«رماد البنفسج» مشروع تخرج لطلاب المسرح

11 تشرين الثاني 2013

عرض متكامل وبداية متألقة نحو الاحتراف

جاء مشروع التخرج للسنة الرابعة في المعهد العالي للفنون المسرحية هذا العام والذي عرض في الأيام الأخيرة مختلف تماماً على التجارب السابقة وذلك من خلال مسرحية عنوانها «رماد البنفسج» بإشراف الدكتور سامر عمران، عميد المعهد وأستاذ التمثيل فيه، وتعاون فني مع الفنانة نورا مراد صاحبة التجارب المسرحية التي احتلت مكاناً لها في ذاكرة المتلقي، ومن هنا كان العمل واضح بشكله الجماعي من حيث الارتجاليات واختيار الطلاب شخصياتهم، وقدم في قاعة من القاعات التدريب في المعهد العالي بعد تجهيزها لصالح المسرحية بطريقة مدهشة، ولا نستطيع أن ننكر بأن الفضل الأول في هذه التجربة الفريدة يعود إلى الدكتور سامر عمران، الموجه في اختيار الشخصية والجمل الحوارية ليكون المتلقي أما نص مسرحي طازج ومتكامل وعرض جميل ينبغي الوقوف عنده بعمق.

حضر «اكتشف سورية» العرض والتقى ببعض من أصحاب المشروع، وكانت البداية مع الطالب مهران نعمو الذي لعب أحدى الشخصيات في «رماد البنفسج»، وقال: «جاء العمل من خلال بحثنا عن فكرة جديدة، خاصة بوجود الدكتور سامر عمران الذي يعمل معنا منذ السنة الأولى في المعهد، وكنا قد قدمنا معه مشاهد سابقة تتعلق بالإعاقة العقلية، وبدوره شجعنا بأن يكون فكرة نص التخرج عن ذات الموضوع، إضافة إلى ذلك نحن نعيش هذه الأزمة وكأن ما يحصل جلّه جنون، وتطرح الحالة ألف أسئلة وأسئلة، منها نعرف إجابتها ومنها لا، بالمحصلة شكلنا هذه العمل ليجسد بعض ما يعانه الناس في ظل الأزمة، واستغلال خبرة الدكتور عمران في الأعمال الصعبة».

وأضاف: «آلية التفكير في هذا المشروع جديدة حتى في الدراسة، وهي مغامرة جميلة من الاحتمال لا يأتيني الفرصة لأعمل عليها في مرحلة الاحتراف القادمة، فحبذت الفكرة وأن أخوض حالة التجريب فيها، ولا أخفي إنها تجربة غنية بالنسبة لنا كطلاب كي ندرس سيكولوجية الجنون».

أما الطالبة ولاء العزام قالت: «ما جعل العرض بنص متكامل هو وجود الفكرة الواحدة، وطرحت هذه الفكرة سؤال فحواه من هو المجنون، نحن أم هم،كما ساعد في هذه التكاملية تقاطع الشخصيات في الألم الواحد، من خلال تأثيرها بالأزمة التي يمر بها البلد».

وقالت أيضاً: «وأيضاً ما جمع الشخصيات هو الحب، وكما لاحظنا جميعاً ورغم الفوضى والحالات الغريبة ولكن جميع الشخصيات كانت مرتبطة ببعضها وهذا ما اجتمع في المشهد الأخير حين يريد الجميع مغادرة هذا الكوكب ربما يجدوا الحب والوئام في الكوكب الآخر».

وأكدت الممثلة العزام على أن هذه التجربة ما رأت هذه النور لولا وجود الدكتور عمران. حيث قالت: «بذل الدكتور عمران جهود جبارة، وعمق لدينا الفكرة وطورها أكثر، وكان الأب الروحي لنا، كما ينبغي أن لاننس جهود الأستاذة نورا مراد التي قدمت كل ما بوسعها لأجل إنجاح العمل».

وبدورها قالت الفنانة نورا مراد: «دخلت هذه الصف تزامناً مع هذا المشروع، وأعجبت كثيراً ما أشتغله د. سامر عمران كأستاذ تمثيل مع هذه الدفعة حيث يعمل معهم منذ الصف الأول، ومن الواضح درجة التفاعل وانسجام فيما بينهم،و لا أبالغ إذا قلت بأنها توصف لدرجة الاحتراف، فهناك لغة مشتركة علمية وفنية ملفتة للعيان، وطبعاً هذا الأشياء لا تأتي من الفراغ، لولا جهد د. عمران الكبير وطريقته الإخراجية الكبيرة، لا قولها كشهادة مجاني، بل يشهد على ذلك تجاربه العظيمة، من منا لم يسمع بمسرحية «المهاجران» هذا العمل الذي خلق ضجة كبيرة في الأوساط المختلفة».

