الشيخ علي الدرويش أداء رفيع وتلوينات ثقافية رائعة

20 07

التعاون السوري التونسي في مجال الثقافة والفنون يشهد أفضل حالاته

افتُتح في دار الأسد للثقافة والفنون برنامج الندوات البحثية الخاصة بالشيخ علي الدرويش الحلبي عازفاً ومعلماً وباحثاً، بمشاركة باحثين موسيقيين سوريين وعرب بالتعاون مع مركز الموسيقى العربية والمتوسطية في تونس ووزارتي الثقافة والسياحة على مدى ثلاثة أيام.
وأكد الدكتور نبيل اللو في كلمته بمناسبة افتتاح الندوة، أن فكرة الندوة ولدت بعد لقاءاتٍ جمعته بالباحث الدكتور محمود القطاط لإنصاف الشيخ العالم علي الدرويش والتعريف بفضله على الموسيقى العربية ومنهج البحث فيها، وقد وضعت الندوة تحت مظلة مؤسستين موسيقيتين، أولهما مركز الموسيقى العربية والمتوسطية في تونس والهيئة العامة لدار الأسد، ونوّه اللو في كلمته بحصة تونس من الشيخ الدرويش والتي تعادل حصة سورية فيه.
بدوره قال الدكتور مراد الصقلي -رئيس مركز الموسيقى التونسي- في كلمته بهذه المناسبة، أن التعاون السوري التونسي في مجال الثقافة والفنون يشهد أفضل حالاته، ومن هنا فرض الشيخ علي الدرويش نفسه حيث تعتز تونس به كشخصية علمية وفنية، لأنه كان شخصية مهمة وأساسية ضمن فريق البارون الفرنسي دير لانجيه هذا الفريق الذي اشتهر في تونس بداية القرن العشرين، والذي أسّسه البارون حينها خدمة للحفاظ على الموسيقى العربية بكل أنماطها، مشيراً إلى أن للشيخ الدرويش أهميةً كبرى في التعليم الموسيقي في تونس تلك الفترة.
وتحدّث الدكتور محمود القطاط -المشرف العلمي للندوة- في كلمةٍ، عن أن تقديم رائد من رواد نهضة الموسيقى العربية الحديثة والتي هي جزء لا يتجزأ من نهضةٍ شاملة تشعبت آثارها وتعددت فروعها هو من الأمور المهمة جداً، وتمنى القطاط أن يُلقى الضوء على بعض المخطوطات المهمة التي لم ترَ النور أو بقيت على رفوف المكتبات العامة أو الخاصة، خاصة أعمال الشيخ علي الدرويش التي وصل بعضها بشكل رسائل. كما طرح في كلمته قضية شحّ المكتبات العربية بالمعلومات عن أعلام موسيقاها والتي نحتاجها لتوثيق تراثنا الموسيقي.
وختم القطاط كلمته بخصال الشيخ الدرويش الموسيقية والبحثية وقدرته على جمع الغناء بالعزف، والتلحين والتدريس، إضافةً إلى البحث والجمع لأنواع الموسيقى العربية وتوثيقها ونشرها. كما ألقى كلمةً وزير الثقافة بالنيابة معاونه الدكتور علي القيم قال فيها: «أن مدينة حلب قدمت علماءً كباراً منهم رائد الموسيقى العربية الشيخ علي الدرويش الحلبي، وابناه ابراهيم ونديم والكثير غيرهم». وقال ايضاً: «ان موسيقانا العربية تكنّ للشيخ الدرويش الاحترام الكبير كونه راعياً وحافظاً لرسالتها». كما أشار إلى دور دار الأسد في حركة الثقافة في سورية من خلال نشاطها اللافت في هذا المجال.
