الأغورا


الآغورا

تقع أغورا تدمر، التي سوف نقدم وصفاً لها، بين مسرح هذه المدينة [في الشمال الشرقي منها] والسيل [وادي القبور، إلى الجنوب] الذي يتجه بشكل عام من وادي القبور نحو معبد بل. وعندما ننظر إلى مخطط لخرائب الموقع فسرعان ما يلفت انتباهنا، في هذه المنطقة، مجموعة كبيرة معزولة، لا تزال قائمة في جزء كبير منها، حيث كان الرحالة قد رأوا منذ وقت طويل أنها تمثل الساحة الرسمية للمدينة. إن هذا المجمع، الموجه باتجاه شمال ـ شرق / جنوب ـ غرب، يتألف من ثلاثة مباني، بنيت دفعة واحدة وهي مرتبطة فيما بينها بحيث لا يمكن فصل أحدها عن الآخر: وهي ساحة واسعة مستطيلة الشكل، هي الأغورا تحديداً، وكان التدمريون قد سموها كما يبدو التتراديون «tetradeion»؛ وصرح كبير آخر مستطيل الشكل، في جدرانه نوافذ كثيرة، يحاذي البناء الأول على الواجهة الجنوبية الشرقية منه، ولا تزال وظيفته مجهولة؛ وأخيراً، ثمة في الزاوية الغربية من التتراديون بناء صغير كشفت تنقيباتنا فيه عن وظيفته: فهو معبد كان مكرساً لبعض العبادات الشعبية في المدينة.

وعلى الرغم من أن هذه المجموعة لفتت الأنظار إليها منذ فترة طويلة، والتي اكتشفت فيها عدة نصوص هامة، لكن الظروف لم تكن قد سمحت بتنقيبها. وكان آمي قد بدأ أبحاثاً فيها في عام 1935 لكنها لم تتابع. ومع ذلك، فقد وضَعَتْ أكاديمية الكتابات الفرنسية في عام 1939، بفضل الاهتمام الذي أولاه رنيه دوسو للقيام باستكشاف شامل للموقع، تمويلاً كبيراً بين يدي مديرية الآثار لهذا الغرض. ووضع متحف دمشق، باقتراح من أمينه الأمير جعفر عبد القادر ميزانية كبيرة، تممت التمويل الأول، مما سمح بإطلاق الأعمال خلال الصيف. وقد أمكن لهذه الأعمال أن تستمر على الرغم من الصراع الذي نشب بين الأوروبيين آنذاك، وانتهت في عام 1940. بل إن الاهتمام الذي أولاه الجنرال فيغند Weygand لهذه الأعمال أدى إلى التعاون مع فريق الهجانة المتمركز في تدمر، والذي ندين له بالفضل لمساعدته في رفع الأنقاض.

من الكتابات التدمرية في الآغورا

كشفت تنقيبات الأغورا عن عدد كبير من الكتابات، والتي جمعت لاحقاً مع ما كنا نعرفه منها لتشكل المجلد العاشر من مسرد الكتابات التدمرية الذي وضعه كانتينو M. Cantineau. وكان ثمانية وعشرون نصاً من هذه النصوص الجديدة قد نشر في أحد آخر أعداد مجلة Syria. إن الهدف من هذه المقالة هو تعريف الجمهور من خلال وصف موجز على عمارة الصرح وعلى الاكتشافات الجديدة التي تمت على الأغورا.

التنظيم
الأغورا هي ساحة مستطيلة الشكل، موجهة تقريباً من الشمال الشرقي باتجاه الجنوب الغربي، حيث ألحق بها في زاويتها الغربية معبد صغير. وكان صرح واسع ذو جدران فتحت فيها النوافذ يحاذي الأغورا على كامل الواجهة الجنوبية الشرقية من هذه الأخيرة، وهو متصل بها اتصالاً وثيقاً وكان قد بني في الوقت نفسه معها. وربما كان هذا الصرح الذي لم يمكن استكشافه سوقاً. وقد بني كامل هذا المجمع، الذي يشكل كتلة معزولة، على طرف مجرى السيل الذي يخرج من وادي القبور ليجري باتجاه معبد بل؛ وهو يقع إلى الغرب من المسرح، بين الشارعين المعمدين اللذين يقودان أحدهما من المسرح إلى السيل والآخر من التترابيل إلى السيل. يبلغ طول مستطيل الأغورا من الداخل 71.20م في الجهة الشمالية الشرقية، و 83.45م في الجهة الجنوبية الشرقية، و 71م في الجهة الجنوبية الغربية و 84.30م في الجهة الشمالية الغربية. وثمة رواق كورنثي بارتفاع 12.40م يتبع الأضلع الأربعة لهذه الباحة، ويفسح فيها ساحة مركزية واسعة بعرض 53.20م وطول 64م. إن العدد الإجمالي للأعمدة هو 80.


