محافظ درعا : إصلاح الوضع يحتاج لجهود مشتركة مع السكان

16 أيار 2011

يركز محافظ درعا محمد خالد الهنوس في عمله على تمتين جسور علاقته بالمدينة وأهلها. يستقبل الوفود الأهلية، يستمع للمطالب، يسلم بتوجيه من القيادة العليا ممثلي المجتمع المحلي مسؤولية ضمان الأمن والاستقرار في مجتمعاتهم، لتفادي الإجراءات التي تزعج السلطات قبل أن تزعج السكان، يبدي سعادته للحوار الذي يعود زخمه بين المسؤولين والفعاليات، وممثلي المجتمع المحلي، ويؤمن أن هذا ما يمكن البناء عليه مستقبلا «بمجهود الطرفين»، لا يخفي المسؤول الذي استدعي من كرسي التقاعد ليستخدم «ذخيرته من السمعة الحسنة والعلاقات الاجتماعية الواسعة» مع المدينة قلقه من عامل يبقى خارج إطار السيطرة، وهو «الرابط الخارجي» موضحاً أن 96كم من حدود سورية مع الأردن هي في درعا، وأن هذه الحدود لا يفصلها في بعض المناطق أكثر من ساقية عرضها متر، عدا ذلك يؤمن الهنوس أن الوضع في درعا «ممتاز» مقارنة بما كانت عليه المنطقة منذ أسبوع على الأقل.

لقد فاجأته المدينة «الطيبة التي عاش فيها 27 عاماً وتزوج بها أولاده كما يقول، مذكراً بحجم التمثيل الذي للمنطقة في الدولة، كما بمستوى الخدمات الذي حظيت به، بحيث كانت الكهرباء موجودة في كل ريف درعا منذ العام 1982، لذا يعدد الهنوس من مكتبه الذي يبدو نابضا بالحركة والاتصالات عدة عوامل كانت أساسية في وصول أحداث درعا إلى ما انتهت إليه.

أولها «الإعلام السلبي» الذي شكل بتحريضه «نصف» الأزمة، على حين كانت العوامل الأخرى تمثل النصف الآخر، وبينها توافر السلاح في المنطقة بشكل مكثف بسبب «التهريب النشط» بين الأردن وسورية في هذه المنطقة، ووجود تيارات إسلامية في بعض المناطق عملت على التجييش، كما دخول المال على خط التحريض وتوافر العامل الخارجي الذي لم يزود بالمال فحسب بل أيضاً بشبكة الاتصالات التي تم تفكيكها ولاسيما الفضائية منها، ويضيف إليها ما شكل علامة فارقة لدى القيادة السورية في قرارها إشراك الجيش في عملية إعادة الأمن، حيث أكد الهنوس أن «الفرقة الاجتماعية» بدأت بالظهور في المدينة وريفها بين فئتين، فئة أخذت على عاتقها «أخذ حوران إلى المجهول» وأخرى ترغب في عودة الهدوء والاستقرار للمدينة، مما دفع مخاوف الاقتتال الداخلي إلى الواجهة إضافة للعوامل الأخرى بما ينذر بكارثة، ولاسيما أن منطقة درعا تعتبر من المناطق التي يتوافر فيها السلاح بين المدنيين.
معلومات مشابهة تسمعها في طرق المدينة، عن «مجموعات» تختلف تسميتها بين «مخربة ومسلحة ومتمردة» دخلت المؤسسات العامة في المدينة وفي ريفها مطالبة بإزالة رموز الدولة والامتثال «لسلطة المحتجين»، وهي سلطة تغيب تماما الآن، حيث يثني المحافظ على تعاون الأهالي مع السلطات في استعادة الأمن، مشيراً أن «المحتجين يشكلون نسبة ضئيلة من المدينة» التي يشكل سكانها كمحافظة بدورهم 4 % من سكان البلاد ويشغلون 2% من مساحتها.

في الخارج هنالك أيضاً من يتفق مع حديث المحافظ، لكن مع مطالبات بإقصاء لهجة التخوين، خصوصاً من خرج محتجاً، يقول عامل نظافة من أمام قصر المحافظ المحترق «إن الحديث عن مندسين مرفوض، يجب تغيير هذه اللهجة الآن» مطالباً «بالصدق» ليؤكد أن «شعب حوران هو شعب اللقمة الطيبة» وأن المطلوب الآن هو الإصلاح السريع، لا يهاب الناس الإعلام، بل بعضهم يبادر مسرعاً باتجاهه، ومن بينهم من يكثر من الانتقاد، خصوصاً فترة حضور الجيش في المدينة من انقطاع تيار كهربائي وتقييد حركة، ويرد آخرون أن كل ما أشيع عن «نقص في الغذاء غير صحيح وأن الجيش كان يوزع الخبز على السكان» يتدخل آخر من سيارته عارضا وثيقة تسمح له بإدخال المنتجات الزراعية للمدينة لتوزيعها.

ويرى الهنوس في كل هذا «أمراً طبيعياً». خصوصاً أن أمس هو أول أيام الدوام الرسمي، الذي ترافق مع إعادة خدمة الهاتف الجوال، وعودة الموظفين والمواطنين إلى الدوران في عجلة الحياة اليومية، بل إن حرارة «الحوار» عادت. وهو حوار يؤكد الهنوس أنه يجري يومياً مع الأهالي والوجهاء من مختلف المناطق، وهو يقول إنه منذ يومين استقبل وفداً من «درعا البلد» التي شكلت بؤرة الاحتجاج والمواجهة المسلحة معا، ليستمع منهم ويستمعوا منه، ويرى أن «الحوار» الذي كان أساس المعالجة بدأ يسترجع نشاطه بعد أن توقف بعد لقاء هام جمع الرئيس بشار الأسد مع خمسين من ممثلي الأهالي والمحتجين من درعا، انتهى إلى تفاهمات ما لبثت أن خرقت في اليوم التالي من قبل المحتجين، لذا يقول الهنوس إن كل وفد يستطيع أن «يضمن» أمن واستقرار بلدته نتعاون معه، إلا في حال حصول مواجهات مسلحة حينها يصبح مطلوبا تسليم كل من حاول الإساءة للأمن، ويعترف الهنوس أن صوت الاحتجاج لن يتوقف لكن نسبته قليلة، ولا يستثني التذكير بأن مطالب الكثير من المحتجين كانت شرعية والسلطة مستعدة للاستماع.

يسأله أحد السكان عن عناصر الجيش الموجودين على مداخل المدينة، فيذكره الهنوس سريعاً كل مخافر الشرطة في محيط المدينة أحرقها المخربون، وحتى يصلح الوضع سيبقى هؤلاء لحمايتكم»، يبدو الجواب شافيا للسائل.


الوطن أون لاين

Share/Bookmark

اسمك

الدولة

التعليق