فخاريات أوغاريت

24 أيار 2012

.

لعبت المكتشفات الأوغاريتية دوراً كبيراً في قراءة عصر البرونز الحديث الواقع بين 1400-1200 قبل الميلاد ودلت على قوة وعظمة الانجاز الحضاري لمدينة أوغاريت ومكانتها الكبيرة كمركز تجاري عالمي في حوض البحر المتوسط.

وأوضح الباحث غسان القيم مدير موقع اوغاريت الالكتروني ان هذه المكتشفات شملت مجموعات كبيرة من القطع الفخارية متنوعة الأشكال والأنواع ولاسيما تلك التي صنعت باستخدام عجلة الفاخوري مشيرا الى ان علم صناعة الفخار تطور كثيرا عبر مراحله التاريخية وأصبح اختصاصاً مهماً يدرس في أهم الكليات والجامعات المعنية بالآثار في العالم وله فروع تتوزع وفق المراحل التاريخية التي مر بها.

ولفت القيم إلى أنه لا يمكن لأي بعثة أثرية أن تزاول أعمالها بكفاءة عالية ما لم تكن تضم في صفوفها خبراء في علم الفخار كون الخبير بالفخار هو الشخص الوحيد القادر على إنجاز هذا العمل في ظل غياب نصوص كتابية لزمن وجود السويات الاستيطانية متنوعة المواقع والتي يمكن من خلالها معرفة وتتبع مراحل الحضارة والفنون والصناعات البدائية المتطورة التي ازدهرت او تطورت فيها.

وبين أن جميع المكتشفات الأثرية ونتائج التنقيبات تتحدث عن أنواع الفخار المكتشف حيث تحتل الرسوم التوضيحية المتعلقة بالكسر الفخارية التي يعثر عليها المنقبون مكان الصدارة ولاسيما أن المعتقدات القديمة المتعلقة بالموت خصوصاً عند الفراعنة والسوريين كانت تتطلب تزويد الميت بما يريد من الاكل والأمتعة في رحلته الى العالم الآخر وقد وضعت تلك الأشياء في أوعية فخارية مخصصة للشعائر الجنائزية وهذا ما يوضح وجود كميات كبيرة من الفخاريات الى جانب الهياكل العظمية لاناس ماتوا منذ آلاف السنين.

وأشار القيم إلى أن أوغاريت التي ادهشت مكتشفاتها العالم انتجت جرار التخزين التي تستخدم لحفظ ونقل الزيوت والخمور وكانت تستورد ما ينقصها من انواع اخرى من قبرص وجزر اليونان وبلاد الاناضول وفلسطين وقد تميز الفخار المحلي بزخارفه الخارجية المتقنة مع وجود بعض العيوب نتيجة احتواء الصلصال على نسبة عالية من المعادن التي لم يستطع الصانع في بعض الاحيان التغلب عليها ويظهر جمال هذه الادوات في الكؤوس والأباريق بشكل خاص حيث تعد القدور الأكثر شعبية واستعمالا في اوغاريت وقد صنعها الحرفي بطرائق مختلفة وكانت بشكل عام تتميز بقعر مستدير وفتحة واسعة مع وجود عروتين شاقوليتين.

ولفت إلى أن شغف أهالي أوغاريت بالفخاريات الآتية من قبرص وبحر ايجة دفع صانع الفخار الاوغاريتي الى تقليدها وخاصة في صناعة كؤوس الماء والحليب ومنها نصف الكروية المزينة تزييناً هندسياً جميلاً والتي يمكن تمييزها والتعرف عليها من خشونتها مبينا ان الصانع الاوغاريتي ابدع اشكالا جديدة متميزة اصيلة من خلال صنعه للجرار الكبيرة ما دفع بعض الباحثين الى الاشارة بقوة الى المدرسة الاوغاريتية في صناعة الفخار والأواني الخزفية المستوحاة من الفنون والميثولوجيا السورية القديمة.

وأوضح القيم ان ما زاد تطور صناعة الفخار وازدهارها في اوغاريت استعمال الدولاب او ما يعرف باسم عجلة الفاخوري والذي استعمل في بلاد الشام وبلاد الرافدين منذ الالف الخامس قبل الميلاد حيث كانت مدينة /أو/ الرافدية احد اهم مراكز هذا التطور وقدمت الرسوم والنماذج الطينية المكتشفة في كثير من مواقعنا الاثرية السورية.

ولفت إلى أن الدولاب اختراع سوري بامتياز انتقل الى السومريين في جنوب العراق سنة 3500 قبل الميلاد وانتشر استعماله في شتى ارجاء المشرق العربي القديم وقد ادخله الهكسوس الذين قدموا من سورية الى وادي النيل عام 1650 قبل الميلاد وظهر في الصين وشمال أوروبا نحو 1500 قبل الميلاد مشيرا الى ان حركة دولاب الفاخوري صانع الفخار اوحت فيما بعد باختراع العجلة وعجلات العربات التي كان لها تأثير كبير في تطور النقل والمواصلات.


الوكالة السورية للأنباء - سانا

Share/Bookmark

اسمك

الدولة

التعليق