أطباء حلب في أوقات فراغهم فنانون تشكيليون

21 آذار 2010

لم تستطع كلية الطب بكل ما فيها من «علمية وعملية» أن تنتزع الجانب «الفني التشكيلي» لهؤلاء الأطباء والذين كانت لوحاتهم تتشكل في ساعات الليل المتأخرة أو في فترات الاستراحة بين العمليات الجراحية أو في أوقات فراغهم، حيث شهدت صالة المعارض في نقابة الأطباء خلال الفترة من 13 حتى 18 آذار إقامة معرض «الربيع الثاني» للفن التشكيلي الذي ضم خمسة فنانين ثلاثة منهم أطباء لا زالوا يعملون في مهنة الطب هم السادة: الدكتور كاشان شاهين والدكتور فؤاد روهم والدكتورة لينا رزوق إضافة إلى مشاركة الفنانين التشكيليين برهان عيسى وروفائيل شوحا.


الدكتور كاشان شاهين

الرسم آخر الليل:
قدم الدكتور كاشان شاهين الأخصائي في جراحة الأطفال 30 لوحة تشكيلية ضمن مشاركته في معرض الربيع، معظم هذه اللوحات كما يقول كان يرسمها في ساعات الليل المتأخرة بعد عودته من العمل أو في ساعات الظهيرة أو أيام العطل حيث لم يتوقف عن الرسم برغم ضغط العمل الكبير والطبيعة الصعبة لهذه المهنة الإنسانية التي يمتهنها وهي الطب حيث يتابع بالقول: «أرسم منذ كنت صغيراً وكانت بداياتي هي الرسم بالقلم الرصاص. وفي بداية الثمانينات عندما ذهبت لفرنسا لدراسة الاختصاص بدأت الرسم بالألوان المائية، وحالياً أرسم بالألوان الزيتية منذ عام ونصف تقريباً. ما شاركت به اليوم في المعرض من لوحات يمثل جزءاً من مجمل لوحاتي الخاصة التي كنت أرسمها على مر سنين طويلة مع بعض الانقطاعات طبعاً، ولا يعتبر هذا أول معرض رسم أشارك به بل سبق أن شاركت في معارض جماعية في فرنسا».

أما توقيت الرسم كما يقول فهو بعد الساعة 12 ليلاً بشكل عام حيث يضيف بأن السبب في ذلك يعود إلى أنه من نمط الأشخاص «عديمي الصبر» وبالتالي فإنه يرغب في إنهاء اللوحة كلها في جلسة واحدة حيث يتابع قائلاً: «هناك العديد من اللوحات الكبيرة الحجم كنت أنهيها في جلسة واحدة فقط إضافة إلى اللوحات الصغيرة التي أرسمها. معظم لوحاتي هي عن مدينة حلب ومنقولة عن صور ضوئية قديمة أو جديدة للمدينة. كلما كان يخطر لي أن أرسم لوحة، كنت أستخرج صورة من الصور التي التقطتها للمدينة من أرشيفي لأحاول رسم لوحة على غرارها. كما أن من ضمن مجموعة لوحاتي لوحات تمثل البلدة الفرنسية التي كنت أدرس فيها، وأخرى للزهور والورود كما أن هناك لوحات أخرى لمواضيع مختلفة متفرقة».

الدكتورة لينا رزوق

معظم الأطباء لديهم هوايات جانبية:
جاءت مشاركة الدكتورة لينا رزوق التي تختص بالجراحة في السنة الثالثة ضمن هذا المعرض انطلاقاً من رغبتها في أن تقدم تجربتها للآخرين لكي يحكموا عليها وليتم تقييمها من قبلهم حيث تتابع بأنها ترسم منذ أربع سنوات تقريباً وتضيف قائلة: «كل من يرسم يرغب في فترة من الفترات المشاركة في المعارض لكي يعرض ما يقدمه للناس ويتلقى منهم انتقادات أو مديحاً. سمعت عن المعرض وفكرته عن طريق الدكتور وجيه جمعة رئيس قسمي والذي هو في نفس الوقت نقيب أطباء حلب. رأى الدكتور وجيه لوحاتي فطلب مني المشاركة في المعرض قائلاً أن المعرض يضم أطباء من أعمار كبيرة ومن المفيد لي المشاركة فيه كوني في بدايات مسيرتي الفنية».

وفضلت الدكتورة لينا أن تقدم مواضيع بسيطة حيث تقول بأنها تركت بعض اللوحات التي رسمتها والتي تنتمي إلى الفن التجريبي بعيدة عن العرض كون تجربتها في هذا المجال بحاجة إلى صقل وتضيف بالقول: «لم أتردد بالمشاركة لأنني أردت معرفة رأي الناس بلوحاتي مهما كان هذا الرأي. قدمت لوحات لها علاقة بالأماكن الطبيعية معظمها أماكن حقيقية رأيتها فقمت برسمها ومنها ما صورته ومن ثم استعنت بالصور بعد ذلك في الرسم. بعض اللوحات كانت ذات ألوان بعيدة عن ألوانها الحقيقية في الحياة لأنني أردت أن تكون لوحاتي أقرب إلى المدرسة الانطباعية. كما أن الألوان التي استخدمتها ألوان مفرحة كما قال معظم من رأى لوحاتي في المعرض».

