التشكيلي السوري الراحل ألفرد حتمل رسم بجوارحه وأحاسيسه

17 آذار 2014

من الواقعية إلى الرمزية شق مسيرته الفنية التشكيلية

واحد من أهم الفنانين التشكيليين السوريين على الساحة الفنية، فمسيرته جمعت بين الواقعية والرمزية، وبغيابه فقدت الأوساط الفنية التشكيلية أهم روادها ومؤسسيها.

والفن عند الفنان التشكيلي ألفرد حتمل وسيلة يستخدمه ليترجم به أحاسيسه، تجاه الوطن والأرض وأبناء وطنه، وكل شيء يحيط به، فكانت أعماله مميزة، ولوحاته أغنت التراث التشكيلي السوري.

رسالة ووسيلة
رسم ألفرد الإنسان بكل حالاته والأرض والريف بتفاصيله المختلفة، ولتراب منطقة حوران التي نشأ وترعرع فيها حضور دائم في أعماله، والفن بالنسبة له رسالة، يستخدمها الفنان كوسيلة تخدم الموضوع الذي يرسمه.

شق طريقه الفني بأسلوبه الواقعي الذي كان جلياً في بداية مشواره الفني، وعن واقعية حتمل، قال الفنان التشكيلي نعيم إسماعيل: «في أعمال ألفرد محاولات جادة وصافية للاستبقاء على الواقع، والاحتفاظ بالعلاقة المتينة الوطيدة بحياة الجماهير، ومعالجة المشاهد المألوفة والقريبة التي تحس بشكل واضح وصريح بمشكلات الشعب بمحبة عميقة، وإحساسات فنية غنية بعيدة عن التكلف والادّعاء».

أتقن صناعة اللوحة
اتخذ ألفرد في بداية السبعينيات أسلوباً مختلف اعتمد فيه على الرمزية، وبعد سفره إلى باريس في الثمانييات، تمكن بأسلوبه الذي اتبعه أن يترك بصمة خاصة به في كل أعماله ومشاركاته سواء المحلية أو العربية أو العالمية.

ويقال إن الفن عنده وسيلته الوحيدة لاستمرار الحياة، وبالنسبة له اللوحة صناعة وهو أتقن هذه الصناعة وقدم لها كل ما يمتلك، إذ كان دائماً يقول: «صناعة اللوحة، وتأمين مستلزماتها، شيء ضروري جداً، حتى يضمن الفنان للوحته القبول، وبالتالي تأمين التسويق لها»، والمتابع لمسيرة الفنان ألفرد الفنية يرى أنها تبلورت بثلاث مراحل الأولى طغت عليها الواقعية، والثانية أطلق عليها ملحمة الإنسان والأرض، أما الثالثة والأخيرة هي مرحلة النضج.


من أعمال التشكيلي ألفرد حتمل


طفل موهوب
ولد حتمل في لبنان بمنطقة بر الياس عام 1934، وهو رسام تشكيلي سوري، ومن مؤسسي الحركة التشكيلية السورية.

منذ أيام الطفولة ظهرت عليه موهبة الرسم، إذ كان يرسم باستمرار، وعندما كان في السادسة عشرة من العمر تلقى التشجيع من الفنان التشكيلي «ناظم الجعفري»، وبعد ذلك تتلمذ على يد الفنان «أدهم إسماعيل»، الذي كان له دور كبير في مسيرة حتمل إذ يقال إنه ساعده في تعزيز حسه الفني، ودفعه على أن يكون فنه خارجاً عن المألوف، كما نظم له ولمجموعة من الشباب معرضاً في المتحف الوطني بمدينة دمشق، وألفرد درس الرسم في مركز أدهم إسماعيل للفنون.

مساهم ومؤسس
عمل حتمل في البداية مدرساً لمادة الرسم في المدارس الثانوية وفي مركز أدهم إسماعيل للفنون، وبعد ذلك درس مادة الفنون في معهد الفنون ومركزي الفنون التشكيلية والتطبيعية في دمشق، في عام 1962 عمل في وزارة الثقافة مشرفاً فنياً، وكان أيضاً عضواً في نقابة الفنون الجميلة وهو من مؤسسيها، وساهم في العديد من معارض الدولة ومعارض الجمعية السورية ورابطة الفنانين السوريين، وفي عام 1965، ساهم في المعرض السنوي المتجول في سورية.

في الداخل والخارج
شارك حتمل في الكثير من المعارض سواء في داخل سورية أم خارجها، ومن مشاركاته معرض بنال الإسكندرية، ومعرض الربيع في اليونسكو في بيروت، كما نظم العديد من المعارض الفردية خارج سورية، إذ أقام معارض في مدينة روما، وفي المركز الثقافي السوري بباريس عام 1993، ومعرضاً في جنوب إفريقية وخلاله نال جائزة أفضل لوحة، وله معارض في مختلف الدول العربية منها الأردن سنة 1993.

ومجموعة من أعماله موجودة اليوم في متحفي دمشق وحلب، وأخرى في مؤسسات وزارتي السياحة والثقافة، وفي غيرها من المؤسسات الأجنبية في باريس، وقطاعات خاصة في مختلف أنحاء العالم.

الأرض والمرأة الريفية
لطالما كانت المرأة الريفية والأرض في أعمال الفنان عنصراً رئيساً، فلوحاته عكست معاناة الشعب، وقدم بفنه صورة صادقة وحقيقية عن هموم وآلام أبناء الريف بشكل خاص.

ومن أشهر أعماله، لوحة الخريف التي قدمها عام 1960، ولوحة نظرة صامتة عرضت في معرض الربيع بنفس العام، لوحة منظر، نظرة صامتة، والفتاة الريفية، أما لوحة العاصفة التي عرضت في المركز الثقافي بدمشق، فعبرت عن قدرة ألفرد على المعالجة والصياغة التعبيرية المعبرة عن الموضوع، حسب رأي النقاد.

وأيضاً اللوحة القروية التي رسمها للقرية، ولوحة الحصاد التي تعتبر من أهم هذه اللوحات.

فرشاته ثورة
وعن فنه وأسلوبه قال الفنان المرحوم غازي الخالدي: «أكثر ما كان يدهشني في أسلوب رسم ألفريد حتمل بالقلم الرصاص، هو جرأته وثقته بنفسه، وعدم خوفه من الأشكال التي يرسمها، فبالنسبة لي كانت مسألة الشبه تشغلني كثيراً، وكنت أخاف أن أرسم إنساناً ما، فتكون الصورة بعيدة الشبه عن الإنسان الذي أرسمه، أما هو فقد كان يقول لي: تأمل الشكل الذي أمامك بكل جوارحك وأحاسيسك فتجد نفسك ترسم الإنسان الذي يقف أمامك بكل بساطة».

أما الفنان التشكيلي عيد يعقوبي فكتب: «كنت أحس بثورة فرشاته وهي تنتقل على سطوح اللوحة ليخـاطب بها البسطاء بلغة الفن البسيطة، لغة الشعب الذي تتمثل فيه صفة الطيبة والبراءة والبساطة».
بعد مسيرة فنية تشكيلية غنية، استمرت لما يقارب 40 عاماً، توفي ألفرد حتمل في عام 1993، تاركاً وراءه كل أعماله التي نقلت هموم ومعاناة أبناء وطنه وعكست الوطن والريف والمرأة والفلاح.


لودي صارجي

الوطن السورية

Share/Bookmark

مواضيع ذات صلة:

اسمك

الدولة

التعليق