وقالت أيضاً: «مسرحية "رماد البنفسج" تعطي رؤية واضحة وتبين بأن وراءها شخص مخضرم متعمق بالفكر والدراسة، رغم أن شكل العرض والارتجال الذي اشتغلنا عليه لا تنطبق عليه هذه المسألة، حيث دخلنا على مادة مفتوحة بكل الاتجاهات، جريئة بمعناها الفكري والفني، حتى كنا في البداية لا نعرف إلى أين سنصل بهذه التجربة، ولكن اتفقنا مع الطلاب نحن الأساتذة من جهة والطلاب من جهة أخرى كي نخوض هذه التجربة، وهذا ما احتاج الجرأة من الطرفين».

وأضافت: «لم نستند إلى نصوص جاهزة، ولكن استفدنا من كتابات برانديلو، ومن مسرحية "حياة فنان" للدخول مستشفى الأمراض العقلية، كما استفدنا من المسرح الملحمي، بمعنى كانت هناك أرضية للنص وضعنا أما سلم العمل، وبدأ العمل بشكل فردي حيث عمل كل طالب على شخصيته وجرى امتحان لكل على حداه من خلال عمله على الشخصية ومسألة الراوي، وكيف للممثل أن يكون راوي وله موقف مما يقول، ومن ثم يتحول إلى شخصية بين ثانية وأخرى وهذا ما جرى في العرض، كانت التجربة غنية، وأعطت الفرصة للشباب أن يدلوا برأيهم، هكذا يعمل دائماً د. سامر حيث يعطي مساحة للممثل كي يعطي رأيه بما يحدث عن طريق الشخصية ».

أنهت مراد حديثها قائلاً: «بالنسبة لي عندما دخلت هذا الصف كما قلت متزامناً مع هذا المشروع، عملت ورشة عمل لمدة سبعة، فيما يخص اختصاصي وهو المسرح الحركي وكيفية التعامل مع الفضاء والتعامل مع الحضور، ربما رأينا تلك الأناقة في التعامل مع الفضاء في هذه المسرحية، وفي الحقيقة، أعطاني الدكتور سامر مجالاً وفتح باب شراكة في العمل لأكون شريك حقيقي فيه».

ومن جانبه قال الدكتور سامر عمران: «ليست بهذه البساطة عندما نقول بأن كل طالب أشتغل على شخصيته، فهذه الدفعة اعمل معها منذ أربع سنوات، وخطواتنا كانت حسب برنامج علمي، واشتغلنا على أكثر من نموذج لنتطور من تجربة إلى أخرى، وبعد عدة عروض عدة، فكرنا كيف يمكن أن نعمل على شكل مسرحي يأخذ أكثر من مسار، واتفقنا على موضوع الارتجال، على نبحث فيه علمياً وفنياً على حد سواء، ومن هنا اخترنا مصحة الأمراض العقلية والبحث في هذه الشخصيات الفصامية، وعند وضع الفكرة بدأ الطلاب في بحث طويل مع أستاذ علم النفس في المعهد، وبعدها أختار كل طالب أكثر من شخصية، وكان عليّ أن اختيار لهم الشخصية القابلة لتصل غاية ما».

وأضاف: «أن الوصول إلى الحوار يأتي اليوم من ضرورة الحديث عن هموم الناس.. عن آلامهم وآمالهم وهذا ما يحققه المسرح لكونه ظاهرة اجتماعية قبل كل شيء لاسيما في واحة من واحات العلم والإبداع والمعرفة التي يوفرها المعهد العالي للفنون المسرحية، فكون المسرح ظاهرة تدفع الناس نحو الاجتماع هذا يجعلك تبوح لي وأبوح لك فالفنان على الخشبة يعيد صياغة هذا اليومي برؤية جديدة ومشاركته مع الآخر هنا هي مشاركة كل هواجسه فالألم المشترك يجمعنا كسوريين مثله مثل الحب لذلك عندما نصنع طقساً جماعياً في المسرح بحرفية وصدق ومن دون مبالغة نصل إلى تطهير أرواحنا من البغضاء العمومية كون المسرح لم يكن في يوم من الأيام أيديولوجيا فالفن عموما عندما يكون أيديولوجيا سيبتعد عن الحوار بينما المسرح هو رؤية للعالم وتكثيف للواقع، والعرض كان محاولة لإظهار هذه الأشياء».

يشار أن عرض "رماد البنفسج" من تمثيل كل من حسن دوبا، رهام قصار، ريمي سرميني، كنان حميدان، مصطفى القر، مغيث صقر، مهران نعمو، مي السليم، هلا بدير، ولاء العزام، كما شارك كل من طلاب التكنولوجيا سنة رابعة نورما برنية ومن السنة الثالثة أوس رستم، ويامن خميس.

كما اشترك في عرض أيضاً كل من طلاب قسم السينوغرافيا والتكنولوجيا.


إدريس مراد

اكتشف سورية

Share/Bookmark

مواضيع ذات صلة:

صور الخبر

«رماد البنفسج» مشروع تخرج لطلاب المسرح

«رماد البنفسج» مشروع تخرج لطلاب المسرح

«رماد البنفسج» مشروع تخرج لطلاب المسرح

بقية الصور..

اسمك

الدولة

التعليق