياً».
يذكر أن حادثة النصف متر عبارة عن فيلم روائي تدور قصته حول موظف في قسم الضرائب يلتقي فتاة ذات يوم في باص، وفي نصف متر تبدأ قصة حب بينهما، والفيلم يتطرق أيضاً إلى جملة من القضايا اللصيقة بحياة المواطن اليومية، وقد أُنتج عام 1980 ومدته مائة وخمس دقائق.
عام 1986 أنجز المخرج سمير فيلمه الثاني «وقائع العام المقبل» ثم «تراب الغرباء» 1996، ليكون آخرُ أفلامه عام 2003 «علاقات عامة».


رياض أحمد

اكتشف سورية

Share/Bookmark

صور الخبر

بقية الصور..

اسمك

الدولة

التعليق