لقاء مع شاعر الأجيال سليمان العيسى في ثقافي المزة

2008/14/04

في شعره رسالة تربوية وموسيقى كلماتٍ ولونٌ للحياة

منذ أربعين عاماً وهو يكتب للأطفال من دون انقطاع، كتب لهم القصيدة والقصة الشعرية والنثرية والمسرحية الشعرية والغنائية، وعرّب لهم مئات القصص من روائع الأدب العالمي. لا تكاد ذاكرة الأجيال منذ منتصف القرن الماضي حتى يومنا هذا (كباراً وصغاراً) تخلو من قصائد و شعر سليمان وأناشيده الوطنية والقومية.
ثلاثة وثلاثون طفلاً وثلاثة فنانين تشكيلين من معهد النبراس في محافظة اللاذقية يجتمعون في المركز الثقافي المزة في الثاني عشر من نسيان 2008 في لقاء مباشر معه ليعبروا عن حبهم العميق لشاعرنا سليمان العيسى من خلال لوحاتهم المستوحاة من شعره وقصائده.
في حضرة شاعر الطفل والطفولة يقول حيدر يازجي -نقيب الفنانين التشكيليين- «كنا أطفالاً حين عرفنا الشاعر الكبير سليمان، أيقظَنا على الحلم العربي الكبير من المحيط إلى الخليج وأخذنا لنحلم معه، سار أمامنا نردد خلفه "أنا خلية في جسد تبحث عن ملايين الخلايا من أخواتها وتكافح بلا هوادة كي يتحرك الجسد وتتفتح الحياة وجسدي هو أمتي". كانت رحلة الشاعر سليمان طويلة حلوة مرة في جراح الأمة، وجرح القصيدة التي عاناها منذ فتح عينيه على الحياة، ليقول "نبض الحياة العميق قمة كفاح الإنسانية وحين قُدر للكلمة أن تحمل جناحين أخذ الإنسان يحقق معناها، وبدأ تاريخه الجميل" ومن هنا تبدأ قصة سليمان مع الشعر، وما كتبه ليس إلا حلماً رائعاً قاتل كي يتحقق، وفي ذلك يقول "كل منجزات التاريخ العظيمة كانت في يوم من الأيام أحلاماً عظيمة، من هذه القناعة انطلقت وما زلت مصرًا على قناعتي وأحلامي الصلبة. أنا في أعماق قومي صرخة تتشظى ذات صيت يقرأ"».
يتابع يازجي «بعد مأساة حزيران المفجعة في تاريخ أمتنا، بدأ شاعرنا كتابة الشعر للأطفال وهو من قال في مجموعته "غنوا للأطفال، بالشمس والهواء والماء تتفتح أزهار الربيع، وبالموسيقى والحركة والغناء يتفتح الأطفال على كل جميل ورائع. دعُوا الطفل يغنِّ بل غنوا معه أيها الكبار". لقد آمن الشاعر سليمان بأن الصغار أمل الحياة وفرحها الحقيقي وأنهم شباب المستقبل الذي سيملأ ساحة الغد».
أما الباحث والناقد الموسيقي ياسر المالح فيقول في شاعر الطفولة «عند سليمان فكرة تربوية تدور حول حلم يركز على الوحدة واللغة العربية، وأن الطفل يجب أن يربى على الإيقاع الجميل والصورة الجميلة والمعنى اللطيف، وبعد ذلك رويداً رويداً سيؤمن بأن اللغة العربية لغته وأن الوحدة العربية مصير حتمي للعرب. هذه الرسالة التربوية مخفية داخل شعره الموجه للأطفال».
يضيف المالح «إذا كان بيتهوفن اعتمد على الموسيقى الصرفة الموزَّعة، فإن في شعر العيسى موسيقى الكلمات الموزعة على وزن راقص حيناً ومنساب حيناً آخر، ودلالات الكلمات ترسم الصورة بالألوان، وأهم لون عنده هو اللون الأخضر -لون الحياة-. وإبداع صورة مستوحاة من شعره في عالم الأطفال أمر متوقع وطبيعي. في الواقع ما كان لسليمان أن يُبدع للطفل لولا ذاك الطفل الذي ما زال قابعاً لا يبارح أعماقه رغم تقدمه في العمر، وهو من خاطب الطفل بلغة الطفل ليزرع في نفسه غرسة عربية خضراء تنمو مع الزمن لتظلل الوطن العربي الكبير».
يتساءل علي القيم -معاون وزير الثقافة- «كيف يمكن أن يكون لون الطفولة وحياة أطفالنا لولا وجود شاعر اسمه سليمان العيسى، أي معنى للطفولة ذاك؟ شاعر العروبة والطفولة سليمان، شاعر كوني مفعم بالحياة مفتوح على الآخر كالإله بعل ينتفض في الربيع ويقول لنا أنا قادم لأحييكم»، بينما لم ينسَ الأطفال في كلمتهم التي قدمَتها بشرى إبراهيم قصيدةَ «عمي منصور النجار» وقصيدةَ «قفز الأرنب» و«الشوق إلى نهر بردى» و«لعبتهم الحلوة مها»، وبصوت واحد قالوا «نحبك يا من تقرأ دنيا الطفولة فتصنع دنيا الشباب وأنت تبدع الورق الأخضر في كل الروابي نحبك صديقنا سليمان العيسى».
«جميعكم أطفالي صغاراً وكباراً» بهذه الكلمات بدأ شاعرنا حديثه فقال «دمعة الفرح في عيني هي التي ستتحدث عن أربعين عاماً مضت وأنا أكتب للأطفال دون انقطاع، جعلتُهم همي الأول ورحت أعطيهم أجمل ما عندي من شعر ونثر. عرّبت لهم مئات القصص من روائع الأدب العالمي وأخذت كبار شعرائنا في التاريخ -حوالي الثلاثين شاعراً-، وجعلتهم ينزلون إلى الأطفال ويجلسون معهم ويقدمون أنفسهم لهذه البراعم الغضة. هذا هو المستقبل، هذا هو الحلم العربي الذي نسعى جميعاً لتحقيقه ومن هنا نبدأ وهذا هو الطريق».
يضيف العيسى «ما فاجأني حقاً هم الأطفال الذين يختارون مجموعة كبيرة من قصائدي ويحولونها إلى لوحات فنية: أن تتحول الكلمة الشعرية إلى لوحة فنية، أن يتحول الصغار إلى أناشيد تتكلم باللون والريشة».
في نهاية الحفل ألقى العيسى آخر قصيدة كتبها للأطفال بمناسبة المعرض، سبقها قوله «صغاري الأعزاء في كل صباح يولد جيل جديد في هذا الوطن العربي الكبير، جيل يمكن أن يشقى ويتحطم، ولكن أمواج البحر لا تنتهي والبحر باق لا يموت».
«أغني لهم، ولهم أكتب
لذا قلمي مورق، لذا دفتري معشب
يجيئون مثل انبلاج السحر
ومثل خيوط المطر
يدقون بابي يغنون شعري
وأفتح صدري
وينهمرون ضياءً وأفتح صدري
ينهمرون ضياءً، ربيعاً وراء الربيع، وراء الحقول، وراء الزهر
أغني لهم، يغنون لي
لذا قلمي مورق، لذا دفتري معشب

رياض أحمد

اكتشف سورية

Share/Bookmark

صور الخبر

بقية الصور..

اسمك

الدولة

التعليق