أكثم عبد الحميد: الحدائق النحتية السورية في إسبانيا أهم مشروع ثقافي سوري في الغرب

09 تشرين الأول 2014

.

قبل عشر سنوات مضت خرجت إلى النور الفكرة التي أطلقها الفنان والنحات السوري أكثم عبد الحميد في اقامة الحدائق النحتية السورية في مدينة المونيكار التابعة لمقاطعة غرناطة الاسبانية والتي كانت أول مدينة يدخلها الأمير عبد الرحمن الداخل في الأندلس حيث أقام أهالي المدينة تمثالا من البرونز للداخل بارتفاع 4 أمتار واختيرت صورة وجهه مع الزورق الصغير الذي أتى به ليكونا شعار الخاتم الرسمي لمجلس المدينة.

يقول النحات عبد الحميد مدير المركز الثقافي العربي السوري بمدريد في حديث لمراسلنا إن الحدائق النحتية السورية في اسبانيا من أهم المشاريع الثقافية السورية الاستراتيجية في أوروبا والغرب بدأت بعد الاتفاق مع مدير المركز الثقافي السوري في مدريد انذاك وتجاوب عمدة مدينة المونيكار عبر استضافة الفنانين النحاتين السوريين عدة مرات لتنفيذ ملتقيات نحتية في المدينة كما تجاوب أهل المدينة عبر سنوات العمل ليترك النحاتون السوريون ابداعهم الفني فيها شاهدا على حضارة وطنهم في أندلس الماضي.

ويضيف عبد الحميد من خلال هذه الملتقيات النحتية التي انتهت عام2010 .. تشكلت الحدائق النحتية السورية من اربعين عملا نحتيا في أهم حديقة ضمن المدينة لكونها تضم آثارا فينيقية وأشجارا متنوعة استقدمت من عدة مدن من العالم لتشكل هذه المكونات مع المنحوتات السورية حديقة رائعة الجمال من خلال ناتج إبداعي لأربعة ملتقيات في أربع سنوات.

ويوضح مدير المركز الثقافي السوري في مدريد أن الأعمال النحتية التي أنجزت في بقية الملتقيات النحتية وضعت بساحة في مدينة المونيكار سميت ساحة دمشق وضعت فيها مجموعة من التماثيل السورية بالإضافة إلى تزيين شاطئء البحر بعدة اعمال نحتية حتى أصبحت هذه المدينة ميدانا للجمال السوري متمثلة بالأعمال النحتية التي نفذها خمسة وستون فنانا سورية.

وعن عمله الإبداعي مع بداية الأزمة يقول النحات عبد الحميد إن بداية الأزمة كانت صدمة كبيرة بالنسبة لي من حجم الكذب والزيف الإعلامي والتكالب على سورية وتشويه الحقائق على أرض الواقع السوري مشيرا إلى اعتقاده بأن الأزمة كانت ستنتهي في وقت سريع لثقته بوعي الشعب السوري لكن خيوط اللعبة كانت أكبر من ذلك.

ولم تثن هذه الأزمة فناننا عن متابعة عمله كنحات فكانت له مشاركات عديدة دولية عام 2011 ومثل سورية بأكثر من عشر دول في ملتقيات نحتية عالمية مهمة ورفع العلم السوري في أكثرها وحصل على جوائز خلالها.

أما على الصعيد الإداري وبحكم عمله مديرا للفنون الجميلة في وزارة الثقافة في بداية الأزمة يوضح عبد الحميد أنه كثف العمل آنذاك في إقامة الملتقيات الفنية الدولية والمحلية والتي كانت تهدف إلى إعطاء صورة للعالم بأن الفن السوري ما زال متألقا وبأن سورية بلد الإبداع والتاريخ والحضارات.

ويقول: «واجهنا الصعوبات الكبيرة في موضوع استضافة الفنانين الأجانب ودعوتهم إلى سورية في بداية الأزمة نتيجة الإعلام المزيف الذي تسبب في تردد عدد منهم بالمجيء إلى سورية لكن نتيجة العلاقات الطيبة مع كثير من الفنانين في دول العالم جاؤوا ليقفوا إلى جانب الفنانين السوريين وينتجوا أعمالا فنية أثبتت للعالم أن الإبداع في سورية لا يزال ينبض بالحياة».

ويتابع.. «استمرت الملتقيات الفنية الدولية في سورية حتى عام 2012 وكان وجودها في تلك الفترة صدمة ايجابية كبيرة لكثير من الفنانين في دول العالم حيث كتب الكثير منهم عبر الانترنت.. دعونا نعلم حقيقة ماذا يحدث في سورية ..هل هناك حرب حسب ما نراه في الأخبار أم أن هناك ملتقيات للفن والإبداع فكانت الحقيقة تظهر نتيجة لصور الفنانين أثناء عملهم وأثناء جولاتهم الإطلاعية على الآثار السورية».

ويوضح عبد الحميد أن الملتقيات الفنية العالمية توقفت في سورية في ذلك العام إلى حد ما نتيجة الحصار الجائر على سورية والعقوبات المفروضة على حركة الطيران المدني إليها والذي ألحق الضرر بالتشكيليين السوريين من خلال الغاء مشاركاتهم في المهرجانات والملتقيات الفنية العالمية حتى لا يرفع العلم السوري فيها مبينا أن هذا الموقف تكرر في عدة دول أوروبية.

