نجاة قصاب حسن
24 تموز 2014
.
(1920-1997م)
يعتبر نجاة قصاب حسن من الوجوه اللامعة التي كان لها دور فاعل في المجال الثقافي في فترة تفاعلات مهمة وتأسيسية في سورية. اشتهر في مجالات عديدة بسبب تعدد مواهبه واهتماماته؛ فقد كان حقوقياً وإعلامياً ومدرّساً وموسيقياً وشاعراً ورساماً وكاتباً مسرحياً ومترجماً، إضافة إلى مشاركته الفعلية في النشاط السياسي في الأربعينات.
ولد بدمشق لعائلة متوسطة الحال وكان والده معلماً في حرفة النجارة. انخرط باكراً في العمل السياسي، وكان لميوله اليسارية دور كبير في توجيه نشاطه الاجتماعي نحو العمل الميداني إذ شارك في مشروعات تعليم الأميين في القرى قبل حصوله على الشهادة الثانوية. انتسب إلى دار المعلمين الابتدائية في عام 1940 وتخرج فيها وهو يحمل المرتبة الأولى؛ بعد أن وافق وزير التربية على أن يعقد له امتحاناً استثنائياً لأن السلطة العسكرية الفرنسية حكمت عليه بالسجن في فترة الامتحانات العامة. انتسب بعد ذلك في دار المعلمين العليا ودرس فيها حتى عام 1942 ومارس التعليم في المدارس الابتدائية في أوائل الأربعينات. ثم انتسب إلى جامعة دمشق وحصل على شهادة الحقوق عام 1945. عمل بالمحاماة من عام 1952 حتى وفاته، وكان يهتم بقضايا الأسرة وحقوق المرأة بوجه خاص، وهذا ما يفسر وجوده عضواً في أغلب اللجان المشكّلة آنذاك لمناقشة القوانين وتطويرها. وقد كتب مقالات كثيرة في الصحف والمجلات حول إصلاح القضاء، وقدم لمؤتمر المحامين العرب المنعقد في دمشق عام 1989 كرّاساً بعنوان «قضاء على مستوى المستقبل»، وكراساً آخر طبعته وزارة العدل بعنوان «إصلاح القضاء، تطوير أم تثوير». أشرف على مجلة نقابة المحامين منذ عام 1962 وأصدر فهارس سنوية لمحتوياتها. كما أصدر وشرح مجموعات تشريعية متنوعة تتعلق بالأحوال الشخصية.
لكن ما أطلق شهرة نجاة قصاب حسن ـ بصفته القانونية ـ بين الجمهور الواسع كان البرنامج الإذاعي اليومي «المواطن والقانون» الذي استمر في تقديمه بدءاً من عام 1952 مدة خمسة وعشرين عاماً، وكان يجيب فيه على أسئلة المواطنين حول المشكلات القانونية والاجتماعية. كذلك قدّم في التلفزيون السوري برنامجاً أسبوعياً بعنوان «محطات تلفزيونية» عالج فيه علاقة القانون بالحياة، وبرنامج «ومضات» تناول فيه قواعد السلوك المدني للمواطن، ومن أهم برامجه الإذاعية أيضاً البرنامج الأسبوعي «رحلة في الذاكرة» الذي حاور فيه ما بين عامي 1993 و1995 صفوة الأدباء والمفكرين في سورية.
لم يقتصر عمل نجاة قصاب حسن في الإعلام على البرامج الإذاعية والتلفزيونية، فقد بدأ يعمل في الصحافة المكتوبة منذ عام 1935. وفي عام 1947، تشارك مع نشأت التغلبي وحسيب كيالي وعباس الحامض ويحيى الشهابي وجورج شاتيلا وعزة الطباع وصبري القباني والشاعر نزار قباني في إصدار مجلة رابطة محرري الصحف أطلق عليها اسم «عصا الجنة». بدءاً من عام 1952، خصصت له صحيفة الرأي العام زاوية يومية عنوانها «بالعربي الفصيح»، وكان يتناول فيها بالنقد الأحداث السياسية والاجتماعية اليومية. وكان يوقع هذه الزوايا التي زادت على الألف قطعة باسم «فصيح».
جمع نجاة قصاب حسن بين الرؤية السياسية الناضجة وبين رشاقة الكتابة وحسن العبارة، وكان معروفاً بحبه للدعابة والمزح أيضاً، وهذا ما يبرر نجاحه في مجال الصحافة الساخرة التي راجت كثيراً في سورية في النصف الأول من القرن العشرين؛ فقد أصدر مجلتين شعريتين كانتا تكتبان باليد، إحداهما باسم «القزيطة» وهي تنتقد بكثير من السخرية والدعابة أجواء القصر العدلي، والثانية باسم «القنديل» تتناول عالم الأدب والأدباء. كذلك أسهم إلى جانب الأدباء سليمان العيسى وصدقي إسماعيل وغازي أبي عقل وغيرهم في تحرير مجلة «الكلب» المكتوبة باليد، والتي تصوّر أجواء المقاهي الثقافية التي كانت ملتقى النخبة في دمشق. لكن ذلك لايعني أن عمله في الصحافة المكتوبة اقتصر على الدعابة والهجاء، فقد أشرف على تحرير صحيفة البعث الصادرة بالفرنسية في مطلع السبعينات، وحرر زوايا أسبوعية في صحيفتي تشرين والبعث لسنوات عدة.
