سوق المهن اليدوية بدمشق: عالم مدهش من الإبداع والاتقان

25 أيار 2011

يسحر السياح ويتحسر عليه الحرفيون

تقع إلى الشرق من المتحف الحربي والتكية السليمانية تباع فيها الحلي الذهبية والفضية جنباً إلى جنب مع التحف واللوحات الجدارية والمشغولات النحاسية والجلدية ولوحات الموزاييك والاغباني والدامسكينو. انها سوق المهن اليدوية وسط العاصمة دمشق التي تعتبر محطة أساسية للزوار العرب والأجانب لشراء التذكارات التي يصنعها حرفيو سورية.

سوق المهن اليدوية تضم أكثر من مئة محل تعود بتاريخها إلى السلطنة العثمانية توحي بالتراثية وتشكل محطة أساسية لزيارة السياح والأفواج الأجنبية غير أن كثرة الزوار لاتدل على أنها مازالت سوقاً ناشطة كما يقول أحد أصحاب المحال فأغلب زوارنا لايحملون سوى ماخف ثمنه كنوع من التذكارات البسيطة ويشير إلى أن الأزمة الاقتصادية أثرت في الكل.

وزائر سوق المهن اليدوية هذه الأيام سيفاجأ بغياب الحيوية التي كانت تميز السوق وسيلاحظ غياب مشهد العمال المنكبين على نقوشهم وزخارفهم لم تعد تمارس الصنعة بشكلها المعتاد بل نجد أغلب أصحاب المحلات يلعبون النرد ويحتسون الشاي والقهوة.

والدامسكو السلعة الرئيسية الأولى في السوق ويقول أحد بائعي الزخارف إن معظم الطلب على التحف يأتي من قيمتها الفنية وملاءمتها تراثنا الشرقي لذلك يهتم البائعون بأسلوب العرض ووضع القطع. ويعتبر أبناء الجنسيات الغربية الرواد الأوائل للسوق رغبة منهم في الحصول على تذكار بأسعار معقولة وأشكال جميلة.

وتشكل بداية موسم الصيف وأيام الأعياد ورأس السنة أهم المواسم لأصحاب المحلات اذ تنشط حركة الهدايا وزيارات المغتربين الذين يحملون من بلدهم تذكارات تعبر عن تراثهم الأصيل ويأتي في المرتية الثانية أبناء دول الخليج الذين يفضلون النحاسيات مثل النرجيلة وأباريق القهوة والسيوف الدمشقية ذات النقوش الإبداعية المطعمة بالذهب والفضة.

وعن هذا التراث يقول الحاج أبوحسان إن سوق المهن واحدة من أقدم الأسواق في المنطقة وأهمها في الصناعات اليدوية. وحرفيوها معروفون بإبداعهم ودقتهم في العمل لكنها اليوم تواجه غزوا من السلعة المصنعة آلياً وباتت هذه الحرف لاتطعم خبزاً.

ويشير الحاج إلى تاريخه الشخصي في هذه الصنعة فيقول : عملت في هذه الحرفة منذ الطفولة فلم اكمل دراستي وبعد الابتدائية بدأت بالعمل لدى جدي ووالدي وكان المحل يطعم أربع عائلات واليوم لايكفي عائلة واحدة ويوضح أنه في السنوات الخمسين الماضية كانت السوق نشيطة ولم نكن نتوقف عن العمل لتأمين الطلبات الخارجية لكن الآن حتى الأجانب لايحملون سوى تذكارات بسيطة. ويشير إلى أن أحد أبنائه تعلم الصنعة وبدأ بترويجها خارجياً من خلال المشاركة في المعارض الدولية.

وأضاف في السابق كان الزبون يأتي إلينا من كل أنحاء العالم لشراء صناعتنا واليوم بتنا نذهب إليه عبر المعارض نتيجة سيطرة الصناعات الآلية.

وتحوي السوق على صناعات متنوعة من أبرزها صناعة الأنسجة الحريرية والأغباني والبروكار والتنزيل على الخشب. إلى الخزف والفخار وتنتج منهما أوانٍ جميلة وأحواض زينة ومزهريات وأيضاً هناك الموزاييك والتصديف وتتميَّز أعمال هذه المهنة ببريق ألوان الأصداف البحرية أو النهرية الداخلة في تركيب وحداتها الزخرفية النباتية والهندسية.

وأغلب الحرف المنتشرة في السوق متوارثة أباً عن جد وقلة قليلة تدخلها أيد غريبة اما احتكاراً للصنعة كما كان في السابق أو أحجاماً من الشباب عنها اليوم بسبب قلة مردودها وحاجتها إلى جهد ووقت كبيرين.

وتعتبر صناعة الموزاييك والحفر على الخشب الأكثر تكليفاً مع الحاجات الاستهلاكية المتغيرة اذ تصنع منها الطاولات والكراسي واللوحات والساعات وعلب البخور وأدوات المكتب وعلب المحارم بأشكال وزخارف مختلفة يدخل فيها العاج والصدف والخيوط الفضية وتختلف الأسعار في هذه الصناعة حسب الجودة والدقة فهناك الطلبات المسبقة التي تأتي في المرتبة الأولى وأيضاً حسب نوع المواد الاولية وتبدأ من مئة ليرة وتصل إلى خمسة وعشرين ألف ليرة.

ويفضل زوار السوق خصوصاً الخليجيين المصنوعات الزجاجية اذ يرغبون باقتناء هذه المصنوعات للزينة لأنها أصحبت صناعة نادرة ولاسيما أن حرفيين ماهرين يقومون بزخرفتها المتنوعة.

ويقول أبو أحمد الذي يعمل في فرن لصناعة نفخ الزجاج يعود عمره إلى أكثر من مئتي عام أصبحنا نطور الموديلات حسب الرغبات لأن مايصلح لعام 1920 لم يعد يصلح لأيامنا هذه.

وتعمل وزارة السياحة على تشجيع الصناعات التقليدية خصوصاً المهن المنقرضة مثل صناعة الطرابيش التي انقرضت منذ بدايات القرن لقلة الطلب عليها باستثناء الأغراض فنية.


سمر ازمشلي

الوكالة السورية للأنباء - سانا

Share/Bookmark

اسمك

الدولة

التعليق

فادي مخللاتي :

سوريه الله حميها

الامارات