جبر علوان بين الواقعية والفانتازيا التجريدية
23 02
أعماله تمثل خلخلة لنظام التلقي التشكيلي العربي السائد
لم يكن أبداً بعيداً عن تأثيرات وتطورات الفن التشكيلي السوري، وتربطه بدمشق علاقة وثيقة قوية، هو من عشقها وتفاعل مع معطياتها ومفرداتها بحيوية إلى حد اختزاله لبعض مشاهدها في لوحاته، وقد أقام فيها سابقاً معرضين تشكيليين في صالة أتاسي وثالث عام 1989 ليعيد تاريخ الفن ذاته ويعود الفنان جبر علوان من جديد في معرض تشكيلي في صالة «الآرت هاوس» في الثالث والعشرين من شباط عام 2008.
في المعرض لم يشأ الفنان جبر التحدث عن ذاته، وترك الرأي لجمهوره، إذ قال فيه الفنان التشكيلي كريم رسن «هذا المعرض من المعارض المهمة التي يقدمها جبر، سيما وقد استمد المعرض قيمة مضافة إلى أهميته من حيث المكان ألا وهو سورية، حيث تلاقحت وتتلاقح الثقافات من كافة بلدان العالم، وهي ملتقى الفنان العربي عامة وعلى وجه الخصوص هذا العام لاعتبارها عاصمة عربية للثقافة، قدم جبر في لوحاته فعلاً درامياً تعبيرياً يختلف في مشاهداته من لوحة إلى أخرى، سيما الألوان التي نجدها تنتقل من الرمادية إلى الأحمر والأخضر والتي أراد منها التقديم والتعبير عن صخب الفعالية التي تناولتها لوحاته. بمعنى آخر، يقدم جبر رؤيةً تعبيريةً لكثير من الحالات الإنسانية بمشهد فني، مع العلم أنه ليس انطباعياً تعبيرياً، تعبيريته في هذا المعرض ناجمة عن اختياره للمشهد الموجود على المسرح. وكما لاحظنا، هناك مشاهد واقعية حولها إلى تعبيرية تجريدية حسب رؤيته في الطرح والمعالجة، وأريد أن أشير هنا أنه في معظم أعماله يقدم فضاءات مفتوحة».
بالنسبة إلى الفن التشكيلي العراقي يضيف رسن «لعل معظم روادنا من الفنانين التشكيليين ومن بعدهم رواد الستينات، معظمهم درسوا خارج العراق في أوروبا وبريطانية وإيطالية وأمريكا، وعندما عادوا أتوا بأشياء جديدة زادت من دفق الفعل الموجود داخل العراق وبالتالي نقلوا تأثيرات فنية خارجية إلى الفن التشكيلي العراقي بشكل يحاكي الرؤية الداخلية المحلية ومن ثم نقلوها إلى الجيل الجديد، من هنا نجد الفن التشكيلي العراقي يمتاز بخصوصية الأسلوب في الطرح والمعالجة».
ويجد السيد سعد خضر وهو من المهتمين والمتابعين لأعمال الفنان جبر أنه «من العناصر الأساسية في أعمال جبر هي روحه النقية الحاضرة دائماً والتي يستخدمها في لوحاته بحيث يشعر المتلقي بأنه ينتمي إلى هذه اللوحة لونياً، واللافت هنا ارتباط جبر باللون ارتباطاً روحياً وحسياً وفكرياً، بالإضافة إلى موضوع الشخوص التي تتحرك على مسرحها بحرية وتعطيك بعداً جمالياً وقيمة فكرية فكما نعلم الإنسان محور أساسي في كافة مجالات الإبداع الإنساني».
ما يود سعد تأكيده هنا هو أن «الفكر الموجود في أعمال جبر يمنح المتلقي فرصة المحاكاة والحوار من داخل اللوحة وليس من خارجها كشكل جمالي، فالشكل لم يعد يعبر عن قضية أو حكاية، إنما الشكل يستوقف المتلقي ويخلق في داخله أسئلة تكرس لديه فكرة العمل».
يضيف سعد «أجد أن هناك عنصرين طغيا على لوحاته وهما اللون والفكرة المستوحاة من البيئة العراقية والتي أخذت مساحة من معرضه هذا، وإذا ما أردنا الحديث بشكل أفقي أكثر فإن الفن والإبداع في العراق حقيقة تتعلق بحجم ونوعية الهم العراقي ومصائبه الكثيرة وحزنه العميق وروحه المعذبة، ما ينعكس على الفنان العراقي في كافة أشكال إبداعه».
ويجد الفنان هوشتك الوزيري أنه «من الأهمية بمكان الإشارة إلى أن هذا التلاقح الفني الذي يحدث بين الفنانين العرب لا بد أن يقدم الكثير ويخرج بنتاج معرفي فني عالي التكنيك، والفنان جبر يمثل مركزية شديدة الأهمية في التشكيل العربي، وأنا أتطرق الآن من زاوية اللون الذي يحرض ويثير ويخاطب الإحساس وخاصة الحس العربي المقيد بأنواع من الموروثات الاجتماعية، وهنا يأتي دور ألوان جبر لتهشيم هذه الموروثات الحسية عند المتلقي العربي، ما أقصده بدقة هو أن لوحة جبر تمثل خلخلة لنظام التلقي التشكيلي السائد، فهناك تحريض بالمستوى الجمالي والمسألة هنا أعتقد هي تخليص الحس من الموروثات».
يضيف هوشتك «المعرض يحمل أكثر من مستوى، وهي المرة الأولى التي أجد فيها شيئاً كهذا عند جبر، فالمستوى الجديد هو اللون الرصاصي الذي ظهر في أربع لوحات تناولت الحرب والدمار الذي حل بالعراق أرضاً وشعباً. كل ما جاء في المعرض من لوحات حقيقة تعكس شخصية جبر ولوحاته تشبه سلوكياته من مرح ولعب وطفولة وبراءة وتلقائية، وهذا ما يعطي أعماله عمقاً إنسانياً. وأود أن أشير هنا إلى اقتراب جبر من التعبيرية الألمانية، فاللوحة تحمل أكثر من قراءة مما يجعل المتلقي يلعب دور المستنتج، عموماً هذا المعرض يشكل نقلة نوعية على صعيد الحركة الفنية الإبداعية عربياً وعالمياً، فيه جرأة باللون والحركة والكتلة والإحساس باللون وقيمة جمالية على صعيد التكنيك».
الجدير ذكره أن الفنان جبر علوان من تولد بابل بالعراق عام 1948، وتخرج من معهد الفنون الجميلة ببغداد عام 1970، إضافة إلى دراسته في أكاديمية الفنون الجميلة بروما (نحت) وتخرجه منها عام 1975، وكذلك تخرجه من أكاديمية الفنون الجميلة بروما أيضاً (رسم)، ويعتبر من الفنانين الأوائل في العالم العربي حيث قدم عدداً من المعارض عربياً وعالمياً، وما يميزه أنه جمع بين عدد من المدارس العالمية المختلفة من تعبيرية وانطباعية وتجريد وتشخيص وتشبيه.
رياض أحمد
اكتشف سورية
ميرامان:
انا جد ممنونة لكم لانكم لبيتم رغبتي انا كان لدي درس و لم اجده لكن الان كل شيى موجود شكرا واصلوا تالقكم
هولندا اصل مغربية