ولنجاة قصاب حسن تجارب مهمة في مجال الموسيقى العربية. فقد تعلم العزف بآتلي الكمان والعود في مطلع شبابه، وأدار المعهد الموسيقي الشرقي في عام 1950، وكان خبيراً في الموسيقى العربية، حاضر حولها في أماكن عديدة أهمها مهرجان الربيع الموسيقي في براغ (تشيكوسلوفاكيا سابقاً) عام 1962. وقد كتب عدداً لابأس به من كلمات الأغاني وألحانها، سجل بعضها للإذاعة والتلفزيون.
من جانب آخر تميز نجاة قصاب حسن بمهارته في رسم خطاطات سريعة ورسوم ساخرة (كاريكاتورية) لوجوه الناس. وقد ترك ما يزيد على ألفي صورة من هذا النوع تمثل القضاة والمحامين والصحفيين والأدباء والفنانين والأصدقاء والناس العاديين الذين كان يلتقيهم بحكم عمله؛ ويمكن عد هذه المجموعة توثيقاً بالصورة لأهم وجوه المجتمع السوري. وقد أقامت له مكتبة الأسد بعد وفاته معرضاً لبعض هذه الرسوم ضمن فعاليات معرض الكتاب الخامس عشر عام 1999.
عندما تأسست وزارة الثقافة والإرشاد القومي في سورية، عيّن نجان قصاب حسن مديراً للفنون فيها. وقد أسهم في هذا الإطار ومنذ عام 1960 بتأسيس المسرح القومي والمسرح الجوال ومسرح العرائس وفرقة أمية للفنون الشعبية كما كتب (سيناريو) أول فيلم سوري هو «سائق الشاحنة»، وبعض المسرحيات. إضافة إلى ذلك ترجم عدداً من المسرحيات التي قُدمت على خشبة المسرح، وأهمها مسرحية «الاستثناء والقاعدة» لبرتولت بريشت التي أخرجها شريف خزندار عام 1961، وكانت من التجارب الأولى في تقديم بريشت في العالم العربي، كما ترجم بالزجل العامي مسرحية «مدرسة النساء» لموليير التي أخرجها ومثّل فيها ياسر العظمة على خشبة المسرح العسكري في عام 1962.
وقد ترك نجاة قصاب حسن مؤلفات عديدة مطبوعة من أهمها:
«المعجم النحوي» عرض لأهم مشكلات الإعراب في اللغة العربية، و«الفدائيون أمام محكمة زيوريخ»، قصة المحاكمة التاريخية في رسائل صحفية يومية، و«قانون الأحوال الشخصية العام»، و«قانون الأحوال الشخصية للطوائف الأرثوذوكسية والكاثوليكية والإنجيلية والأرمن والسريان والموسويين» مع النصوص المتعلقة بالمحاكم الروحية في مختلف القوانين، واجتهادات محكمة النقض حتى 1982، و«قصص الناس» مئتان وتسعون قضية إنسانية وردت في ركن المواطن والقانون، و«الحبة والسنابل»، مجموعة محاضرات ألقاها المؤلف في دمشق والمحافظات السورية، و«حديث دمشقي» (المذكرات 1، 1884-1983)، و«جيل الشجاعة»، (المذكرات 2 حتى عام 945)، و«صانعو الجلاء في سورية»، و«وردة» (أوبريت)، و«ضهر الهواء» (مسرحية باللغة العامية)، و«الغائبة» (مسرحية)، وله عد من الكتب المترجمة.
حنان قصاب حسن - الموسوعة العربية
اكتشف سورية
الدكتور رياض ضاهر:
شخصية سورية استثنائية بامتياز .متعدد المواهب جعلت منه قريب من الناس من مختلف مشاربهم وهذا يعكس نوع من الذكاء النادر يجعل من الشخص سريع التواصل مع الآخرين لذلك عرفته الناس في الكثير من الجوانب الثقافية والقانونية والفنية والانسانية ,يعرف الحق ويجانبه وهذه من أهم صفات العالم .الله يرحموا
سورية
خلدون قطرية:
رحمه الله كان بارعا بكل شيء ومتميزا على جميع الاصعدة
ولكن مايثير الاستغراب هو لم تم التعتيم على مثل هذه الشخصيات من مجتمعنا فقد اختفت او كان هناك من تعمد اخفاء هذه الشخصيات ومنها شخصيه المثقف المتكامل بما تعني هذه الكلمه . انا اذكر الكثيرين من السوريين المتميزين ومتعددي المواهب والذين كانوا مرجعاً مهماً في اختصاصهم العلمي وكانت مواهبهم المتعددة تجعل منا نتطلع اليهم كقامات عالية ومنارات. كان احترامنا الشديد لهم يقترن برهبة قدسية ونوعاً من الاحترام الشديد والتبجيل.
سوريا
مها محمود بنيان:
كان مثاﻻ حيا للمثقف السوري متنوع الثقافات في تلك الحقبة من تاريخ سوريا..لكنه تفوق على أكثرهم بمواهبه الفنية وقدرته الفذة على التواصل والتفاعل اﻻجتماعي حيث كان شخصية محبوبة ومؤنسة لمن يجالسه...ثم تفرد بعد وفاته بكثرة ماتركه من نشاطات حية..وبما زرعه هو وزوجته وأم بناته فيهن حيث أنهما ربيا نساء منتجات ومتفاعﻻت مع احتياجات المجتمع على مستوى راق ونادر.
سوريا