خالد الساعي يُحلِّق في فضاءات الخط العربي

19 01

في معرضه بالمركز الثقافي الفرنسي

بدعوة من المركز الثقافي الفرنسي يعود الفنان خالد الساعي إلى دمشق ليقدم مجموعة أعمال تتوزع بين الورق والقماش وهي حصيلة ترحال قارب العشر سنوات بين مدن العالم، أعمال هي نتاج تجربة إنسانية فنية واستكشافية، يثبت فيها خالد الساعي أن الحرف العربي طريقة تعبير ثرية لا تقف عند حدود شكلية أو رمزية.

يركز الساعي على نوعين من الخط: خط الثلث الذي يمثل القوة في التصميم والبناء، وخط الديواني الجلي الانسيابي الذي يمثل النقيض، ما يساهم في فتح مساحة الإيقاع في عمله.

تقول السيدة عائشة خرّوبي مديرة المركز الثقافي الفرنسي في دمشق: «رائعةٌ هي أعمال خالد الساعي، لأنها لوحات تتشح بألوان رهيفة. فعبر اللون، يعبّر المعلّم عن أحاسيسه ويوقظ مشاعر الجمهور. ولأن هذه اللوحات ثرية بمشاربها، فان خالد الساعي يُسهم في تطوير فنّ الخط العربي شرحاً وتدريساً. تتميز أعمال خالد الساعي بحركة خطوطها ورشاقتها وشفافيتها، وبالمساحة المليئة والفارغة، بالمحسوس والمجرد، بالكبير والصغير، وتثير انفعالاَ فنياً وروحياً نريده أن يستمر فينا ويبقى».

وتقول كارين آدريان مؤرخة للفن والفن الإسلامي: «تمثّلت أيضا مسيرة خالد الساعي في نسخ نصوص معينة، منها نصوص كثيرة لجلال الدين الرومي كما خطط قصائد معاصرة وأنجز نحو ستين عملاً مكرساً لأبيات الشاعر الفلسطيني محمود درويش، وقد سعى دائماً في هذه الأعمال إلى الخروج من أسر الخط التقليدي إلى إدراك المعاني العميقة للقصائد، فخلق بالشكل صلة دقيقة مع المخيلة البصرية.

وفي حديث للفنان خالد الساعي مع «اكتشف سورية» قال: «يأتي تنوع المعرض من حيث المكان التي أنجزت فيها اللوحات، فهنالك أعمال أُنجزت في المغرب وفرنسا والولايات المتحدة وفي الإمارات العربية المتحدة، أما على صعيد المواضيع فإنني أعمل على الموضوع الموسيقي، فقد عملت على المقام الشرقي وتحويله بصرياً إلى حرف، كما اشتغلت على المناخ الموسيقى الأوروبي كموسيقى الجاز وكيفية اختلاف تحويلها بصرياً عن المقام الشرقي، إضافة لمواضيع أخرى تتوزع بين المواضيع المادية والروحية، فهنالك عمل عن مدينة سمرقند وعن طشقند وعمل عن مدينة الأولياء، وتوجد أعمال مستمدة من الطبيعة تعبر عن مناخات جغرافية زرتها ومنها مدينة أصيلة، خروجاً إلى الأماكن المفتوحة، إذ لدي عملان عن المجرات الكونية وكيفية تحول الحروف إلى حالة حركية تتماشى مع الانفجار أو الصمت المطبق. وفي النهاية هي محاولة إعطاء تنوع كبير للمشارب التي يأخذها عملي».

