شبابنا في الجامعات: إعادة النظر في المناهج وإعطاء الجانب العملي والتطبيقي الأولوية

21 أيار 2011

تمثل مرحلة الشباب في حياتنا ربيع العمر لكن بقدر ما هي كذلك لا يخفى على أحد حساسية هذه المرحلة تجاه الظروف و المتغيرات الذاتية والموضوعية وتوق الشباب إلى تحقيق ذاتهم والشعور بأنهم قادرون على تحمل المسؤولية عن ذاتهم أولا وعن محيطهم القريب المتمثل بالأسرة وكذلك تطلعهم إلى أداء دور فاعل ومؤثر في تنمية المجتمع والوطن.

وتعتمل في نفس الشباب جملة من التحديات والصعوبات تحتم الاستماع إليهم ونقلها بهدف تهيئة كافة الظروف لإزالة العوائق التي تقف في وجههم وعدم ادخار أي جهد يمكن أن يسهم في حل المشكلة ومساعدتهم على إيجاد القنوات المناسبة للخروج بحلول تضمن استقرارهم على الصعد كافة.

وحرصا منهم على الأولويات ترفع الكثير من الشباب عن الحديث عما يعانونه من مشكلات معتبرين إياها صغيرة أمام الهم الأكبر هم الوطن واخترنا الاستمرار في رصد ما يعانيه الشباب بغض النظر عما جرى من أحداث مؤخرا آملين في إيصال صوتهم و إيجاد حلول في أقرب وقت ممكن .

ولدى تجولنا في الحرم الجامعي واستطلاعنا للمعوقات ومظاهر الخلل التي تسبب إرباكا في العملية التعليمية تصدرت المناهج الجامعية قائمة المشكلات وجل ما عابها بحسب معظم المستطلعين التكرار والحشو الذي يملأ صفحات الكتب بمعلومات لا تنفع بل تضر نظرا لما تسببه من إرباك للطالب وإبطاء لعملية الاستيعاب والحفظ و كذلك ضعف وتقصير معظم إدارات الكليات فيما يتعلق بالجانب التطبيقي و العملي.

ويضيف إياد الموعد خريج كلية الطب من جامعة دمشق والذي يتخصص حاليا في الجراحة العظمية إن ما يعيب المناهج في كليته التي تدرس باللغة العربية أنها لم تسلم من المطبات المعروفة عادة في الكتب المترجمة من تضارب في المصطلحات العلمية وتعدد للمترادفات رغم أن طبيعة الاختصاص تفرض التحديد الدقيق إلى أقصى الحدود وزاد على ذلك أن الترجمة تفقد المصطلحات قيمتها ويضرب مثالا على ذلك ما يسمى مونوباوس أي سن اليأس حيث بدأت ترد في بعض الكتب تحت مسميات أخرى كسن الظهي وسن التفاؤل.. الخ.

وعلاوة على ذلك يرى إياد ضرورة أن يكون الطالب طرفا أساسيا وفاعلا في العملية التعليمية من خلال طلب المدرس إليه الاستعاضة عن الكتاب الجامعي كمصدر وحيد للمعلومة والتوسع في المراجع العلمية من أجل إغناء العملية التعليمية و هنا يلفت إلى ضرورة إعادة النظر في معايير تأهيل الكادر التعليمي و تفرغ المدرسين للعملية التعليمية.

وتتمثل المشكلة الأخطر برأي إياد في أن عدد الساعات المخصصة للدروس النظرية في السنوات الخمس الأولى من الدراسة في كلية الطب يفوق عدد ساعات التطبيق العملي مشيرا إلى أن التطبيق العملي متاح لطلاب كليات الجامعات الخاصة في المستشفيات غير التابعة لوزارة التعليم العالي بينما ذلك غير متاح لطلاب الجامعات الحكومية.

بدوره يتفق محمد جعفر طالب كلية الطب سنة رابعة مع إياد في المشكلات المطروحة ويضيف إليها مشكلات اجتماعية تعزز بعض حالات الاكتئاب بين الطلاب وتحولها إلى مشكلة حقيقية وجدية تستلزم معالجة سريعة وحلولا إسعافية وأخرى على المدى الطويل.

ويقترح جعفر من أجل ذلك فتح و توسيع قنوات الحوار و الاتصال بين الطلاب و إدارات كلياتهم و الاهتمام أكثر بالنشاطات الثقافية و الاجتماعية مؤكدا في هذا الصدد أن المشكلة الأساسية لا تمت في كثير من الأحيان للفوارق الاقتصادية.

وفي المقابل ترى هديل أبو زيدان الطالبة في كلية هندسة الإلكترون قسم الاتصالات أن خيار الاعتماد في طريقة التدريس على الطالب مرغوب لكن لن ينجح في ضوء عدم إتباع هذه الأساليب مع الطلاب في المراحل قبل الجامعية لذلك فهي تحتاج كما تقول إلى مرجع واحد هو المدرس كي تضمن اجتياز امتحاناتها و ضربت مثالا على ذلك نتائج إحدى المواد العلمية في قسمها حيث نجح فقط ثلاثة طلاب من أصل المجموع العام للطلاب بدرجات مرتفعة جدا لم تقل عن 90 في المئة.

و تشارك نور يشار الطالبة في المعهد الطبي اختصاص مخابر صديقتها هديل في رأيها مضيفة أنه من الضرورة من أجل تطبيق النموذج من التعليم تهيئة البنية التحتية اللازمة متسائلة كيف يمكن للطلاب أن ينخرطوا بفعالية مع هذا الأسلوب إذا كانوا يسكنون المدينة الجامعية مثلا لافتة إلى ما يترتب على الطالب من مصاريف إضافية في حال اتبع هذا الأسلوب دون تهيئة البنية التحتية.

