شاعر الطفولة معاوية كوجان.. أحب الطفولة وما زال يعيشها

16 كانون الأول 2014

.

أحب الشاعر معاوية كوجان الطفولة ولا يزال يعيشها بكل معانيها من البراءة والعفوية والصدق وهذه الصفات لايزال يتمسك بها في سلوكه وعطائه الأدبي فسخر اتقانه لعلوم اللغة العربية ومنها علم العروض ليكتب أشعارا للأطفال تكون لهم زادا أدبيا ومعرفيا وتربويا يستقون منه شيئا من المتعة والفائدة يرافقهم في تقدمهم في المراحل العمرية المختلفة.

ونهل من عوالم الأطفال أفكاره وموضوعاته وصب ذلك كله في قصائد رقيقة رشيقة جمعت بين الإمتاع والفائدة وحرص فيها الشاعر على ترسيخ المثل والقيم والمبادئ الفضلى والمثلى التي تربينا عليها.

وفي حديث للشاعر مع سانا الثقافية قال كوجان عن ولادة قصيدة الطفل.. «أراقب كل صباح بتمعن أطفال المدارس حاملين حقائبهم المدرسية وهم يوزعون ابتساماتهم البريئة على المارين في مشهد يسحرني ويهز إحساسي ويجعلني أعود بذاكرتي إلى طفولتي الأولى فيختلج في كياني شعور من الشوق والحنين إليها ويبرز في مخيلتي طيف أو فكرة أتخذها عمودا لكتابة قصيدة أهديها إلى عالم الأطفال».

وتتوزع الموضوعات التي عالجها كوجان في مجموعاته الشعرية الثلاث إلى ثلاث دوائر الأولى تربوية نجد فيها قصائد تعلم الطفل العناية بأسنانه كقصيدة سوس وقصيدة يقول الصابون والدائرة الثانية تعليمية يعلم فيها الشاعر الطفل بعض القيم والمثل العليا كحب العلم كما في قصيدة العودة إلى المدرسة وقصيدة يقول الديك التي يعلم فيها الطفل حب العمل وقصيدة الصياد والسمكة التي يعلم فيها قيمة إحسان الإنسان للحيوان أما الدائرة الثالثة فهي اللهو والامتاع وما يمكن أن نسميه اللعب واللهو وكان لابد من حضور عالم الحيوان لما للطفل من ميل كبير وانفعال به كقصيدة موعد مع البحر وقبل الثلج ونشيد الفرح.

وعن مدى تأثير الشعر في طفلنا العربي قال الشاعر كوجان.. «كنت وما زلت أشارك في أصبوحات شعرية مخصصة للأطفال في المراكز الثقافية المنتشرة في محافظة حماة وريفها وكان بيهرني ذلك التفاعل المدهش بين ما أقرأ من شعر وما يرتسم على وجوه الأطفال من سعادة تدل على وصول المعاني التي تشتمل عليها القصيدة التي ألقيها وعلى نجاحها في التأثير بهم فكرا وسلوكا فكنت أجري في نهاية كل أصبوحة حوارا معهم أطرح فيه بعض الأسئلة التي لا تخلو من العمق والصعوبة وكنت أفاجأ بالإجابات الواعية والذكية لدى عدد غير قليل من أطفالنا وحدث ذلك عشرات المرات فخرجت بنتيجة أن طفلنا العربي طفل عبقري ولديه من الذكاء والقدرة على الاستيعاب ما يجعل شاعر الأطفال يطمئن على كتابته لأشعاره لأن متلقيا ذكيا اسمه الطفل سيستقبل قصيدته بترحاب وستؤثر فيه».

ويقول صاحب ديوان الصياد والسمكة.. إنه لا بد من توافر آليات كتابة قصيدة الأطفال وهي آليات أساسية.. أولا الغنائية أي الإيقاع الموسيقي والنغمي الذي يجب أن يتصف بقصر الوزن والرشاقة وقدرة هذه القصيدة على أن تكون مغناة ينشدها الأطفال بقبول واستساغة وأما الآلية الثانية فهي اللغة التي تختلف اختلافا كبيرا عن اللغة في شعر الكبار فلا بد من وضوح هذه اللغة وبساطتها ورصفها في جمل قصيرة بعيدة عن التعقيد ولابد لها أيضا من أن يخالطها شيء من بعض الألفاظ الغريبة التي لا يستخدمها الطفل والغاية من ذلك أن يزيد رصيده اللغوي من الألفاظ والمفردات.

