الماهدون للدكتور الفيصل: كتاب يحلل مناهج نقاد الرواية السورية

03 أيار 2015

.

يحلل الدكتور سمر روحي الفيصل في كتابه «الماهدون..نقاد الرواية السورية» المنهج النقدي لنقاد هذا الفن الأدبي في سورية كما يناقش مدارسهم ويبحث في الخلفية الثقافية والفكرية التي بني عليها الهيكل النقدي لكل واحد منهم.

ومن خلال دراسته التحليلية والتقويمية لنتاجات نقاد الرواية السورية يعاين الدكتور الفيصل اتجاهاتهم وأساليبهم ويتبع بنظرة جدلية التباين في معارفهم الخاصة من حيث البناء الفني والفكري للرواية ونماذجهم النقدية المختلفة.

وفي كتاب الفيصل ثماني نقاد منهم شاكر مصطفى الذي لم يتبع منهجا محددا في نقده للرواية إضافة إلى تأطره بثقافته القومية وانتقائه نصوصا رآها منتمية إلى الحقل الأدبي كما يراها ولا يمكن لهذا الانتقاء أن يكون ضعفا في سلوكه النقدي.

كما أورد الفيصل أسلوب شاكر مصطفى في تعريفه بالروائي وترجمته لصاحب الرواية وأنه اشتغل على أغلب الروايات السورية ودقق في الحوادث الرئيسية والشخصيات إضافة إلى أنه يقدم مجموعة من أحكام القيمة في نهاية تلخيصه للرواية مع عدم اسقاط الواقع الخارجي على الواقع الفني فنص الرواية عنده ليس نسخا للواقع كما بين الفيصل في دراسته لمكونات النقد عند الدكتور حسام الخطيب عدم اهتمامه بالتنظير النقدي وأن المنهج الخاص للخطيب القائم على التكاملية الجديدة منهج اجتماعي يقدم عليه أثناء معالجته للنصوص الأدبية لافتا إلى أن الناقد يغني قلمه بمناهج علم الفلسفة والاجتماع والتاريخ لكن يجب ألا يحل هذا محل الدراسة الفنية لأن دائرة اهتمام الناقد هي الأدب مهما تتسع وتضم في أفيائها نتائج علوم أخرى.

وأوضح الكاتب أن من أبرز ميزات الدكتور الخطيب ضمن عملية التحليل والتفسير في النقد عدم إلغاء القارئء فيجعل منه تابعا لتفسيره إنما يفتح له الكوى في أثناء السير عبر شعاب النص ويشعر القارئء بأن رأيه المطروح في النص ليس هو الرأي النهائي.

ويجمع الخطيب بين العلم والنص في نقده وتكمن موضوعيته في عدم إبعاد القارئ وسد أبواب الفهم الخاص أمامه ليوضح الفيصل أن طبيعة التفسير عند الدكتور الخطيب تحليلية تستند إلى الدلالة الفنية لطبيعة العمل الادبي ولا يهمل أحكام القيمة في أثناء تحليله للنص وتفسيره لأن غرض الدكتور الخطيب في النهاية التوصل إلى تقييم الروايات السورية وتذوقها من خلال تحديد المؤثرات الاجتماعية.

وفي حديثه عن الناقد فائق محمد أشار الفيصل إلى استناد هذا الناقد للمفهوم العربي لتيار الوعي في الرواية الحديثة واعتماده على الأساس الفني للتعريف بهذا التيار وتوضيح طبيعته الفنية وبيان مشكلة الزمن والأنماط المتبعة في البناء الفني للروايات وخصوصا الموسيقا والبلاغة والاسطورة والتقنية السينمائية.

ويهدف الناقد محمد بمنظور الفيصل إلى مناقشة طبيعة التجربة الفنية الخاصة بالشخصية الروائية وتداخل الحياة النفسية وتباين النظرة إلى عنصر الوعي وارتباط ذلك بسمات تيار الوعي كالعامل الذاتي والهروب والتداخل والرموز المكثفة.