كيف كانت تجد الوقت بين الرسم وبين الطب؟ تجيب الدكتورة لينا عن هذا الموضوع بالقول: «لا يوجد شيء اسمه "لا يوجد وقت لدي!" الوقت دائماً موجود ولن نتطرق إلى مفهوم تنظيم الوقت، إنما ما أود قوله في هذا الموضوع هو أنني أرسم في أوقات الفراغ وفي الوقت الذي أحب. أحببت أن يكون الرسم بالنسبة لي بمثابة الملاذ أو الملجأ الذي أذهب إليه ومثل هذا شعور قد يدفع المرء إلى الرسم أكثر. والعامل الإضافي الآخر الذي شجعني على الرسم أكثر يتمثل في أن الطب بذاته مهنة مستنفذة وهي تحتاج لأن تكون دوماً في كامل تركيزك إضافة إلى حتمية وجود عدد من العوامل الأخرى لكي يكون الطبيب قادراً على العطاء وهذا أمر قد يسبب التعب الذهني والنفسي للطبيب. لاحظت من جهتي أن معظم الأطباء لديهم هوايات جانبية لكي لا يتجمدوا ضمن إطار الطب خصوصاً وأن الطب مهنة فيها مصاعب والطبيب بحاجة لأن يحافظ على نفس المستوى من المهنية وبالتالي فإن وجود هواية جانبية مثل الرسم عامل مساعد له حيث يعطي الرسم مثلاً شعوراً بالإنجاز وإن كان بسيطاً إنما هو مميز».

وتضيف بأنها لم تفكر امتهان الفن التشكيلي كمهنة بل فضلت أن تكون هواية فقط مضيفة بأنها ترى مهنة الطب مناسبة لها أكثر على اعتبار أنها كانت تبحث عن مهنة تتيح لها التواصل مع الناس وتفيد الناس حيث تتابع بالقول: «اخترت الطب وتحديداً الجراحة لأنني أحسستها مهنة قريبة من الفن ومهنة يدوية وفيها جانب علمي. أحببت أن يكون الفن هواية لأنني أرى أن الشخص الذي يمتهن الفن يغدو مهتماً أكثر بموضوع الرسم من أجل أن تباع لوحاته بسعر أكبر أو لكي ينتشر أو من أجل تكوين سمعة فنية كبيرة، أما أنا فأنا أرسم من أجلي أنا».

التشكيلي برهان عيسى

لا تعليق!
كانت ردة الفعل الأولى التي علق بها الفنان التشكيلي الحلبي برهان عيسى حول رأيه في واقع الفن التشكيلي في مدينة حلب هي عبارة «لا تعليق!» إلا أنه عاد واستطرد بالقول: «للأسف فإن مجال الفن التشكيلي في مدينة حلب ينقصه الكثير. يجب أن تتوافر العديد من الأمور للفنان التشكيلي لكي ينطلق ولكي يبدع في مجاله، ويجب أن يكون مرتاحاً من كل النواحي حيث العقبات والإشكاليات تقود إلى متاهات بعيدة تماماً عن الفن التشكيلي. نحتاج إلى تهيئة مناخ مناسب للفنان وتسهيل أموره بشكل عام بدون عقبات وبدون مشاكل وبالتالي سوف يجود بفنه ويقدم فناً يرفع اسم سورية بشكل كبير».

والتشكيلي برهان عيسى عضو في اتحاد الفنانين التشكيليين في مدينة حلب ويرسم منذ فترة طويلة تزيد عن الخمسة والأربعين عاماً كما يقول حيث ينحدر من عائلة فنية، وكان والده وأخوه فنانين تشكيليين أيضاً ويضيف عن هذا المعرض: «جاءت مشاركتي هنا في المعرض للمرة الثانية حيث كانت المرة الأولى في معرض الربيع الأول الذي أقيم أواخر العام 2008 وضم ثلاثة فنانين هم أنا والدكتور فؤاد روهم المشارك في هذا المعرض أيضاً وفنان روسي. لاقت التجربة استحسان الجميع وكنا نفكر بتكرارها في العام 2009 إلا أن وجود الانتخابات في النقابة حال دون ذلك فقررنا إقامة المعرض في هذا التوقيت والذي هو فصل ربيع لكي يعبر عن اسم وهدف المعرض بشكل واضح أكثر».

ويختم بالقول بأنه قدم في هذا المعرض 12 لوحة قام برسمها على مدى عام ونصف تقريباً منذ المعرض السابق يتعلق أغلبها بالتراث السوري بشكل عام ما بين دمشقي وحلبي وحموي وغيره مضيفاً بأن عملية الرسم بالنسبة له مهنة ليست سهلة وقد تستغرق اللوحة الواحدة فترة طويلة تبعاً لموضوعها إلا أن متعة الإنجاز في النهاية تستحق هذا الجهد.


أحمد بيطار - حلب

اكتشف سورية

Share/Bookmark

صور الخبر

من معرض نقابة الأطباء في حلب

من معرض نقابة الأطباء في حلب

من معرض نقابة الأطباء في حلب

بقية الصور..

اسمك

الدولة

التعليق