أروقة الآغورا

وقد تم ترك مسافات أوسع بين الأعمدة أمام [بعض] الأبواب؛ [وهي تمثل تغييرات وفقاً للجوانب ووفقاً لوجود أبواب دخول أو منافذ إلى الأغورا، وتعطي متوسطات المسافات بين الأعمدة لكل جانب المسافات التالية: 1.59 م بالنسبة للجانب الشمالي الشرقي، و 1.38 ـ 1.41 م بالنسبة للجانب الجنوبي الشرقي، و 1.60 ـ 1.75 م بالنسبة للجانب الجنوبي الغربي، و 1.45 م بالنسبة للجانب الشمالي الغربي. بالمقابل، تم تعديل بعض المسافات بين الأعمدة تبعاً لأبواب أو منافذ الدخول]. وكان الدخول إلى الأغورا يتم عبر أحد عشر باباً: كان ثلاثة من هذه الأبواب التي تم فتحها في الجدار الجنوبي الشرقي يجعلون الأغورا تتصل مباشرة مع الصرح الكبير ذي النوافذ؛ وثمة ثلاثة أبواب متوضعة بشكل متناظر في الجدار الجنوبي الغربي، وهي الأبواب 10 و9 و8، وكانت تنفتح على رواق خارجي يطل على السيل؛ وكان باب صغير يجانب معبد الزاوية الغربية، وهو الفتحة الوحيدة الموجودة في الجدار الشمالي الغربي؛ بينما تتوزع أربعة أبواب (بابان كبيران وبابان صغيران) بشكل غير منتظم على الجدار الشمالي الشرقي، تحدد هذه الأبواب مسافات أعرض ما بين الأعمدة باستثناء تلك الواقعة قرب زوايا البناء، حيث تنفتح في محور رواق محدد.

الأرضية
إن الأرضية الأساسية للأغورا كانت على مستوى تبليط الأعمدة، وكانت تشكل، تحت الأروقة، طبقة من الصلصال الرمادي يتوضع على ما يشبه الحصى. أما في الباحة فلا يبدو أن الأرضية كانت مشكلة سوى من التراب المدكوك. لكن مستوى الأرض لم ينفك مذاك يرتفع، ونعدد على الأقل ست طبقات مختلفة تحت الرواق الجنوبي الغربي، وهي مؤلفة كلها من طبقة رقيقة من الصلصال المتوضع على رمل ناعم. وقد انتهى الأمر بهذه الأرضيات المتعاقبة إلى طمرها لنعول الأعمدة.

الآغورا وتظهر التترابيل من خلفها

الجدران
تصل سماكة جدران الأغورا إلى 0.84 م باستثناء الواجهة الجنوبية الشرقية، حيث تصل هذه السماكة إلى 0.94م. ولا نلحظ فيها أي تناقص. ويتراوح ارتفاع المداميك بين 0.50 و 0.90م، وهو ليس ثابتاً بالنسبة للمدماك نفسه: فنلاحظ في الواقع تراجعات وانفكاكات في تسويات المداميك. وحده المدماك الذي نحتت عليه التيجان حفظ دائماً ارتفاع هذه الأخيرة. وقد زيّنت بعناية الحجارة البارزة على كامل سطحها. ونجد على حجارة التوضع شكلين زخرفيين عرضهما بين 0.20 و 0.25م؛ أما الأوجه الجانبية للحجارة فهي مقعرة بحيث أن الحواف العمودية للحجارة لا تنتظم إلا من خلال زوايا قائمة. وكان كل حجر بارز في المدماك البارز يزود بثقب لوضع كلابات الرفع فيه.

أما العتب (أو العارضة القائمة على الأعمدة) فترتفع 0.96م، وهي منحوتة في ثلاثة شرائط، تفصل بينها قضبان ويليها عقبية وبروز وقضيب وربع دائرة وربعية وبروز جديد. ويضاعف هذا لعتب بعتب مقابل له الشكل نفسه.

