ضمن سلسلة أعلام خالدون محاضرة عن الأديب الدكتور شاكر مصطفى

22 كانون الأول 2011

في المركز الثقافي العربي أبو رمانة

أقيمت في المركز الثقافي العربي أبو رمانة، ضمن سلسلة أعلام خالدون محاضرة عن الأديب والمؤرخ الدكتور شاكر مصطفى بقوله: «التاريخ هو مهنتي والأدب هواية عمري»، وذلك يوم الثلاثاء 20 كانون الأول 2011، قدمها الأستاذ عصام الحلبي، وذلك بحضور الدكتور سعد الله آغا القلعه وزير السياحة السابق، والدكتور أحمد الحسن وزير الإعلام السابق، وسعادة السفير البريطاني بدمشق وعقيلته السيدة هدى مجركش، والسيدة إلهام سليمان مديرة المركز الثقافي، وعدد من المفكرين والأدباء والصحفيين وعدد كبير من رواد المركز الثقافي.


الدكتور سعد الله آغا القلعة
وزير السياحة السابق

وفي حوار للدكتور سعد الله آغا القلعة مع «أكتشف سورية» عن المحاضرة التي قدمها الأستاذ عصام الحلبي وهو على معرفة وثيقة بالدكتور مصطفى قائلاً: «يملك شاكر مصطفى سلاسة وبلاغة لدرجة أنك لا تستطيع أن تهرب منه وهو يكتب، إضافة إلى الجدلية في عرضه للموضوع، هو يبالغ أحياناً في إبراز فكرته لكنه يجتذبك إليها لدرجة أنه عندما تعود لنفسك تجد أنك خرجت من مسلمات في أفكارك لتتبع الدكتور مصطفى فيما يسوقه إليك، وهذه حرفة ومقدرة وامتلاك لصناعة الحروف. وقد وفق عصام الحلبي في خياراته لإبراز هذا العنصر وخصوصاً أن الدكتور مصطفى كان مدافعاً ومنافحاً عن المظلومين، أضف إلى ذلك الإلقاء الجميل لدرجة أن الأفكار تختلط بين الصوت والحرف، فرغم أننا قرأنا شاكر مصطفى لكن العرض بهذا الأسلوب وهذا الإلقاء والتعبير أضفى على الحرف صنعة كانت فيها قيمة مضافة».

ومن أهم المواضيع التي يثريها الأستاذ عصام الحلبي كانت البداية مع شاكر مصطفى يتحدث عن نفسه، الأيتام في التاريخ والمظلومون فيه من مثل كافور الإخشيدي، الحجاج، ومن ثم علاقة الدكتور مصطفى بالشاعر نزار قباني والرسائل المتبادلة بينهما، ليختم بقصيدة رثاء كان ألقاها في تأبينه.


الأستاذ عصام الحلبي

ويحدثنا الأستاذ عصام الحلبي عن الدكتور شاكر مصطفى وهو رجل العلم والتواضع وبكلماته ونبض عروقه أراد تقديم نفسه بنفسه فقال: «الحرف الجميل حياتي، إنه يبيعني ويشتريني ويفترسني، يشرب حتى يسكر في دمي والأعصاب ربما السياسة أغوتني حتى الغرق، والتاريخ أخذ خير أشطر عمري، ولكني أولاً وأخيراً للحرف الجميل كنت وما أزال وسأبقى له، أمنحه شرياني ولحظات النزع قبل الموت.

ما دخلت الهيكل الأدبي إلا وفي نيتي الصمت المطبق، لقد حفيت قدماي خمس عشرة سنة وراء كل كلمة جميلة، في كل متحف، وعند كل وتر فمكتبتي الموسيقية ركام من التساجيل من عيون الموسيقى الكلاسيكية والحديثة من شوبان وبيتهوفن إلى تشايكوفسكي إلى السيمفونية الفيروزية، وأغرتني الألوان حتى صار عبّاد الريشة من أصدقائي ومن أغذيتي الأرضية، حفظت أكثر من نصف القرآن، وألفي بيت للمعري ومثلها للمتنبي، وحفظت الأخطل الصغير وشوقي وبين هذا وذاك كنت مع الكتب الصفراء، التراث، التهمت ما وقع لي منه على كل رف، من كتاب الأغاني، الجاحظ، وابتلعت زهر الآداب والعمدة والعقد الفريد، وكنت أستعير القديم من المجلات السياسية الأسبوعية،المقتطف، الهلال قرأت كالمجنون كمن به جوع ألف عام».


