التشكيلي اسماعيل نصرة: الحركة التشكيلية السورية تتلمس طريقها لأفق فني جديد بعد الأزمة

08 آذار 2014

.

لم يتوقف التشكيلي اسماعيل نصرة عن الرسم رغم الظروف التي تعيشها البلاد فاستمر في تطوير أسلوبيته وتقنيته ودخل إلى مواضيع جديدة تلامس المناخ الذي نعيشه والمشاعر المرافقة لهذه الأزمة فصارت نساؤه الحالمة حزينة مجروحة وموضوعاته من صميم الواقع وتداعيات الوضع الراهن.

وأطل مؤخراً الفنان نصرة في معرض الخريف بعمل من مجموعته الأخيرة والتي اشتغل فيها بتفاعلية جديدة مع رسوم الأطفال فكانت شريكته باللوحة طفلة ذات سبع سنوات رسمت فتاة بعمرها بألوان زاهية ومفرحة وأخذت مكانها في العمل إلى جانب امرأة ناضجة مغلفة بالحزن في مزج بين الأسى والأمل بما هو قادم من المستقبل.

وعن آخر ما يعمل عليه نصرة قال في حديث لسانا: «إن علاقتي بلوحتي لم تنقطع أبدا رغم الأزمة الكبيرة التي نعيشها فأنا ومنذ عام 2011 عملت على فكرة جديدة تقوم على علاقة الإنسان بالأقنعة وما تحمله هذه الحالة البصرية من إسقاطات على ما نعيشه من زيف ومراوغة من قبل البعض تحت مسميات براقة فكان إنتاجي لأعمال هذا الموضوع غزيرا ويحمل تطورا من ناحية التقنية في لوحتي».

وأضاف «أسلوبي لم يتغير في هذه التجربة فظلت المرأة الحالمة المفعمة بالأنوثة حاضرة في لوحتي بأسلوب تعبيري جمالي مع حوارية بصرية فكرية من خلال اسقاطات القناع وما يحمله من مدلولات تعبيرية فأسميت لوحاتي دمشق وجاءت بحجوم بين المتر والمتر ونصف ولكن ما يحزنني أنني لم أتمكن حتى الآن من عرض هذه الأعمال في سورية رغم مشاركتي ببعضها في معرض مشترك في بيروت مؤخراً».

وأوضح نصرة أن تجربته الثانية التي عرض منها عملا واحدا في معرض الخريف الأخير صارت جاهزة أيضاً للعرض ولكنها مجمدة حالياً بسبب عزوف أغلب صالات العرض الخاصة عن العمل مبيناً عتبه على هذه الصالات التي مازالت موجودة وفيها كادر إداري ولكن دون أن تقدم شيئاً للمجتمع والحركة الفنية في سورية في هذه الظروف الصعبة التي تتطلب وعياً فكرياً وثقافياً للنهوض من جديد بالمجتمع.

وأكد نصرة أنه مصمم على عرض أعماله الأخيرة حتى ولو في الشارع ليتمكن الناس من مشاهدتها والتفاعل معها وليشعر أنه يقدم لبلده ما يتوجب عليه في هذه الظروف الصعبة التي تتطلب من الجميع المساهمة في الخروج منها وتلافي منعكساتها وكل من موقعه.

وبين أن الأزمة أثرت كثيراً على الحركة التشكيلية السورية من ناحية الحالة النفسية التي عاشها التشكيليون فمنهم من توقف عن الرسم ومنهم من غادر البلد وآخرون تغيرت أساليبهم ومواضيعهم وتقنياتهم ولكن بالمجمل أخذت الحركة التشكيلية السورية مؤخراً تتلمس طريقها لأفق جديد والخروج من هذا الركود فكل مساهمة في هذا الإطار هي مطلوبة ومرحب بها سواء من المؤسسة الثقافية الرسمية أو الخاصة أو حتى المبادرات الفردية.

وعن موضوع تسويق الأعمال التشكيلية السورية داخل البلد وخارجه قال نصرة «إن معايير التسعير والتسويق لأعمال الفنانين شابها في الفترة السابقة للأزمة الكثير من التلاعب التجاري وحالياً لاتزال اللوحة السورية مطلوبة داخل البلد وخارجه وبالنسبة لي لدي الكثير من الأصدقاء الذين يتم عن طريقهم تسويق اعمالي خارج سورية ولدي محبون لعملي التشكيلي يزورون مرسمي ويقتنون ما يعجبهم من لوحاتي فأنا لا أحب أن أسافر للخارج للتسويق لأعمالي».

وأكد نصرة أن استمرار المؤسسة الثقافية الرسمية في رعايتها لمعرضي الربيع والخريف السنويين هو شيء مهم في ظل هذه الظروف مما شكل فرصة حقيقية للفنانين السوريين ليتفاعلوا مع محيطهم ويقدموا روءاهم ويخرجوا من حالة الانزواء والتقوقع التي رافقت بداية الأزمة لدى الكثيرين منهم مبيناً أن عدم انجرار القائمين على هذين المعرضين وراء بعض الاقتراحات التي نادت بوضع عنوان محدد لكل معرض كان له أثر كبير في عدم فرض قيود على حرية الفنان الذي يجب أن يعبر عن نفسه وأفكاره بما يراه مناسباً.

وأشار نصرة إلى أن هناك مشكلة في النقد التشكيلي في سورية حيث أن أغلب الذين يكتبون في قراءة اللوحة اليوم لا يرون سوى النصف الفارغ من الكأس وهذا أمر لا يفيد الحركة التشكيلية السورية حالياً فالفنانون بحاجة للتشجيع للاستمرار بالعمل وتطوير أساليبهم وتقنياتهم مبيناً أن دور النقاد له أثر على نفسية بعض التشكيليين فينعكس هذا على ما يقدمونه من أعمال فنية.

وعن رؤيته لتطوير واقع النقد التشكيلي قال: ينقصنا أن يكون لدينا إعداد أكاديمي للنقاد التشكيليين حتى نبتعد عن المزاجية في الكتابة حول العمل التشكيلي من خلال إيجاد قسم خاص بالنقد التشكيلي في كلية الفنون الجميلة وهذا أصبح أمرا ملحا وضروريا خصوصاً مع تطور الحركة التشكيلية السورية ودخولها السوق الفنية العالمية وتحقيقها تواجداً مهماً في هذه الساحة الفنية.

يذكر أن الفنان إسماعيل نصرة خريج كلية الفنون الجميلة قسم التصوير 1987 ودبلوم دراسات عليا 1998 وحائز على مجموعة من الجوائز المحلية والخارجية وله مشاركات كثيرة في المعارض الجماعية والعديد من المعارض الفردية وأعماله مقتناة في عدد من دول العالم.


اكتشف سورية

سانا

Share/Bookmark

مواضيع ذات صلة:

    اسمك

    الدولة

    التعليق