الديوان الشعري للأديب الشاعر اسماعيل عدره قصائد يتنازعها الرثاء والوجدان

15 كانون الثاني 2015

.

في الديوان الشعري للشاعر الراحل اسماعيل عدره قصائد في رثاء ولده الشاب الشاعر الشهيد نزار عدره والتي شكلت أغلب نصوص الديوان عبر ألحان وجدانية وخفقات قلبية حارة يطرح فيها تجربة حياتية غنية بالصدق والألم وفيها احساسات شائقة معبرة عن باعث وجداني ونفسي.

ولكن الديوان أيضا يضم عددا من القصائد التي تضمنت مواضيع أخرى فيها وصف لخواطر ورصد لتحولات انسانية واجتماعية وانعكاس لرؤى وطنية حتى يكون في ديوانه مزيجا عبقا يضيف إلى المكتبة العربية صوت شاعر نبيل.

ويرصد الشاعر عدره عواطف الأسرة التي تراقب اللحظات الأخيرة لفراق ولدها وهي تعيش صراعا موءلما وموءسفا بين الأمل واليأس لتتلقى في النهاية أصعب لفظة وجيعة وحزينة في الحياة أن الابن قد مات ولن يرجع كما في قصيدته الليل الأول التي تصور مشاعر الأبوين المفجوعة ويقول فيها..

أبكيك أم أبكي هوى وشبابا .. يا برعما ندى الوجود فطابا

قد كنت أرجو أن أكون لك الفدى .. فذوى الرجاء بمقلتي وخاب.

ويصور الشاعر عدره في قصيدته الليل الأخير تلك اللحظات التي تعيشها الأسرة بعد رحيل ولدها حيث يختار الشاعر رويا حزينا مناسبا للمقاسات وبحرا واسعا يتسع لكل الآلام والأشجان والحوارات فيقول..

فهشام يسألني سوءالا كالردى .. بابا ألف نزار بالأكفان

أيموت يا بابا حبيب أحبتي .. أيموت .. قل لي أم تراه يراني

بابا وينفجر النداء مزلزلا .. جلدي وروحي في الأسى كياني

أنى الاجابة والجراح وجيعة .. والحزن يترا والعيون روان.

وفي المجموعة بعض النصوص الغزلية التي تميزت بالحب البريء والألق السامي وانتقاء الألفاظ التي توخى خلال نسيجها الحذر حتى يدخل التاريخ على أن نصه الشعري يندرج في صفحات الحب العذري إضافة إلى اهتمامه بالانسجام اللغوي والتشكيل الفني وانتقاء النغمة الموسيقية كما جاء في قصيدته /يقولون أهواك/..

أأهواك فوق الحب حبك والهوا .. وفوق ذرى الايمان أحلامك الخضر

أأهواك وهم ان ينالك خافق .. ووهم تنال الشمس والنجم والبدر.

ويتناول الشاعر المناقب الايجابية للقامات الوطنية التي ضحت من أجل وطنها وبلادها فجاءت قصائده على منوال مختلف عن الرثاء والحب حيث مالت إلى الحماس والاندفاع والوقوف بجانب الشجاعة كما جاء في قصيدة /المطران كبوشي/..

حرا وقفت وحولك الأشرار .. يا سيف يعرب باركتك الدار

يا فارس الايمان أنت لأمتي .. صوت السماء وعصفها الموار.

كما كتب الشاعر عدره بعض قصائده إلى قامات فنية دخلت التاريخ فكانت قصيدته أمير الفن إلى المطرب الراحل فريد الأطرش معبرة عن أهمية هذا الفنان على مستوى الوطن العربي والعالم ومدى محبة الناس لغنائه وألحانه فقال ..

يا هزار غن للشجي .. وابعث الآهات حرى كالشرر

همد القلب الذي ادفأنا .. في صقيع العمر فالدنيا غرر.

وفي المجموعة محاورات شعرية بين الشاعر عدره وأصدقائه الشعراء فجاءت قصيدته التي رد فيها على تحية صديقه الشاعر محمد منذر لطفي بأسلوب معارض مستخدما البحر والروي ذاته متابعا النفحات التي عبقت من قصيدة زميله فقال..

غنيت الحرف الأصيل أنيق .. وهززت شعبا فالأنام تضيق

يا فارس الميدان أنت لأيكنا .. في موسميه زنابق وشروق.

وكان الشاعر عدره يشارك أصدقاءه الحزن والأسى في رحيل أحبتهم فها هو يعزي الشاعر اسماعيل عامود بوفاة زوجته أم فداء دليلا على الاخلاص الذي كان يسود بين الشعراء قبل أن تنهال موجة الشعر القادمة من الغرب لتعصف بتلك المودة فقال في قصيدته البلبل المفجوع..

رحلت فيا نبعا من الطهر يرحل .. وجدتي بفيض الروح فالبشر يأفل

وقد كنت للأزهار روضا منورا .. فجفت عيون الروض فالليل يسدل.

الديوان الشعري الذي نشرته مؤخرا الهيئة العامة السورية للكتاب يقع في 265 صفحة من القطع الكبير غلب على قصائده البحر الكامل وعاطفة الرثاء والحزن والأسى كما تميز الديوان بشاعرية دفاقة تستحق الاهتمام والانتشار لتأخذ مكانها في صدارة الشعر العربي الذي ما برح يبشر بمستقبل الشعر الأصيل.


محمد الخضر

سانا

Share/Bookmark

اسمك

الدولة

التعليق