نظرة عثمانية على العالم في القرن السابع عشر

20 03

معرض وندوة في ذكرى كاتب جلبي يستضيفهما المتحف الوطني في دمشق

في ظل التطور الكبير الذي تشهده العلاقات التركية-السورية، والذي لم يقتصر على المناحي السياسية والاقتصادية والاجتماعية بل تجاوزها إلى الجوانب الثقافية والتعليمية والأكاديمية. اُفتتح مساء الخميس 19 آذار 2010 في المتحف الوطني بدمشق معرض خرائط تحت عنوان «في ذكرى أربعمائوية لحجي خليفة (كاتب جلبي): نظرة عثمانية على العالم في القرن السابع عشر (من عصر بيري رئيس إلى عصر كاتب جلبي)». وتلا المعرض ندوة علمية وفكرية تناولت جوانب من حياة العالم التركي كاتب جلبي وكتابته لبعض من أفضل كتبه على الأرض الشامية، كما تناولت العلاقات الوثيقة التي تربط الشعبين العربي (وخصوصاً في بلاد الشام وسورية) والتركي وحضارتيهما وثقافتيهما.

وشارك في إقامة المعرض والندوة في رحاب المتحف الوطني كل من وزارة الثقافة والسياحة في تركيا، ومركز الدراسات الحضارية في جامعة باغجه شهر التركية، وكل من الصندوق الإعلامي والهيئة التركية المنسقة للاتفاق بين الحضارات التابعين لرئاسة الوزراء التركية، وذلك بالتعاون مع وزارة الثقافة في الجمهورية العربية السورية والسفارة التركية في دمشق.

افتتاح رسمي وإعلامي مميز:
وقد شهد افتتاح المعرض والندوة حضوراً رسمياً وإعلامياً وثقافياً لافتاً، حيث افتتح الندوة السيد وزير الإعلام السوري الدكتور محسن بلال، بحضور الدكتور بسام جاموس المدير العام للهيئة العامة للآثار والمتاحف في سورية، وكل من سعادة السفير التركي في سورية السيد عمر أوهنن، وسعادة سفير المملكة العربية في سورية الأستاذ عبد الله العيفان، وسعادة السفير النرويجي في سورية، بالإضافة إلى حشد كبير من الإعلاميين والمهتمين والباحثين بشؤون التاريخ والآثار والثقافة التركية.


السيد الوزير يسجل كلمته في سجل المعرض

وقد تجول السيد الوزير يرافقه السادة السفراء والمدراء وعموم الحضور بداية في معرض الخرائط الذي ضم مجموعة كبيرة من الخرائط التي أنجزها عدد من كبار علماء الجغرافيا والإنسانيات في زمن الإمبراطورية العثمانية، وشملت الخرائط مخططات تظهر تصور الكون آنذاك، ومخططات لمدينة اسطنبول وتطورها التاريخي، وخريطة العالم لمحمود الكشغري، وخرائط مأخوذة من كتاب «جهان نما: دليل العالم» لكاتب حجي تظهر العالم وقارة أمريكا ودول أوروبا وأقاليم أوروبا وآسيا، كما تضم خريطة للبحر الأبيض المتوسط وسواحله. وخريطة للعالم رسمها الجغرافي بيري رئيس وقدمها للسلطان العثماني سليم الأول عام 1523 ميلادية. وقد سجل السيد الوزير في دفتر المعرض تقديره للعمل الكبير الذي قام به الجغرافي العثماني وتحيته للشعب التركي الصديق.

ثم انتقل الحضور إلى القاعة الشامية في المتحف الوطني لافتتاح الندوة الفكرية والعلمية المرافقة للمعرض.

السفير التركي في سورية
السيد عمر أوهنن

افتتح الندوة السفير التركي في سورية السيد عمر أوهنن حيث رحب بالسيد الوزير والسادة السفراء والحضور وأشاد السيد السفير بتطور العلاقات السورية التركية قائلاً: «تشهد العلاقات بين تركيا وسورية تقدماً ملحوظاً حتى أصبحت مثالاً يحتذى به، إذ لا نتشارك مع سورية فقط العلاقات أو الحدود، بل تاريخاً واحداً وثقافة واحدة وإرثاً مشتركاً. وقد أعطى رؤساؤنا تعليمات واضحة بهذا الخصوص ورؤية الزعماء تشير إلى رغبة الشعبين، وأعتقد أن مثل هذه المعارض تقرب بين شعبينا وبالتالي كان أمراً مهماً للتعريف بثقافة البلدين».

الدكتور بكر قارلغا

ثم تحدث الدكتور بكر قارلغا مستشار رئيس الوزراء التركي والباحث العلمي في مركز الدراسات الحضارية بجامعة باغجه شهر الذي تحدث عن ضرورة العمل على نشر فكر التسامح والحوار بين الحضارات والثقافات المختلفة بدلاً من ثقافة التعصب وكره الآخر وثقافة الحرب واحتلال أراضي الآخرين وقال: «في وجه التيار السيء الذي يحاول أن ينشر الإسلاموفوبيا في أمريكا وأوربا ويربط الإسلام بالإرهاب عمداً، قام السيد أردوغان بإنشاء حركة إنسانية جديدة تقوم على نشر حوار الحضارات بدلاً من صدام الحضارات». ثم تحدث الدكتور بكر عن كاتب جلبي العالم والمفكر التركي في القرن السابع عشر بالقول: «لقد حاول كاتب جلبي تطوير فلسفة حضارية عالمية في القرن السابع عشر حاملاً على عاتقه مسؤولية إيقاظ العالم الإسلامي. وقد حاول تطوير العلوم وفق ظروف العصر الذي عاش فيه. لقد عاش كاتب جلبي 48 عاماً ألف خلالها أكثر من 20 مؤلفاً تضم آلاف الصفحات. لقد ألف كاتب جلبي كتابه "كشف الظنون" الذي يعرض عظمة الثقافة والحضارة الإنسانية في مدينة حلب، وأصبح كتابه "جهان نما" مرجعاً أساسياً ينهل منه كثير من الباحثين في الشرق والغرب، حيث ترجم في بداية القرن الثامن عشر إلى اللاتينية ومن ثم إلى الفرنسية والألمانية. وقد اعتبر العام 2009 من قبل منظمة اليونسكو عام كاتب جلبي، وبهذا السياق قرر مركز الدراسات التاريخية في جامعة باغجه شهر ترجمة كتب كاتب جلبي الذي كتب كتبه باللغات العربية والفارسية والتركية، وخاصة كتاب "جهان نما"».