ويتابع كوجان.. «أن الآلية الثالثة هي الصورة الشعرية فمن المعروف أن الخيال الشعري من تشبيه وكناية واستعارة هي أدوات مهمة وراسخة في قدرة القصيدة على التأثير في الطفل واستمالته وجذبه فالصورة الشعرية عند الطفل كقطعة حلوى يتناولها باستساغة وتلذذ وهي التي تجعله يستقبل القصيدة ويعيش معانيها ويطبق أفكارها في سلوكه وفي تعامله مع محيطه».

وعن تاريخ شعر الأطفال في الوطن العربي عامة وسورية خاصة قال الشاعر.. «إن شعر الأطفال هو فن أدبي حديث في الأدب العربي لا يزيد عمره على قرن واحد ولعل الإرهاصات لولادة أدب الأطفال كانت في مصر وكان وراء ذلك الأديب المصري كامل كيلاني الذي كتب قصصا للأطفال استقاها من تراثنا العربي ومن بعض المترجمات من الأعمال الغربية التي دخلت إلى الواقع العربي الأدبي وتلا ذلك ما كتبه أمير الشعراء أحمد شوقي من أراجيز وقصائد على ألسنة الحيوانات متأثرا بكتاب كليلة ودمنة لابن المقفع ذلك الأثر العربي المهم ثم أخذ شعر الأطفال يتطور ببطء في سورية وفي مصر أكثر من غيرهما من البلدان العربية حتى جاءت تجربة الشاعر الكبير سليمان العيسى الذي يعد رائد شعر الأطفال في سورية والوطن العربي».

وقد خلف سليمان العيسى في الكتابة لشعر الأطفال عدد لا بأس به من الشعراء يتفاوتون في المستوى الأدبي ولهم حضورهم وإبداعاتهم وكل منهم ينشر أعماله في دوريات الأطفال وعلى رأسها مجلة أسامة والطليعي مثل الشاعر محمد منذر لطفي وصالح الهواري وشوقي بغدادي وموفق نادر ووليد مشوح وآخرين.

ويرى الشاعر أن هناك تقصيرا في تخصيص حيز مناسب لطفلنا في ميادين مختلفة منها ما هو إعلامي تلفزيون وإذاعة وصحف ومنها ما هو مؤسساتي كوزارة الثقافة واتحاد الكتاب والمنظمات الشعبية فلا بد من زيادة ورفع مستوى البرامج والأنشطة والمناهج المدرسية المخصصة لطفلنا والارتقاء بها وتطويرها وفق المستحدثات العصرية ولا سيما بعد انفتاح طفلنا على عالم الانترنت وما أفرزته من منافذ اتصال واسعة ومتعددة.

وختم الشاعر بالقول.. «طفلنا العربي كنز غال وثمين جدا لما لديه من الذهن المتقد والعقل القادر على استيعاب كل المعارف العصرية والعلمية لذلك على الجميع أن يوليه الاهتمام كله وأن يكون هناك تعاون مؤسساتي على الصعيد الأدبي والتربوي والتعليمي لتقديم الفائدة والمتعة له وأن نحرص جميعا على توفير الجوله لينمو ويكبر ويأخذ دوره في المستقبل لبناء مجتمع سليم معافى».

معاوية كوجان مواليد حماة 1970 مجاز في الأدب الانكليزي من جامعة حلب.. عضو اتحاد الكتاب العرب وعضو في جمعية أدب الأطفال.. يكتب الشعر للكبار والأطفال وينشر قصائده ومقالاته في الصحف والدوريات العربية ويشارك في الأنشطة الأدبية والثقافية التي يقيمها اتحاد الكتاب العرب ووزارة الثقافة منذ عام 1992 صدر له في ميدان أدب الأطفال ثلاث مجموعات شعرية هي الصياد والسمكة عام 2001 الحائزة المركز الأول في جائزة الشارقة للإبداع العربي وديوان هيا نلعب يا أطفال عام 2005 وديوان قطتي نيللي 2012 الصادرة عن اتحاد الكتاب العرب.


عيسى حمود وسهاد حسن

سانا

Share/Bookmark

اسمك

الدولة

التعليق