وعن عمله الإداري ومدى توافقه مع عمله الإبداعي يقول النحات عبد الحميد إن العمل الإداري بكل مواقعه وبكل سنواته كان سلاحا ذا حدين بالنسبة لي فخلال هذه الفترة الطويلة حاولت إيجاد توازن بينه وبين العمل الإبداعي وعاهدت نفسي أنه عندما يبدأ بالتأثير على فني سوف أقدم استقالتي منه فورا.

ويتابع.. «كانت لتلك المراحل من حياتي مساهمة في تنشيط إقامة الملتقيات النحتية الدولية والمحلية وإقامة المعارض التشكيلية المتنوعة ضمن سورية وخارجها بالإضافة إلى المشاركة في المهرجانات الفنية الدولية ما جعل عملي الإداري مساعدا لمشروعي الفني».

وحول واقع الفن التشكيلي السوري حاليا يرى مدير المركز الثقافي السوري في مدريد أن الأزمة لها دور بالتأثير على الفن التشكيلي في سورية عبر غياب دور الصالات الخاصة ما كان له الأثر الكبير على نشاط الحركة التشكيلية واقتصر النشاط على عمل وزارة الثقافة في تحمل أعبائه.

وفيما يتعلق بواقع النحت السوري يشير عبد الحميد إلى أن الملتقيات النحتية كان لها الأثر الكبير في تطور فن النحت بالهواء الطلق في سورية مبينا أنها ساعدت النحاتين السوريين على صقل مواهبهم والتعرف على تقنيات حديثة في عملية الإنجاز الفني وخاصة على الحجوم الكبيرة من الرخام أو الخشب والتعرف على العمل باستخدام الأجهزة الحديثة لأدوات النحت حتى أصبحت سورية من دول العالم التي تساهم في نشر ثقافة الملتقيات النحتية العالمية.

وحول دور الفن التشكيلي في إعادة إعمار سورية يوضح النحات السوري أن للفن التشكيلي دورا كبيرا في هذا المجال من خلال مشاركة كل أصناف الفنون التشكيلية في نسيج العمارة السورية من ساحات وحدائق وأبنية سكنية وحكومية لتتجانس الرؤية البصرية في المشهد الجمالي وتعطي هوية ثقافية نابعة من روح
التراث المعماري السوري الجميل.

وحول واقع التعليم في الأكاديميات الفنية السورية يقول مدير معهد الفنون التطبيقية سابقا إن ما ينقصنا في مسار التعليم الفني في الكليات والمعاهد والمراكز الفنية عدم التواصل مع التطور التقني الفني العالمي أو الاستفادة من تجارب الآخرين في التعليم الفني فالجهاز التدريسي لدينا في أغلبيته لايزال على النمط التقليدي في تدريس الفنون الجميلة والتطبيقية لذلك عندما يسافر الطالب لإكمال دراسته في الخارج يصطدم بالأسلوب المغاير لما درسه خلال سنواته الأولى.

ويتابع.. «يجب ربط المؤسسات التعليمية بالمشاركات المستمرة للأساتذة والطلاب في المهرجانات الفنية العالمية مع إقامة ورشات عمل مشتركة مع الفنانين الاجانب بإشراف خبراء أجانب وسوريين ما يمكن من التواصل العلمي والفني المشترك لخلق جيل تقني متطور يستطيع أن يطور العملية التدريسية والتطبيقية في مجال التعليم الفني».

ويتابع «لقد تعاونا مع بعض الجامعات والمنظمات الثقافية التي تهتم بالآثار والمتاحف بإقامة المعارض عن الآثار السورية لنبين فيها ما تعرضت له من ضرر وخراب مع إلقاء محاضرات لكشف ممارسات التنظيمات الإرهابية التكفيرية من سرقات وتهجير للسكان».

كما يعمل النحات عبد الحميد على تسخير علاقاته الدولية في خدمة المشروع الثقافي الفني السوري حيث تم انتخابه كمدير إقليمي لمنظمة النحت العالي /ايزم/ عن سورية وهي العضو الوحيد من كل الدول العربية ويقول .. «استطعت عبر هذه المنظمة تأمين مشاركات لكثير من الفنانين السوريين بملتقيات عالمية بالإضافة إلى مشاركاتي العديدة في دول العالم وإدخال معهد الفنون التطبيقية بدمشق كعضو مشارك ودائم في منظمة ايكوم العالمية للفنون والتي مقرها مرسيليا بفرنسا حيث كان المعهد مدعوا في كل عام للمشاركة بجميع نشاطاتها كما وضعت جميع النشاطات الفنية السورية الداخلية والخارجية على موقع الويب سايت لمنظمة /ايزم/ ما ساعد على التعريف بالفن السوري وجعل لبلدنا موقعا ضمن الدول التي تنشر ثقافة الملتقيات النحتية بالعالم.

ويختم النحات الذي حاز الجائزة الثانية في ملتقى 2011 طهران الدولي للنحت بالتعبير عن تفاؤله الكبير بالفن التشكيلي السوري قائلاً: «يحقق فننا حضورا جميلا في ساحات الفن العالمي وهذا ما نشاهده بالمهرجانات الفنية العالمية أو من خلال المشاركات بمسابقات فن النحت ضمن الملتقيات العالمية ونلمس ذلك من خلال حصول الفنانين السوريين على الجوائز العالمية وهذا يدعو للتفاؤل باستمرار تطور الفن التشكيلي السوري ووصوله إلى المكانة العالمية الراقية التي يستحقها».


محمد سمير طحان

سانا

Share/Bookmark

صور الخبر

من أعمالى الفنان اكثم عبد الحميد

من أعمالى الفنان اكثم عبد الحميد

من أعمالى الفنان اكثم عبد الحميد

بقية الصور..

اسمك

الدولة

التعليق