جانب من الحضور في ثقافي أبو رمانة

ويتابع عرفت البكاء الأخرس الطويل دون دموع، عشت لعنة الفقر جدلية الحياة، تناقضية الجمال والجوع، صراع الفكر والبؤس، نلت البكالوريا وليس لدي سوى بنطال واحد أكويه فلا يستقيم وحذاء واحد نعله من عجلات السيارات، من هذا كله تكونت كلمتي، ما يتصورون أنه أدبي، إن هو إلا موقف حياة، إذاً الأدب لديه ملحمة الخبز والجمال، والسفر لديه هو المعلم الأكبر أعطاه الحكمة وأسرار البحار السبعة، وتعرف فيها على جغرافية الفكر البشري، ويقول :«من السفر جمعت أثمن كنوزي الفكرية تعلمت الألم البشري والمحبة وأن احتضن الإنسان».

ويؤكد على أن الأيتام يقودون العالم ويتصدرون التاريخ من الرسول الأعظم محمد بن عبد الله إلى المسيح عيسى بن مريم وموسى الكليم وأيضاً بوذا، كونفوشيوس حيث تركوا في الدنيا دوياً هائلاً، ومن اليتامى الذين تربعوا على قمم الفن والفلسفة والعلم جنكيز خان، حمورابي، محمد علي باشا، بوليفار، هيتلر، ستالين، غاندي، وتطول القائمة لتصل إلى جمال عبد الناصر وريتشارد نيكسون، جميعهم أيتام الأم والأب وبعضهم كان في حكم اليتيم ممن هجر أحد أبويه الآخر وغاب من مثل موسوليني، تيمورلنك، ومن الأبناء غير الشرعيين ولم يعترف بهم آباؤهم كاسترو، جورج واشنطن.

وفي حديثه عن الحجاج ووصفه بأنه المظلوم يقول: «رغم أن صفحته تضج بالسواد وبالدم المتخثر وبالرعب الأخرس نجد عند الحجاج وجهاً آخر، فهو أحد بلغاء العرب وخطبائهم الكبار، ورغم أنه ظل والياً على المشرق كله من العراق إلى أقصى خراسان والسند، فقد وجدوا لديه عند موته فقط 300 درهم، وبنى الحجاج أربع مدن في فارس والعراق، عرب الدولة في المشرق كله الدواوين والنقود، وضبط عيار المعدن الثمين والمكاييل والأوزان، وأقبل على الموارد الزراعية ووفر لها الأيدي العاملة واستصلح الأراضي الزراعية وأقام الجسور على مجاري المياه، وعمل على تنقيط الحروف خشية أن يلحن الناس في اللغة، ووضع لها الشكل للحركات، فلو وضعت الدماء في ميزان وهذه الأعمال لا بد أن ترجح أعماله، لكن الدماء ستظل تصرخ وتصرخ و تصرخ».

وأما كافور الإخشيدي الذي قام بهجائه المتنبي لعدم إعطائه ولاية يرأسها فيقول: اثنتان وعشرون سنة من الحكم الفاضل، محتها بضع قصائد شوهت وجه كافور الحقيقي على لسان المتنبي الذي يقول فيه:

أميناً وإخلافاً وغدراً وخسة
وجبناً؟ أشخصاً لحت لي أم مخازيا


جانب من الحضور في ثقافي أبو رمانة

كان كافور ضحية إذاعة المتنبي المجلجلة، لكن لكافور وجه آخر فقد برع في فنون القتال وانتصر مرات وحكم قرابة ربع قرن، كثير التواضع حتى أنه لم يحمل لقباً من ألقاب الملك واكتفى بلقب أستاذ ، كان كثير الصدقات وكثير الاحترام لآل البيت، يكثر من الصدقات والعطاء لكن المتنبي وطمعه بالإمارة جعله لا يمل هجاءه ودفع كافور ثمن موقفه غالياً.

وهنا يعرض الأستاذ عصام الحلبي رسالة كان قد أرسلها الدكتور مصطفى للشاعر نزار قباني يشرح له حاله وما آل إليه وكيف كان كتابه رفيقه في مرضه، ومن ثم يقرأ لنا أبيات من قصيدة ألقاها في تأبينه، يقول:

لا السمع يدرك ما يجري ولا البصر
خطب ألم بمن غابوا ومن حضروا

خطب تزلزل أركان البلاد له
ولا تجادل فيما شاءه القدر

فمثلك النجم تأتم الهداة به
ولا يزال لهم في ضوئه وطر

فنم عليك من الرحمن مغفرة
مادام إرثك في الآفاق ينتشر.


عبد القادر شبيب - دمشق

اكتشف سورية

Share/Bookmark

صور الخبر

جانب من الحضور في ثقافي أبو رمانة

جانب من الحضور في ثقافي أبو رمانة

جانب من الحضور في ثقافي أبو رمانة

بقية الصور..

اسمك

الدولة

التعليق