مصائبُ قومٍ نقلة نوعية لعمر أميرالاي

11 06

تناقض وصراع الذات البشرية

ضمن نشاط نادي سينما المركز الثقافي الفرنسي بدمشق وشعاره «نظرة سورية إلى السينما الفرنسية»، تمّ عرض الفيلم الوثائقي «مصائبُ قومٍ» للمخرج السينمائي السوري عمر أميرالاي في 5 حزيران 2008، حيث ترتبط وتنسجم فكرة وموضوع الفيلم مع عروض النادي لشهري حزيران وتموز، والتي تتمفصل حول موضوعين «أيار 68» و«الجراح».
ومن المهم التوقف عند عنوان الفلم «مصائب قوم» والذي له صلة في حياة وشخصية مخرجه، الذي قال في إحدى لقاءاته الصحفية -على هامش أسبوع ثقافي أقيم في ألمانيا وكان نصيبه المشاركة بثلاثة من أفلامه-: «عُمر شخص بائس، قُدر له أن يولد في لحظة غير مناسبة، فأنا سليل عائلة عثمانية. وبالتالي من التركة العثمانية التي بقيت في المنطقة. ولدت سنة 1944 قبيل نهاية الحرب وقبل سنتين من استقلال سورية. كان عمري أربع سنوات، عندما حدثت نكبة فلسطين، وست سنوات عندما حصل أول انقلاب في العالم العربي. وكما ترون، فالبدايات كانت واعدة، إذ كنا ندخل في طريق المصائب والحياة الوعرة. هذا قدري التنقل من عتبة إلى أُخرى».
وفيما يتعلق بفكرة الفيلم، فهي تدور حول تعلّم الحاج علي -الذي يعمل سائق سيارة أجرة لنقل الأحياء- مهنة تعهد الجنازات في بيروت أثناء الحرب الأهلية اللبنانية. ومنذ ذلك الحين يشكر الله على أنه يقدم له كل يوم الميتَ اليومي. وبالتالي يستعرض الفيلم تناقض وصراع الذات البشرية من خلال نوعية عمل الحاج علي، بين سائق تكسي أحياء ومتعهد أموات. وبذلك يخرج أميرالاي في «مصائب قوم» ما لا يمكن عيشه، بأسلوب تراجيدي-كوميدي أقرب للجنون الاجتماعي.
المخرج السينمائي أسامة محمدوعن الفيلم يقول المخرج السينمائي أسامة محمد: «لـ"مصائب قوم" حظ في أن يمثل عمر أميرالاي أمام جمهوره نتيجة قلة حظ أفلامه الأخرى في إمكانية العرض، ويمكنني القول بلهجة بعيدة عن المديح أن المجازات التي تصاحب اسم عُمر كثيرة ومتعددة، على أن جوهرها هو الفن. ومن جهتي كمخرج سينمائي، أتابع أعماله من هذه الزاوية التي لها الفضل في الوصول إلى أماكن أخرى جديدة، فتأملاته ولغته الفنية هي مرآة عميقة تعكس حقيقة الشخصية الإنسانية التي هي في نهاية المطاف شخصية المؤلف، واليوم هي شخصية عمر في معركته المستمرة مع السينما وأدواتها».
ويجد المؤرّخ السينمائي أسامة غنم «أن الفيلم يمثل بداية مرحلة ثانية في نتاجات عُمر السينمائية، إذا ما اعتبرنا أن مجموعة أفلامه الوثائقية المؤرخ السينمائي أسامة غنمالتي أنتجها في سورية كانت في أعوام الستينات والسبعينات، وتُشكّل مرحلة الثمانينيات مجموعة أفلامه الوثائقية التي أنتجها في فرنسا ومجموعة بلدان أخرى مثل اليمن، والكويت، ولبنان، وباكستان، ومصر، وصولاً إلى تسعينات القرن المنصرم والعودة إلى سورية. وبالتالي مصائب قوم يأتي في منتصف مسيرة عمر الفنية حتى الآن». ويتابع غنم «عُمر اسم استثنائي في المشهد الثقافي السينمائي السوري لكونه يكاد يشكّل كتلة واحدة قُبالة كتلة السينما الروائية السورية، فهو الاسم الأكثر شهرة وحضوراً في الفيلم الوثائقي. وميزته التي اتسم بها من عام 1969 وحتى الآن هي إخراجه للافلام الوثائقية حصراً، وهذا خيار استثنائي في سورية يدل على وعي وفهم وتصور للسينما ودورها».
وعن الفيلم يقول عُمر: «يمثل الفيلم نقلة نوعية، من العمل كمخرج سينمائي في سورية إلى العمل خارج سورية وبإنتاج غير سوري. ففي سورية، لم تتجاوز الأفلام التي استطعتُ إخراجها الثلاثة، وهي فيلم عن سد الفرات، والحياة اليومية في قريةٍ سورية، والطوفان. بالتالي كان الأمر بالنسبة لي يمثل تحدياً كبيراً من حيث الانتقال إلى قواعد مختلفة في الإنتاج والتعامل مع الجهات المنتجة، خاصة انني أتعامل مع وسط محترف وبلد عريق في الإنتاج السينمائي». ويتابع أميرالاي: «هذا الفيلم "مصائب قوم" هو أول فيلم أصنعه خارج سورية، وهو عمل من ضمن سلسلة أفلام تحمل عنوان الفيلم الوثائقي مصائب قومعريض "رجل في الخضم"، بمعنى آخر، كانت أفلام السلسلة تتناول شخصية رجال من خمس دول محددة، وقد طلب مني اختيار شخصية من العالم العربي واخترت لبنان، الذي كان يعاني من أحداث عظام، وهي أحداث الحرب الأهلية وعدوان 1982».
يُذكر أن «مصائب قوم» فيلم وثائقي من إنتاج مشترك سوري-فرنسي عام 1982، ومدة الفيلم 52 دقيقة عرض سينمائية، ومن الجدير الإشارة إليه أيضاً أن نشاط نادي سينما المركز الثقافي الفرنسي يتم بمساهمة وأشراف خبرات سينمائية سورية و هم المؤرخ السينمائي أسامة غنم، والمخرج السينمائي أسامة محمد، والمخرج المنفذ جود غوراني.


رياض أحمد

اكتشف سورية

Share/Bookmark

صور الخبر

بقية الصور..

اسمك

الدولة

التعليق