الدكتور أمر الله أوشلار
مستشار رئيس الوزراء التركي

تناول الحديث بعد ذلك، الدكتور أمر الله أوشلار الباحث العلمي ومستشار رئيس الوزراء التركي الذي رحب بالسيد الوزير والسادة السفراء وعبر عن سعادته البالغة بوجوده في سورية التي توجد بينها وبين تركيا روابط قوية وثقافة إسلامية وشرقية مشتركة. وتحدث السيد عن هذه الروابط قائلاً: «على الرغم من أن العثمانيين حكموا البلاد العربية لقرون، فهم لم يفرضوا اللغة التركية عليهم بل تأثروا واستعاروا آلاف المصطلحات التي أصبحت جزءاً من الثقافة واللغة التركية. بعد انهيار الدولة العثمانية دخلت العلاقات التركية العربية في حالة ركود، ثم بدأت تتغير منذ عام 2002 مع مجيء حكومة السيد أردوغان نظراً لاتباع تركيا نهج الانفتاح على العالم، مما جعلها تكسب ثقة جميع الأطراف، وتلعب دوراً في حل العديد من النزاعات والمشاكل الإقليمية والدولية». وتابع السيد أوشلار: «وفي هذا السياق سجلت العلاقات التركية – السورية تطوراً كبيراً في جميع المجالات، وقد تدل العلاقات الثقافية على ذلك حيث أن التبادل الثقافي بين البلدين قد سجل 26 نشاطاً منذ عام 2007 وهذا هو النشاط السابع والعشرون». وأكمل السيد أوشلار: «لقد تحقق الحلم أخيراً وأزلنا الخلافات وسوء الفهم بفضل المساعي المخلصة للسيد الرئيس بشار الأسد والسيد أردوغان رئيس الوزراء».

الدكتور محسن بلال
وزير الإعلام السوري

ثم تحدث الدكتور محسن بلال وزير الإعلام في سورية فشكر السادة السفراء والحضور والعلماء المشاركين بالقول: «أتوجه بالامتنان الكبير لعلماء جامعة باغجه شهر التي تعني جامعة حديقة البلد، والتي أرسلت إلينا عالماً كبيراً ليتحدث عن عالم كبير من القرن السابع عشر، وأتوجه بالشكر لمستشار السيد أردوغان، هذا الزعيم الذي يحظى باحترامنا وتقديرنا جميعاً، ويقود شعباً جاراً صديقاً حليفاً هو الشعب التركي العظيم. ونذكر الوقفة التاريخية لأصدقائنا الأتراك عندما قالوا للدبابات الغربية التي جاءت لتدمر العراق الشقيق لا لن تمروا عبر أراضينا، وهذه الوقفة لن تُنسى في التاريخ. كما لا ننسى وقفة السيد رجب طيب أردوغان في دافوس أمام الإجرام ضد الإنسانية عندما ازدرى رمز هذا الإجرام شمعون بيريز». وتابع السيد الوزير: «الآن بعد توقيع 51 اتفاقية بعد دولتينا وشعبينا, وبعد أن أزحنا عوائق الحدود وفتحت القلوب بين الشعب التركي العظيم والشعب السوري الذي يكن له المحبة، هاهي القافلة تسير لتعود وحدة العالم الإسلامي بنفس واستراتيجية موحدة ضد عدو مشترك وقيم إنسانية مشتركة. علينا أن ندعم صداقتنا بالثقافة وذلك بأن نعرف كيف ساهمت شعوبنا في تقديم العلوم للبشرية، وأعتقد أن مستقبلنا يسير نحو السلام وشاطئ الأمان. أحييكم أنتم بين أهلكم وفي وطنكم الثاني، وسنبقى سائرين نحو السلام العادل الذي يعيد الحقوق والكرامة لأصحابها، خاصة أننا نحيي بعضنا والإنسانية بعبارة السلام عليكم».

بعد ذلك قام الدكتور بكر قارلغا بتقديم درع تذكاري للدكتور محسن بلال، الذي غادر القاعة إثر ذلك لتبدأ أعمال الندوة العلمية حول العالم التركي كاتب جلبي.


محمد رفيق خضور
تصوير: عبد الله رضا

اكتشف سورية

Share/Bookmark

صور الخبر

السيد الوزير والسادة السفراء والعلماء المشاركون في الندوة يجولون في معرض الخرائط

الدكتور محسن بلال وزير الإعلام يلقي كلمته

خريطة البحر الأبيض المتوسط بيد العلماء الأتراك

بقية الصور..

اسمك

الدولة

التعليق