النبوءة.. عمل مسرحي يربط الواقع السوري المعاش بأحداث تاريخية غابرة

28 تموز 2015

.

على ضوء الشموع وصوت انغام العود يأخذك عرض نبوءة إلى عوالم خاصة تصور لك الواقع السوري من الجانب الإنساني الذي يعتبر امتدادا لعذابات وكوارث مرت في تاريخ البشرية وذلك باستحضار جوقة المسرح الإغريقي ومقطع من مسرحية ملحمة السراب لسعد الله ونوس وربطهما مع حكاية أسرة سورية عانت ما عانته جراء الأزمة من فقد وتهجير وألم في إشارة إلى أن التاريخ سيبقى يعيد نفسه حتى انتهاء الزمان.

ويندرج العرض في إطار المسرح التفاعلي الذي اختار كاتبه ومخرجه الدكتور سامر عمران المتحف الوطني في اللاذقية مكانا لتقديمه أمام الجمهور في محاولة منه للبحث عن حلول غير تقليدية تخدم النص الذي أكد أنه يربط الماضي بالحاضر وأن هذه المنطقة التي نعيش فيها قدرها أن تكون مكانا للحروب والصراعات منذ آلاف السنين.

الاستغناء عن الإضاءة والاكتفاء بضوء الشموع حمل رسالة إلى الجمهور ليشعر برائحة المكان الذي اختير بعناية لتقديم العرض على مدى يومين في اللاذقية بالشكل الذي يخدم النص وشروطه وبين عمران أن اختيار نمط الحكواتي لتقديم المسرحية وإسناد الدور للمرأة أضفى على العمل ميزة خاصة إعادتنا إلى عصر الجدات وحكاياتهن ولا سيما وأنه دمج المشهد بكامله مع عناصر فنية من أغنية وعزف أصبحت جزءا من السردية ككل.

وأضاف عمران يسعى المسرح التفاعلي للتواصل مع الجمهور واستقطاب رد فعله المباشر بحيث يصبح جزءا من العرض ولمسنا تفاعلا كبيرا من جمهور دمشق وحمص لكن التوجس كان سائدا لدى جمهوري اللاذقية وطرطوس اللذين سرعان ما انسجما مع الجو العام للعمل وفي هذه المسرحية حاولنا تناول الجانب الإنساني لما يحصل في سورية من خلال عائلة سورية بدأت تتلمس حياتها بخطوات ثابتة لتشتعل الاحداث وينتهي كل شيء فما يعنيني بنهاية الأمر هو وجودنا معا كسوريين في هذا المكان لنتحدث ونتفاعل مع آلامنا المشتركة عن طريق التفاعل مع المرأة السورية الحقيقية الممثلة الوحيدة الحاملة للعمل.

بطلة العرض ربا الحلبي تحدثت بدورها عن صعوبة المهمة التي أسندت لها لتقديم كامل العمل بمفردها على مدى أربعين دقيقة بدأت مع زرقاء اليمامة وصولا إلى رثاء أور المعروف منذ أكثر من 3000 سنة فمهمتها الصعبة تطلبت منها تطويع كل أدواتها كممثلة ولاسيما أن العمل استغرق ستة أشهر للتحضير والكتابة ليخرج بالشكل الذي ظهر عليه.

وتابعت قائلة لا يمكن أن أنكر أنني أخرج منهكة تماما من العرض فعلى الرغم من بساطته إلا انني أسخر حواسي الكاملة فيه كما أحاول استثارة الجمهور وأخذ ردات فعلهم المباشرة التي تتفاوت من مكان لآخر ونحن جميعا سعداء كفريق عمل بما نعرضه لأن مهمة المسرح في النهاية نقل الواقع المعاش ففي عملنا هذا حاولنا تقديم شيء طقسي قديم مع الجوقة الإغريقية التي أضافت لمساتها الخاصة في بداية ونهاية العرض.

من جهته أشار المخرج المسرحي فرحان خليل إلى أهمية العمل على اعتبار أنه يبدأ بالذروة ويتصاعد تدريجيا في الأحداث فالمونولج الخاص الذي يبدأ بنبوءة زرقاء اليمامة كان توطئة ناجحة لربط هذه النبوءة بالدمار الذي نعيش فيه والذي ذكره سعد الله ونوس في ملحمة السراب ويقول لا بد من الإشارة للمسات الإخراجية المدهشة ولا سيما في الاستغناء عن الإضاءة والاستعانة بالجوقة والعزف المنفرد كما أن قوة العمل تكمن في الممثلة التي تميزت بأدائها العالي وإعطاء إحساس حقيقي لكل كلمة قالتها ما جعل المشاهد يعيش ما تقوله حتى أثناء أدائها للأغنيات المختارة.

أما المخرج المسرحي قيس زريقة فقد لفت إلى أن المشاهدين لم يشعروا بتنقلات الممثلة على المسرح من حكواتية النص إلى البطلة التي تؤدي القصة وهنا تكمن قوة العمل من وجهة نظره لافتا إلى ارتياحه وانسجامه مع الرؤية البصرية وصوت الممثلة الذي كان رافعة للعمل ساهم في وصول النص لقلوب المشاهدين بسلاسة وسهولة.

وقال زريقة يعتبر مسرح الحجرة من الأنواع المسرحية الصعبة وهو اختراق لشروط المسرح بشكل عام فالمشاهد يدخل معك في اللعبة دون أن يشعر بذلك وهنا تكمن قوة هذا النوع وخطورته في الوقت ذاته.


اكتشف سورية

sana.sy

Share/Bookmark

صور الخبر

مشهد من مسرحية النبوءة لسامر عمران

مشهد من مسرحية النبوءة لسامر عمران

مشهد من مسرحية النبوءة لسامر عمران

بقية الصور..

اسمك

الدولة

التعليق