تحت عنوان «الفيلم السوري القصير :أسئلة الاتجاهات الجديدة» 16/أيلول/2008
وسط أجواءٍ حالمة في بيتٍ حلبي قديم تتوسطه بركة وتحيط به الأشجار من كل جانب أقام المعهد الفرنسي للشرق الأدنى في حلب محاضرةً تحت عنوان «الفيلم السوري القصير :أسئلة الاتجاهات الجديدة»، للناقد والمخرج السينمائي فاضل الكواكبي في مقر المعهد في حلب «دار حماض» في حي العقبة. وقد رافق المحاضرة عرض أربعة أفلام قصيرة هي «شمس صغيرة»، و«وداعاً»، و«مونولوج»، و«حكاية كل يوم».
عن فيلم «شمس صغيرة» تحدث الكواكبي قائلاً: «يحاول المخرج السوري الشاب ألفوز طنجور في فيلمه الجديد "شمس صغيرة" إبراز جمالية مدينة دمشق من وجهة نظر شابين صغيرين، معتمداً على إعادة تجميع عدد كبير من المفردات البسيطة ضمن سياق سينمائي يحتفي بالصورة، على حساب النص الذي يبدو هامشياً في الفيلم. يسرد الفيلم الذي لا تتجاوز مدته 16 دقيقة، حكاية شاب وفتاة يسكنان في أحد أحياء دمشق الفقيرة تجمعهما علاقة حب طفولي، ويُعبّران عن رؤيتهما للحياة بشكلٍ مختلف بعيداً عن التفسير المسبق دمشق الذي يضعه الكبار لها. يجلس الصغيران ذات يوم على قمة جبل قاسيون ويختلفان حول جمال مدينة دمشق، غير أنّ الشاب الذي يرفض الاعتراف بجمالية المدينة، سرعان ما يتراجع عن رأيه بعد وفاة صديقته التي صدمتها سيارة مسرعة. حيث سيصعد إلى منزل أسرتها ويردد "كم هي دمشق جميلة". ويبدو من خلال فيلم "شمس صغيرة" إنّ المخرج السوري استفاد من الاستشارة الدرامية، المخرجين أسامة محمد وعبد اللطيف عبد الحميد حيث بدت بصمات الأخير واضحة إلى حدّ كبير في رسم ملامح الفيلم من حيث حركة الكاميرا وطبيعة المشاهد وهي حالة عامة نجدها عن عدد كبير من المخرجين الشباب، وهذا الفيلم ولد مجموعة صور كدراجة، وبالون، ومدينة، مشيراً إلى أن شمس صغيرة هي شخصية الفتاة "لونا" التي تأتي للحياة بسرعة وتذهب بسرعة وهو الضوء الذي يدخل بصعوبة وللحظات إلى البيوت العشوائية ويهرب وهو أحلامنا التي لا تتحقق أبداً».
حصل الفيلم السوري القصير «مونولوج» للمخرج جود سعيد على الجائزة الفضية ويمتد على 14 دقيقة ويحكي الفيلم عن البطل الذي هو أسير عزلته وأحلام يقظته وحيداً بلا اسم يعيش مع قطه في غرفة ضمن بيت دمشقي قديم. تحيط به ثلاث جارات تكشفن تفاصيل حياته من خلال الشبابيك التي ترسم صوراً داخل صور عن الرؤية الإخراجية تحدث المخرج فاضل كواكبي: «يرصد جود سعيد عبر كاميراه المثبتة في إحدى الغرف بدمشق القديمة الحالة النفسية المضطربة لشاب انطوائي يعاني العزلة والإحباط نتيجة تجاربه الفاشلة مع النساء، حيث يتعرض في بداية الفيلم للعقاب من أستاذه بعد تحرشه بإحدى زميلاته في الجامعة ويفشل لاحقاً بإقامة علاقة مع جارته الفرنسية التي لا يتقن لغتها. وفي الفيلم يحاول الشاب الذي يدرس المسرح التدرب على مونولوج من مسرحية "ريتشارد الثالث" لوليم شكسبير، وخلال ذلك تنطلق الكاميرا عبر إحدى النوافذ لنرى فتاة تعزف على آلة التشيللو لتلفت نظره فيما تحاول زميلتها التجسس على محاولاته الفاشلة للفت نظر جارته الفرنسية عبر رسائله التي يتركها عند باب منزلها لكن هذه الأخيرة لا تعيرها أي اهتمام. ما يميز الفيلم هو اعتماده على الجانب البصري مع الاهتمام الكبير بالديكور كون الأحداث تجري بمعظمها داخل الغرفة الملونة بالأخضر الباهت فضلاً عن الإضاءة الخافتة التي تؤكد حالة التشتت لدى بطل العمل».
عن فيلم «حكاية كل يوم» للمخرج نضال حسن يتحدث المحاضر «تخرج امرأة متزوجة للقاء عشيقها وينطلق الأخير بذات الاتجاه تدفعه أحاسيسه أو ربما رغبته لكن الزوج يأتي في النهاية ليسدل الستار على المشهد بشكل تراجيدي. هذه الفكرة تلخص فيلم "حكاية كل يوم" للمخرج السوري الشاب نضال حسن، الذي يؤكد قدرة الإنسان على تجاوزه واقعه، وان على مستوى الحلم. غير إنّ حلم حسن اليومي لا يلبث أن يصطدم بالواقع البائس حين يكتشف عاشقاه حقيقة انتمائهما لعالمين مختلفين حيث تشعر الزوجة العشيقة بالخطيئة، فيما يكتشف العشيق أنه أضاع جميع لحظات حياته السعيدة سدى ويحاول العودة إلى الحلم مجدداً. وما يميز الفيلم التقنية العالية التي استخدمها مخرجه مستعيناً بكاميرا سينمائية عادية ،إضافةً إلى اعتماده على ممثلين محترفين كفارس الحلو وعبد المنعم عمايري. ويعتبر الفيلم التجربة الثانية لحسن على مستوى الفيلم القصير والثالثة من حيث مجمل الأعمال حيث أخرج عام 2003 فيلماً روائياً طويلاً بعنوان "البشرة المالحة" إضافة إلى فيلم قصير بعنوان "فرح"».
وأكد المخرج والناقد السينمائي فاضل كواكبي، في نهاية حديثه قلة الاهتمام بالفيلم القصير في سورية مشيراً إلى أنّ بعض المخرجين يعتبرونه مجرد وسيلة للعبور إلى الفيلم الطويل.
|