وبالعودة إلى ملف المناهج نلاحظ أن المشكلة على ما يبدو عامة وتتكرر في عدة اختصاصات حيث تشكو زهور عيسى في السنة الرابعة في كلية التجارة والاقتصاد اختصاص محاسبة و محمد عثمان سنة ثالثة كلية تجارة و اقتصاد اختصاص إدارة الأعمال من ضخامة المنهاج والحشو ومن وجود مواد لا علاقة لها بالاختصاص علما أن الطالب يدرس في السنتين الأولى والثانية مواد عن كل الاختصاصات ليتخصص بعدها في الثالثة والرابعة.

وتلفت زهور إلى أهمية تطبيق الأتمتة في عمل الكليات ولاسيما في جامعة تشرين سواء لجهة الامتحانات أو الأعمال الإدارية المرتبطة بأوضاع الطلاب وتسجيلهم اختصارا للوقت وتوخيا للدقة فيما يلفت محمد إلى مشكلة عدم اعتماد بعض المدرسين على الكتاب الجامعي الذي يكون قد ألفه سابقا مدرس آخر وإصراره على اعتماد محاضراته و الملاحق أو ما بات يعرف بالنوتات كمرجع للطالب و مقرر عليه في الامتحانات.

وفي المقابل نلاحظ تأكيدا من الطالب أيهم عبد الله الذي يدرس في الجامعة العربية الدولية الخاصة أن الجامعات الخاصة لم تتجاوز مطبات الجامعات الحكومية فيما يتعلق بالمناهج فعمدت إلى تغطية الساعات الدراسية المقررة بمواد لا علاقة لها بالتخصص.

وفي قسم الآثار و المتاحف ألف حكاية و حكاية يحكيها لنا طلاب القسم و خريجوه على أمل أن يتغير الواقع الحالي.

وتشكو الطالبة جود حمادة في السنة الثالثة من اضطرارها أمام غلبة المحسوبيات والوساطة إلى بذل جهود مضاعفة للبحث عن ورشات تنقيب تقبل أن تعمل معها و أن تفسح المجال لها من أجل التدريب العملي كاشفة عن تعرض الطلاب عموما للاستغلال من قبل بعثات التنقيب الأجنبية.

كما تشكو جود و معها صديقتها لانا صالح من عدم تعاون بعض الجهات العامة فيما يتعلق بالمراجع و من شغل الدخلاء على الاختصاص لفرصهم القليلة الممكنة و تقولان إن اللغة الثانية وأحيانا الثالثة باتت أكثر من ضرورة في تخصصهم بالآثار و شرطا أساسيا لدخولهم في المجال العملي مطالبتين بتخفيض رسوم التسجيل في دورات اللغة التي يتيحها معهد تعليم اللغات التابع لجامعة دمشق لأن كلفة الدورة في كل مستوى لا تقل عن 5000 ليرة سورية ما يرهق الطالب وأهله ماديا.

من جهتهم مهند المحمد طالب ماجستير بالمشرق العربي القديم و سماح ديوب التي اضطرت إلى التسجيل في دبلوم التأهيل التربوي نظرا لإيقاف الدراسة في الماجستير بالكلية نفسها وكذلك حسين مصطفى و مياسة ديب و ليلى السماك و هبة عاصي يؤكدون وجود المشكلات التي طرحتها لانا و جود ويزيدون عليها مشكلات أخرى تتعلق بالدراسات العليا و تأمين فرصة عمل مناسبة للاختصاص الذي اختاروه و أحبوه.

وأجمع هؤلاء الطلاب على أن بعض طلاب الدراسات العليا يضطرون أحيانا للجوء إلى قسم التاريخ أو لغيره من الأقسام للبحث عن مدرس مشرف بسبب النقص في عدد المدرسين ذوي الكفاءة مقترحا في هذا الإطار التعاقد مع عدد من الاختصاصيين الموجودين أساسا في سورية بحكم مهام التنقيب للتدريس في قسم الآثار بجامعة دمشق كما يتساءل لماذا لا يتم التعاقد مع طلاب حاصلين على شهادة الماجستير من خلال معايير تحددها وزارة التعليم العالي كمساعدين على الأقل من أجل تخفيف العبء عن المدرسين الحاليين.

وتطرق طلاب الآثار إلى الصعوبات المالية وما يتكبده طالب الدراسات العليا من مصاريف طائلة متسائلين ألا يمكن أن يخصص لطالب الدراسات العليا مبلغا يغطي على الأقل أجور التنقلات وتصوير الأوراق والأبحاث.

كما اقترحوا إعادة النظر فيما يتعلق بالاختصاصات التي تطرح للتسجيل في الماجستير بما يراعي الفوارق بين جامعتي حلب و دمشق ودعوا إلى إنشاء مكتبة ومجلة محكمة خاصة بقسم الآثار والتاريخ لنشر أبحاث الآثاريين السوريين.

والطلاب عموما لم يتذمروا و لم يشتكوا بل اقترحوا حلولا ونظروا إلى النصف المليء من الكأس كما الفارغ فأشاروا إلى الشروط التي تضمنها إعلان المعيدين هذا العام لجهة مراعاتها إلى جانب المعدل والمهارات التي يتمتع بها الطالب في الكمبيوتر واللغة الانكليزية.

كما تقول ميرنا إسماعيل طالبة سنة ثالثة علوم طبيعية إن من الخطأ أن تتحمل الجامعة دوما المسؤولية عن التقصير داعية إلى ضرورة أن يضطلع كل بدوره لما فيه الخير والفائدة على الجميع .


الوكالة السورية للأنباء - سانا

Share/Bookmark

مواضيع ذات صلة:

اسمك

الدولة

التعليق