وحول سر الحرف العربي الذي استطاع أن يفرض نفسه في عالم الفن التشكيلي يقول الفنان خالد الساعي: «يقول الشاعر الفرنسي المعاصر برنار نويل: ما من لغة تمتلك خط تشكيلياً يرتبط فيه الحرف بالشكل كاللغة العربية». وأضاف: «منذ 1400 سنة والعمل قائم على تطوير الحرف العربي وتحويله إلى لغة بصرية تشكيلية، وبمعزل عن اللغات الأخرى التي بقيت لغات تدوينية لحفظ المعنى، أما في اللغة العربية فيوجد فن قائم بذاته، فلكل حرف بنيته وأبعاده وأشكاله المتنوعة والمختلفة، وهذا سر اختلاف الخط العربي من رقعي إلى كوفي إلى ديواني وغيره». وأضاف قائلاً: «إن كل منطقة في الوطن العربي بالإضافة إلى الدول التي تستخدم الحرف العربي أخذت خطاً مناسباً لها ومستمداً من جغرافيتها وبنائها وهندستها، فخط التعليق مأخوذ من طهران، وخط الثلث من بغداد مستقى من الدائرة، فبغداد عند تأسيسها كانت على شكل دائرة، ومن هنا تأتي الإسقاطات، إذاً للحرف بُعده الجغرافي والزماني والموسيقي وبعُده الرقمي، وكل هذه الأمور أعطت للحرف العربي شرعيته ليكون لغة تشكيلية قائمة بحد ذاتها».


وعن مساهمة دمشق في تطور الخط العربي قال: «بكل تأكيد لدمشق تاريخ طويل في هذا التطور فمن العصر الأموي نجد إبراهيم الشجري الذي طور خط النسخ وهذا قبل 900 سنة، ويكاد يكون خط النسخ دمشقياً، وتوجد خطوط أخذت من دمشق طابعها الخاص والمختلف، فحالياً نقول خط التعليق الشامي حيث توجد الرقة والسلاسة واللطافة وهذه خصوصية دمشق، وفي القرن العشرين بزغ عدد كبير من الفنانين التشكيلين المهمين الذين اشتغلوا على حركة الحرف مثل الفنان السوري الراحل محمود حماد وأيضاً عبد القادر أرناؤوط وسامي برهان وغيرهم.

وفي نهاية اللقاء توجه الفنان خالد الساعي بالشكر إلى إدارة المركز الثقافي الفرنسي وإلى كل الحاضرين الذين عبروا عن ثقافة شعب بأكمله.

يذكر أن المعرض مستمر لغاية 4 شباط 2009 في المركز الثقافي الفرنسي بدمشق.
خالد الساعي في سطور:

حصل خالد الساعي على شهادة الدراسات العليا من كلية الفنون الجميلة بدمشق، وحصل على إجازة في فن الخط من استانبول بإشراف البروفسور علي ألب أرسلان.

أقام أكثر من 20 معرضاً فردياً، منها:دمشق، 2000، معهد العالم العربي، باريس 2002،  متحف الفن في ميتشغان، الولايات المتحدة، 2002، دبي 2005، «لغات الصحراء» في متحف الفن في بون، ألمانيا، 2005، «نور» في غاليري مونكالم للفن كندا، 2008.

حاز خالد الساعي على العديد من الجوائز منها:
جائزة الحداثة في الخط في بينالي الشارقة الدورة الثالثة 2008، الجائزة الأولى بخط الديواني الجلي في المسابقة الدولية السابعة لفن الخط استانبول 2007، الجائزة الأولى بالخط التقليدي في مهرجان الخط العالمي الأول طهران 2007، بينالي الفنانين الشباب، إيطاليا، وفي عام 1997 منح شهادة التميز، وسمي أحد أفضل عشرة خطاطين عالميين.

أعماله مقتناة من قبل العديد من المتاحف منها: المتحف البريطاني، متحف دنفر، كولورادو أمريكا، متحف سان بيدرو المكسيك، متحف الفن الحديث المغرب، متحف الشارقة لفن الخط.


مازن عباس

اكتشف سورية

Share/Bookmark

صور الخبر

بقية الصور..

اسمك

الدولة

التعليق

شادي الشرع:

أعمال جميلة جدا أثرت في النظرة الجمالية للخط العربي التشكيلي المستوحى من الأصالة والتراث الفني الإسلامي

الأردن

Maher Aloubaid:

الفن موهبة كريمة رفيعة المستوى .من هباه الخالق عز وجل .التي يخص بها من احب من البشر .
من اروع ما يكتب لغزه !!!!!!!!!!!!!!!!!!
مع تمنياتي لك بي التالق في سماء الفن بالشكل الذي يليق بي فنك الرفيع المستوى .وشكرا

UAE