«بقايا شتاء» لرمضان إبراهيم: قصص فيها صور تفيض بالحياة

29 أيلول 2013

.

«بقايا شتاء» مجموعة قصصية جديدة للكاتب رمضان إبراهيم صادرة عن دار عروة للطباعة في طرطوس في 153 صفحة من القطع الوسط، وهي الثانية للكاتب بعد مجموعة «أقاصيص الغروب».

في قصص «بقايا شتاء» يتحرر إبراهيم من سطوة الماضي ومؤثرات البيئة الريفية التي اتسمت بها جل قصصه في «أقاصيص الغروب» فاتحاً نوافذه الإبداعية باتجاه دوائر حياتية جديدة لها صلة بالواقع الراهن، تتلمس وتعالج مشكلات وأحلام وهواجس الفرد والمجتمع السوري من زوايا متعددة.

إن إبراهيم كاتب دائم البحث عن أفكار جديدة وعن اللقطة القصصية المختلفة، فتراه كالمصوِّر الذي يحمل آلته متنقلاً من مكان إلى آخر مفتشاً عن صورة يمكن أن تكون وثيقة أو شاهداً على زمن سيمضي بعد قليل، حيث أن مواضيع قصصه تحمل في طياتها أبعاداً ودلالات إنسانية عميقة لمجتمع يعاني ما يعاني أزمات بنيوية في جوانبه الأخلاقية والثقافية والاقتصادية.

يمتلك إبراهيم في طرائق كتابته العبارة القصصية الجميلة التي تذكرنا بحكاية الجدات، فما إن تبدأ بمطالعتها حتى تجد نفسك مشدوداً إليها حتى النهاية.

هو كاتب لم يخرج في أساليب وتقنيات سرده عن الشكل المتعارف عليه للقصة، لكنه يقدم سرداً مشوقاً سلسلاً لغته من صميم الواقع بعيدة عن التكلف والتأنق الذي يثقل إنتاجات الكثير من كتاب القصة في هذا العصر.

يمكن تصنيف قصص المجموعة الواحدة والعشرين وفقاً للموضوع في ثلاثة عناوين، حيث هناك عدد من القصص يقارب مواضيع الفساد وأشكاله وتجلياته الكثيرة في مجتمع غابت فيه المعايير وانحدرت القيم، وبات اقتناص الفرص فيه ثقافة عامة بصرف النظر عن تأثير ذلك في الإنسان كقيمة عليا في الحياة والوجود، من بينها قصص «هكذا انتهى الدوام»، «مجرد ثرثرة»، «على الموقف الغربي»، «اسحبوه بسرعة»، و«أصوات من الوادي». وهناك موضوع الحب كما في «بقايا شتاء» و«أنبوبة الألوان الفارغة» حيث مكابدات المحبين وخيباتهم. أما في قصتَّي «بعد عشر سنوات» و«الغريب»، فينقلنا الكاتب إلى أجواء مختلفة بعض الشيء، حيث يكمن القلق والسأم وطرح الأسئلة الكبيرة عن الوجود وجدوى الكتابة، وإذا كان نجاح القصة وهو كذلك قائماً على تكامل العلاقة بين الشكل والمضمون فإن ابراهيم قد حقق هذه المعادلة بنسب متفاوتة في قصص المجموعة، غير أن هذه التكاملية كانت واضحة في قصص «أنبوبة الألوان الفارغة»، «بعد عشر سنوات»، و«خارج السرب».

من جانب آخر، تحضر الروح الساخرة لدى الكاتب في «اسحبوه بسرعة» و«لهذا ماتت جدتي باكراً»، حيث نلحظ مشهدية قصصية تقوم على عنصر المفارقة وهي تروي حكايات الناس البسطاء عندما يخذلهم الحظ أو حين يقف وراء تعاستهم سوء التدبير وغياب الوعي.

أخيراً، فان قصص «بقايا شتاء» -كما جاء على الغلاف- تجسد صوراً تفيض بالحياة، يقترب فيها الكاتب من هموم الناس يرسمها لوحات قريبة من ذاكراتهم، وهي قراءة إبداعية لما هو كائن فيها المتعة والفائدة والعبرة.


سانا

سانا

Share/Bookmark

اسمك

الدولة

التعليق