كما شارك وزير السياحة سعد الله آغة القلعة بمداخلةٍ كباحث في الموسيقى العربية قال فيها: «إن بدايات القرن العشرين شهدت ازدهار الموسيقى العربية، والشيخ على الدرويش من أهم الباحثين الموسيقيين العرب»، إلا انه أشار إلى بعض النقاط المهمة في مداخلته وهي الفضاء الذي عاش فيه الشيخ الدرويش وأنتج، والنقطة الثانية أن الأداء الموسيقى كان في فترة الزهو بداية القرن الماضي في القاهرة، وتونس، وسورية، وبغداد، وحدثت فيها تغييرات مفصلية بحاجةٍ إلى دراسة عميقة ورصد المقامات والإيقاعات، والنقطة الأخيرة هي حلب في نهايات حياة الشيخ درويش بعد عودته إلى سورية وعمله في أول معهد موسيقى في حلب عام 1946، ولفت وزير السياحة إلى أهمية نشر كتب الشيخ على الدرويش وضرورة البحث عنها ومحاولة نشر المحفوظ منها لدى عائلته. أعقب الافتتاح الرسمي للندوة افتتاح معرض صورٍ موسيقية سورية للباحث والمؤرخ الموسيقى أحمد بوبس، يضمّ نحو 40 صورة بالأبيض والأسود لأعلام الفن السوري في بدايات القرن الماضي، ومنهم معن دندشي، وتوفيق صباغ، ورفيق شكري، وكروان، وياسين محمود، والكثير غيرهم.
بعد افتتاح المعرض بدأت الجلسة الأولى للندوة برئاسة الدكتور نبيل اللو ودارت حول محورين مهمين، تناول الأول علي الدرويش كعازف فيما تطرق الثاني إلى آلة الناي في الموسيقى العربية.
وتحدث الدكتور نبيل عبد مولاه -أستاذ المعهد العالي للموسيقى في تونس- والمختص بآلة الناي عن علي الدرويش، وخصوصيته كعازف ناي وقال إن الشيخ الدرويش يُعدّ من أهم عازفي الناي الذي اسمع الحضور تسجيلاً نادراً له تناوله بالبحث والتحليل، كما شرح عن أسلوب أدائه وتلويناته المقامية، التي وصفها إنها خارجةٌ عن المألوف وفيها تلوينٌ غير معهود، وانه كان يمتلك مهارات خاصة في العزف ابتداء من الحليات التي استخدمها، والتموجات الموسيقية، والسحب التي جعلها الشيخ في خدمة جمالية موسيقاه.
وفى مداخلةٍ له تحدث الدكتور الأب يوسف طنوس -مشرف البحوث العلمية في المعهد العالي للموسيقى بجامعة الكسليك بلبنان-، عن الناي في الموسيقى العربية ووصفها بأنها امتداد للروح، فجسد الناي هو القصبة أما الروح فهي نفخة العازف، كما شرح أصل كلمة الناي وعناصره التقليدية من القصبة المجوفة والعقد والثقوب. كما تَطرّق في مداخلته إلى تقنيات العزف على الناي، وأطواله، والتطورات التي شهدتها هذه الآلة الشرقية، وكذلك الصعوبات والمشاكل فيها. وختم الدكتور طنوس بأن الناي تنفرد بالنعومة، والليونة، والحنين، والاعتماد في الأساس على مهارة العازف، وفنه، وإحساسه.
ودار محور الجلسة الثانية برئاسة الدكتور محمود قطاط عن الشيخ على الدرويش باحثاً، بدأها الدكتور مراد الصقلي بعرض موقع الشيخ الدرويش ضمن فريق البارون دير لانجيه، والذي شرح فيه جذور البارون وعشقه للموسيقى العربية بعد استقراره في تونس، تبع ذلك مداخلة للأستاذ أحمد بوبس الذي تحدث عن البارون وفرقته التي عمل فيها الشيخ، وكان من نتاجه كتاب الموسيقى العربية الذي أصدره البارون في ستة أجزاءٍ ضخمة، صدر الوها عام 1926 والباقي صدر تباعاً حتى عام 1959، وكذلك أرشيفٌ مهم من المخطوطات البالغ عددها 2900 مخطوط.
وقدمت الباحثة المصرية الدكتورة عزة مدين عرضاً عن العلامة الشيخ درويش، ومشاركته في مؤتمر القاهرة الأول للموسيقى العربية عام 1932، يذكر انه ستقام على هامش الندوة التي تستمر إعمالها ثلاثة أيامٍ، أمسياتٍ موسيقية تحيى أولها مساء يوم الأحد 20 تموز فرقة حلب للموسيقى العربية بقيادة الأستاذ محمد قدري دلال، وتقدم فيها أعمالاً غنائية وموسيقية للشيخ علي الدرويش وابنه نديم.


سانا

Share/Bookmark

صور الخبر

بقية الصور..

اسمك

الدولة

التعليق