ويصف الفيصل الناقد محمد أبو خضور بالهدوء والإخلاص واهتمامه بالنقد التطبيقي الذي يعنى بتعريف النقاد والدارسين وقراء القيم التي يدعو الأدب العربي إليها وانطلاق الفعالية النقدية عنده من الرغبة في الافادة بما قدمه النقد العربي القديم وحرصه على أن تدور دراسته النقدية وسطا بين شكلي التعبير والمضمون.

وعن رأيه في كتاب الماهدون لسمر روحي الفيصل قال الشاعر والناقد رضوان هلال فلاحة إن هذا الكتاب قدم أقلاما نقدية فعلت دور الرواية السورية في الحقل الأدبي من خلال مقاربات جدلية لمناهجهم في التذوق الفني والفكري والنفسي المستند لمذاهبهم النقدية المتباينة فكون في كتابه تعريفا لمدارس هؤلاء النقاد باختلاف مشاربهم الفكرية.

لكن فلاحة يرى أن كتاب الماهدون افتقد إلى الجانب التحليلي الذي يجب أن يقدم روءية الكاتب النقدية التي تحمل أدواته وقواعده الفنية في التذوق لأن وظيفة النقد في الأجناس الأدبية كافة هي كشف القيمة الفنية والثقافية للعمل وليس أداة تجميلة أو تشريحية.

في حين قالت الكاتبة نبوغ أسعد إن كتاب الماهدون اهتم كأغلب الكتب النقدية بتسليط الضوء على مجموعة نقاد موجودين على الساحة الأدبية دون أن يدخل في العمق البنيوي لهؤلاء النقاد حيث بدت النزعة الذاتية ظاهرة على نماذج الاختيار وتجلى ذلك فيما كتبه عن الدكتور الخطيب الذي أخذ أغلب صفحات الكتاب ما ينعكس سلبا على تطور النقد بشكل عام مشيرة إلى الجرأة في تناول ما يكتبه النقاد وتراجعها في مجال نقد النصوص الأدبية وتحليلها.

ورأى الدكتور نزار بني المرجة رئيس تحرير جريدة الاسبوع الأدبي الصادرة عن اتحاد الكتاب العرب أن ظاهرة تسليط الضوء على النقاد هي ظاهرة إيجابية تستأهل التقدير والاحترام لأن هناك نفرا من النقاد بدأت تغيب شمسهم بعد رحيلهم عن الدنيا مباشرة متمنيا أن تستمر عملية البحث عنهم والكتابة عن نتاجاتهم إضافة إلى العمل على تحليل كتاباتهم بشكل منهجي والابتعاد عن التوصيف السردي القريب من المادة الصحفية.

اختلفت الآراء حول بنية الكتاب إلا أن كل كاتب ذهب في اتجاه صائب فالقراءة التحليلية اتجهت في نزعتها الذاتية دون ان تشمل برعايتها كل الموجودين في الكتاب كما أن الكاتب لم يقف عند سلبيات حسام الخطيب في حين استوقفته سلبيات النقاد الآخرين كما أن اختيار النقاد ظل في دائرته المغلقة وإن كانت القدرة التوصيفية عند سمر روحي الفيصل موجودة بقوة وتدل عل ثقافة شمولية وملكة نقدية واعية.

ويعتبر كتاب الماهدون الصادر عن الهيئة السورية للكتاب والذي يقع في 383 صفحة من القطع المتوسط طرح لنماذج نقدية أخرى ومتعددة تحفز على الاعتراف بالرواية جنسا أدبيا يستفيد من أشكال الفن كلها.

كما في الكتاب مناقشة من نقاد لقضايا الرؤيا الفنية والتقليدية لبداية التاريخ الروائي السوري حيث اختلف الماهدون في تحليل الرواية فاتخذ عدنان بن ذريل المنهج النفسي والخطيب المنهج المقارن والمنهج العام في حين سلك محمد أبو خضور منهج التماثل والتشابه.


محمد خالد الخضر

sana.sy

Share/Bookmark

اسمك

الدولة

التعليق