التعرفة الجمركية التدمرية


الآغورا في تدمر

قريباً من المسرح، وفي واحد من أكثر الأماكن حيويّة في تدمر، تقع الأغورا.

ويتألف مجمّع الأغورا من منشآت بنيت دفعة واحدة، وهي مرتبطة ببعضها بعضاً، وأهمها:

1- الأغورا نفسها: وهي ساحة واسعة مستطيلة الشكل تبلغ أبعادها واحداً وسبعين متراً بأربعة وثمانين متراً، وتحيط بها أربعة أروقة معمّدة يعود بناؤها إلى النصف الأول من القرن الأول الميلادي، ويبلغ عدد أعمدتها ثمانين عموداً أيونيّ الطراز، وقد اكتست بزخارف رائعة.

وتعد الأغورا الميدان العام الذي مارس فيه التدمريون نشاطهم الاقتصادي والسياسي. وفي هذا المكان الواسع كانت تعقد الاجتماعات العامة، ويتم تداول البضائع وحساب الضرائب والقيام بأعمال التسوّق.

وكانت ساحة الأغورا موجّهة من الشمال الشرقي باتجاه الجنوب الغربي، وكان الدخول إليها يتم عبر أحد عشر باباً.

2- مجلس الأعيان: إلى الشرق، غير بعيد عن الأغورا، وبشكل بارز على الشارع المعمّد المتقاطع مع الشارع الرئيس، وبمواجهة أحد أبواب الجانب الشرقي الشمالي من الأغورا، وهو الباب الرئيسيّ، يواجهنا بناء مستطيل الشكل، وقد سجل على ساكف الباب الرئيسي وعلى الأعمدة المجاورة تكريمات لرؤساء المجلس وأعيان المدينة، إنّه مجلس الأعيان، وفيه كانت تعقد الاجتماعات وتلقى الخطب، أو تعطى التصريحات للشعب، عند الخروج من المجمّع.

في الأغورا، هذا المكان الرّحب، كان أعضاء مجلس الشيوخ، والقبائل، وحتى الأفراد، يكرّمون ذوي المناصب والإنجازات الخاصة سواء أكانوا من التدمريين أم من غيرهم، وكانت تماثيل المكرّمين توضع على الحوامل الموضوعة على الأعمدة والجدران.

الآغورا في تدمر

وقبل أن نغادر الأغورا، لا بد أن نذكر قانون التعرفة الجمركيّة، الذي اكتشفه الأمير الروسي لازاريف عام 1881 عندما كان ينقّب في هذا الموقع المثير. وهو منقوش على لوح حجريّ يبلغ عرضه 480 سم، وارتفاعه 175 سم، ويحمل نصّاً مزدوج اللّغة (مكتوب بالتدمريّة واليونانيّة)، وقد كتب هذا النصّ مجلس الشيوخ التدمريّ، وهو مؤرّخ في الثامن عشر من نيسان عام 448 بالتقويم السّلوقيّ، أي في شهر نيسان من عام 137م.

يضع هذا النصّ قوانين تنظّم الضرائب المتأتّية عن إخراج وإدخال البضائع من وإلى تدمر،
ونجد في بعض من نصوصه كيفيّة تعامل التدمريّين مع البضائع والتجّار، ومنها:

- يأخذ الجّابي عن كلّ حمل جمل من المواد الجافّة عند الإدخال ثلاثة دنانير. وعن كلّ حمل جمل عند الإخراج ثلاثة دنانير. وعن كلّ حمل جمل عند الإدخال والإخراج دينارين اثنين.

- كلّ حمل زيت في أربع ضروف من جلد الماعز منقول على جمل عند الدخول ثلاثة عشر ديناراً، وعند الخروج ثلاثة عشر ديناراً.
- كلّ حمل من الدّهن، في أربعة ضروف من جلد الماعز على جمل، عند الدخول ثلاثة عشر ديناراً، وعند الخروج ثلاثة عشر ديناراً.

- عند استيراد الجلود وعند بيعها يرسم على كلّ جلد آسان.

ويمكننا أن نلاحظ العبارة التدمريّة الصريحة التي تشير إلى معاقبة المخالفين لهذه الغرامات معاقبةً شديدةً: «سوف نجبي الغرامات من الكاذبين بالمدينة، الذين يتهرّبون من الضريبة، ولتبرئتهم عليهم أن يدفعوا للمدينة مرّتين ثمانمئة دينار».

مواضيع ذات صلة: