مادلين إسبر في روايتها «الأنشودة الأخيرة».. المارد أهداها نجمة للحلم

05 أيار 2015

.

روائية وشاعرة وقاصة جمعت في شخصيتها الأنثوية الرقيقة كل أصناف الإبداع الأدبي لتشكل لوحة فنية ذات خصوصية في الألوان والأبعاد بموضوعات إنسانية وقومية قلما نراها عند غيرها أنها الشاعرة مادلين أسبر.

تمتاز أعمال اسبر الأدبية بحرفية متناهية في تجسيد الواقع المحسوس مستخدمة لذلك لغة إنسيابية تأخذ بمشاعرنا نحو التفاعل مع المشهد الروائي وهو ما يبدو في روايتها الأنشودة الأخيرة حيث تغرقنا في أدق التفاصيل دون أن نشعر بالملل فهي تتحدث عن بطل صفد الثائر الفلسطيني أحمد طافش الذي يعتقل داخل سجون المحتل الانكليزي خلال فترة الانتداب البريطاني بفلسطين.

عن الرواية تقول اسبر إنها عبارة عن همهمات خرجت من حنجرتها وأيقظت فيها ذلك المارد الغارق في ذاتها فأهداها نجمة للحلم.. مركباً للسفر الروحي.. ملأ وسع البحر ووسع الكون.. ومضى في ألف سنة.. ألف ألف عمر.. وغدا دوائر حزن.. لهب وحب وعشق للأرض وللوطن والإنسان.

استأثرت الرواية التي تقع ضمن سبعة فصول بإعجاب كثير من الكتاب والنقاد فكتب عنها حسن حميد «ما أسعدني بهذه الهدية الإبداعية الطالعة فاسبر التي تمد أصابعها الوردية نحو الجرح الفلسطيني تحس نبضه.. تمشي خطوتها الموزونة وكأنها لم تعرف في حياتها درباً للتدوين سوى السرد فتبدو رشيقة في استهلالها فطنة في سلالها خبيرة في ترادف الصور وانثيالاتها.. تكتب عن موضوع تكاد تهجره الأقلام والأرواح الكاتبة».

كما أبدعت اسبر في فن الرواية والسرد القصصي وتركت بصمة جميلة في الشعر وهو ما نلمسه في مجموعتها الشعرية «لا تسرع في الرحيل» حيث تعبر في اثنتين وعشرين قصيدة نثرية عن مشاعرها الصادقة إزاء مختلف القضايا الوجدانية والغنسانية والقومية إذ تلقي بمرساة كلماتها في بحور الإحساس المرهف الذي يعبر عن امرأة تحب الحياة مخلصة لبيتها وأولادها وكل من حولها وتهديها لهم.

عن هذه المجموعة يقول الناقد طلعت سقيرق إن الشاعرة غمست أصابعها العشرة في مياه الشعر المقدسة لتقدم لنا قصيدة مشغولة بعناية وتركيز مأخوذة في فصولها وفضائلها ووقعها وأنفاسها من موهبة عالية مطرزة في امتداد صورها بكل ما هو جميل فتان مستشهدا على ذلك بقولها في إحدى القصائد.. أنفاسي مسكونة بالسحر.. الحاني منسوجة.. بأوتار الروح تنهداتي.. دفوفي القلبية..

واستطاعت اسبر أن تجد لنفسها مكانة ادبية متميزة بفضل ثقافتها المعرفية واللغوية وهو ما نقرأه في قصائدها ومنها قصيدة «داخل الأسوار» وفيها تعبر عن المرأة ومشاعرها المليئة بالحزن والأسى تجاه ما تعانيه من عادات وتقاليد مجتمعها تقول فيه:

«لو بقيت خمسين عاما.. مئة عام داخل الاسوار.. لو زرعت شجرة الحب ساحل بحر الجمال.. وانشدت انغاماً تملأ جوارح الأفئدة.. وسرت حول الشمس خمسين مرة.. وسار حولي القمر.. لو أتلفت.. تلافيف دماغي لما انفك عني الحصار».

وتنطلق اسبر نحو الحياة لتكون المرأة وما تعنيه للمجتمع بكل شخصياتها وهو ما تعبر عنه في قصيدتها سأكون وفيها تقول:

«سأكون ألف امرأة من أجلك يا حبيبي.. سأكون الهوى والنوى والحط والترحال.. سأكون المرأة المغناج أعطيك من قلبي ياقوتة من عاج.. سأكون الأم الحنون أعطيك وهج روحي.. لأنسج من ساعات عمري سريراً لك.. تنام فيه بين القلب والعيون».

وتتغنى الشاعرة في قصائدها بشخصيات تركت وقعاً جميلاً في العصر الحديث امثال المناضل الفلسطيني ناجي العلي وانشودة الزمان السيدة فيروز كما تبلسم جراح الوطن حين تقول في قصيدتها «وطني أكبر من العنوان» وصيتي لكم .. لا أدفن في قبر دون ازهار.. ولا تقيدوا وطني.. لا تمزقوه.. لا تكبلوه بالسلاسل وبالحجر.. فرماد روحي يغطيه.. ويحميه.. ويتناثر أنجماً مضيئة فيه.


اكتشف سورية

sana.sy

Share/Bookmark

اسمك

الدولة

التعليق