السلمية
سلمية مدينة سورية رابضة على طرف البادية الغربي، وتقع إلى الشرق من مدينة حماة على بعد نحو 33 كيلومتراً، وهي مركز منطقة إدارية في محافظة حماة.
تقع سلمية في وسط سورية في الجهة الأميل إلى الغرب عن طرف بادية الشام، ويحدد خط العرض 35ْ شمالي وخط الطول 37ْ شرقي غرينتش، وترتفع عن سطح البحر حوالي 390 إلى 490م.
يمتاز موقع سلمية بقربه من المناطق المأهولة، ومجاورته للبادية، لذلك تعتبر سلمية نقطة الاتصال بين الحضر والبدو، ومن هنا برزت سلمية كمدينة تجارية تعبرها القوافل التي تتحاشى المرور عبر البادية، لذلك أضحت سلمية معبراً لقاصدين بلاد الشام من حوض الفرات، وأصبح طريق سلمية من الطرق التجارية المعروفة عبر العصور.
وزاد في أهمية موقعها التجاري كونها تقع أيضاً على الطريق الثاني القادم من حلب مروراً بقصر ابن وردان، لتشكل سلمية موقعاً بالغ الأهمية على هذا الطريق الموصل إلى دمشق، وإلى لبنان، عبر الجبال التدمرية ومنطقة القلمون.
من أقدم المكتشفات الأثرية التي تم العثور عليها في سلمية سهام وأدوات حربية مختلفة تعود إلى العصر البرونزي، أي حوالي 3000 عام قبل الميلاد، وما زالت المغر التي سكنها إنسان ما قبل التاريخ ماثلة في قرية الكافات وتل الدرة وضهر المغر.
تعددت الآراء في سبب تسميتها بهذا الاسم: فمن قائل أنها سميت بذلك في النصف الثاني من القرن الثامن الميلادي نسبة إلى الأشخاص المائة الذين نجوا من الزلزال الذي حل بمدينة المؤتفكة القريبة منها، والذين عادوا واستقروا في هذا الموقع فدعيت في البداية باسم «سلم مائة» ليحرف الاسم فيما بعد، ومن قائل أن اسمها مشتق من كلمتي «سيل مياه» بسبب السيول التي كانت تأتيها من الشرق، وهناك من يرى أن اسمها يعود إلى العهد اليوناني تخليداً لذكرى معركة سلاميس البحرية التي وقعت بين اليونانيين والفرس وانتهت بانتصار اليونانيين، بينما يرى آخرون أن اسمها فعلاً سلاميس وسماها بذلك الاسكندر المقدوني تيمناً بمدينة سلاميس الواقعة على بحر إيجه.
تعتبر سلمية مدينة قديمة جداً، سكن ريفها إنسان العصر الحجري القديم، وكانت المدينة عامرة في العهد السومري (3000-2400 ق.م) وفي العهد الأموري (2400-2000 ق.م) وفي العهد الآرامي. وازدهرت في العهد اليوناني السلوقي، وتألقت في العهدين الروماني والبيزنطي. وشكلت سلمية مركزاً للإمامة الإسماعيلية في القرن الثالث الهجري، وتم تدميرها في أواخر ذلك القرن على أيدي القرامطة، وتخربت نهائياً عند غزو تيمورلنك لسورية عام 803 هـ. وقد بقيت هكذا حتى إعادة إعمارها الحالي في منتصف عام 1848م حين بدأت جموع من الطائفة الإسماعيلية من سكان الجبال الغربية السورية وعكار، بالقدوم إلى مدينة أجدادهم بعد صدور فرمان من السلطان العثماني عبد المجيد بالسماح لهم بالسكن فيها، وسماها "مجيد آباد"، ثم أعيد إليها اسمها التاريخي (سلمية) في عام 1900م.
ومن أهم المعالم التاريخية الأثرية الماثلة إلى اليوم، بقايا من الجدار الجنوبي لقلعة سلمية القديمة، ومقام الإمام إسماعيل، والحمام الأثري وهو (حمام روماني بقواعده ومداخله، وإسلامي بقببه)، وضريح الأمير علي خان، وقلعة شميميس الشهيرة غربي المدينة بحوالي 3 كم، إلى جانب أعداد كبيرة من القنوات المائية القديمة في محيط المدينة.