دوستويفسكي: دراسات في أدبه وفكره

17 حزيران 2012

.

تحيط ترجمة الدكتور نزار عيون السود لكتاب دوستويفسكي.. دراسات في أدبه وفكره الصادر عن الهيئة العامة السورية للكتاب بكامل حياة الروائي الروسي الراحل وأعماله واتجاهه الأدبي الفكري فتتجاوز مجرد كونها مقالات حول الكاتب لتكون بمثابة بحث مشترك في شخصية وأدب روائي ومفكر عالمي استثنائي.

تحت عنوان دوستويفسكي في العالم المعاصر يفتتح الكتاب بما كتبه غيوري فريدلندر عن الروائي بأنه لم يعان في يوم من أيام حياته من عدم اكتراث الأدب والنقاد به فمنذ ظهور عمله الأدبي الأول أدرك الناقد الكبير بيلينسكي الأبعاد العامة الواسعة لموهبته بعد أن حلل عمله وفسره بصورة متعمقة.

ويشير الناقد إلى أن محاولات النقد في السبعينيات والثمانينيات من القرن التاسع عشر للوصول إلى مغزى أعمال دوستويفسكي وتحديد مكانتها التاريخية ودورها في تطور الأدب الروسي والعالمي تبدو لنا الآن ساذجة قصيرة النظر فتاريخ البشرية خلال أكثر من تسعين عاماً مضت على وفاة الروائي قد أدخل على هذه الدراسات تعديلات وتصحيحات.

ويلفت فريدلندر إلى أن العالم الذي صوره دوستويفسكي في الجريمة والعقاب والأبله والشيطان والمراهق والأخوة كارامازوف بدا للكثير من معاصريه خارج روسيا مصطنعاً وخيالياً وبدت الشخصيات المصورة في هذه المؤءلفات فريدة وشاذة وموتورة وبدت المؤلفات غامضة ومختلة مشيراً إلى أن الوعي النقدي بأعماله تأخر إلى ما بعد كتابتها بكثير من السنين.

وتحت عنوان جمالية دوستويفسكي يكتب فريدلندر.. لقد وصل دوستويفسكي كغيره من عظماء عصره إلى قمم الفن الواقعي عن طريق مدرسة الجمالية الرومانسية التي تركت بصماتها على مؤلفاته وأعماله وتعتبر رسائله إلى أخيه دليلاً ساطعاً على مزاجه الرومانسي في تلك المرحلة ولكن الأهم من ذلك هو دراسة بدايات الفكر الواقعي التي ظهرت في رسائل دوستويفسكي الشاب والتي ساعدته على الانتقال بين عامي 1844 و1845 من الرومانسية إلى الواقعية.

ويورد الكتاب بحث ف.إيتوف في أدب دوستويفسكي تحت عنوان دوستويفسكي وفن الرواية الفلسفية الاجتماعية حيث يميز الناقد بين دوستويفسكي وبين غوغول وبوشكين اللذين تناولا القضايا الاجتماعية والضعف والفقر وغيرها حيث يرى أن ميزة الروائي هنا هي تناول موضوع فقر الإنسان ومذلته المعنوية بصورة أخرى وأسلوبية مختلفة عمن كتب في هذا المجال حيث يصور من خلال شخوصه حياة المدينة ككل وآلام الفئات الانتقالية من سكان المدينة والتعاطف الإنساني مع الكائنات المنسية تلك الجوانب التي تشكل روح دوستويفسكي الإبداعية.

بينما يرى ف.تونيمانوف بعنوان يوميات كاتب وآراء دوستويفسكي السياسية والاجتماعية أن أثار دوستويفسكي ومقالاته الاجتماعية والسياسية تمتاز بالغزارة والتنوع وبمعالجة العديد من المسائل والقضايا.

وفي بحث دوستويفسكي والوجودية ترى الناقدة آ.لاتينينا أن دوافع إبداع دوستويفسكي تتغلغل بصورة واسعة إلى الأدب المرتبط بالممارسة الفنية للنزعة الوجودية وعلاوة على ذلك ثمة رأي واسع الانتشار يقول ان أفكار الكاتب الروسي العظيم كان لها أثرها الكبير على الفلسفة الوجودية ذاتها.

وتختم الناقدة بالقول إن دوستويفسكي قدم الكثير للوجودية لكن الوجودية لم تقدم شيئاً إليه كما أن عالم الأفكار الذي يشكل النزعة الوجودية ليس بعالم كاتبنا دوستويفسكي إنه ليس سوى جانب من جوانب متعددة في عالم شامل من أفكار الكاتب العظيم تلك الأفكار التي تتطور باستمرار وتنتقل إلى التناقض والتضاد ومن ثم إلى الاستنفاذ واستهلاك الذات وإن النظر إلى دوستويفسكي واعتباره كاتباً وجودياً يعني التخلي عن فهم وإدراك إبداع دوستويفسكي الخلاق وعبقريته الأدبية والسياسية.


سانا

Share/Bookmark

اسمك

الدولة

التعليق