الآغورا وبقايا الأعمدة

الأعمدة
ترتكز أعمدة الأروقة على قواعد أثينية، مما يعطي لمدماك التوضع تشكيلاً دائرياً. لكن يبدو أن هذه الطريقة لم تكن كافية لتأمين توازن القاعدة، لأنها غالباً ما كانت تتمم بسنادات حديدية، مختومة عند نعل القاعدة، وكانت ترفع القاعدة بشكل طفيف على إحدى نقاط بنائها الذي هو بدون مونة. أما الجذع، الذي كان مزوداً بالزخارف نفسها من البروز والربعيات والفمويات التي في الطبور، فكان أسطوانياً حتى الثلث الأول من ارتفاعه، ثم كان يضيق تدريجياً: ويبلغ قطر قاعدته 0.92 إلى 0.935م؛ أما قطره الأعلى فيراوح بين 0.85 و 0.86م. وهو يتألف من عدد متغير من مدقات الأعمدة، حيث تأتي المدقة الأولى منها غالباً مباشرة على القاعدة.

سقف الأروقة
كانت الأروقة مغطاة بسطيحة، حيث تستبعد فرضية سقف ذي انحدارين بسبب غياب أي أثر لوجود آجرّ. وقد وصفنا التجويفات التي كانت توضع فيها وتثبت العضادات لهذا السقف في الواجهة التالية للأفاريز. وكانت هذه التجويفات توضع دائماً بشكل متوازن عمودياً، في حين أن عرضها لم يكن أقل من 0.40م، الأمر الذي لا يبدو مفرطاً بالنسبة لطول 7.85م. وكانت العضاداتان تحملان روافد عرضية، لكننا نلاحظ أنها تترك في الزوايا الأربع للأغورا أربع مساحات مربعة كانت تغطيتها تتطلب تجهيزاً خاصاً. ولا شك أن التجويفات الأقل عمقاً كانت تنتمي إلى هذا التجهيز، وقد لوحظت هذه التجويفات في الأفاريز عند الزاويتين الشمالية والشرقية.

الوقاية من الشمس
يمكن أن نفسر بشكل جيد توزع أبواب هذه المنظومة على جوانب الأغورا واستخدامها. ويمكن أن نتصور أنه كان من المفيد إعداد أبواب للمرور إذا كان يتم إغلاق المسافات بين الأعمدة بواقيات من الشمس والريح. ومن الطبيعي أيضاً أن الأبواب كانت غائبة تماماً عن صف الأعمدة الجنوبي الغربي. ولن ندهش أيضاً إذا ما وجدنا أبواباً في المسافات بين الأعمدة المجاورة لسبل الماء. وتكمن الصعوبة الوحيدة في أبواب الجانب المعمد الجنوبي الشرقي حيث كنا قد رأينا أن الواقيات لم تكن تنزل إلا إلى ارتفاع مترين عن الأرض: بحيث كان يتم ترك الممر مفتوحاً بالتالي في كافة المسافات بين الأعمدة في هذا الرواق، الأمر الذي لا يتيح لنا أن نميز بشكل واضح ضرورة وضع أبواب في بعض هذه المسافات بين الأعمدة. ويبدو أن الحل الأكثر ترجيحاً هو الافتراض أن المسافات بين الأعمدة في هذا الرواق كانت مغلقة، في قسمها الأسفل، من خلال منظومة ما لم تترك أي أثر لها.

من الزخارف في الآغورا

الكتيفات (أو الحوامل)
كما سبق ورأينا أعلاه، فإنه كان يوجد على أعمدة الرواق، على واجهتها [المقابلة للباحة]، حوامل أو كتيفات منحوتة في الكتلة الحجرية نفسها لإحدى فقرات العمود. ولم تكن العضادتان اللتان تسبقان الباب تحملان كتيفة؛ وبالتالي كان يوجد في الإجمال 78 كتيفة من أصل كتلة فقرة العمود. ولم يكن هذا العدد كافياً، طالما أن حوامل أخرى أضيفت إما على قفا العمود أو على جانبيه، أو على الجدران وعلى الطبور، [كما وعلى الأعمدة ـ العضادات]. وكانت هذه الكتيفات الجديدة مزودة بلسان بارز كبير ضمن قسمها الأمامي، وهي مثبتة في فرضة أو شق. وبشكل عام يكون للأعمدة بالتالي كتيفة إضافية متوضعة في الخلف، بل ويكون لها أحياناً أكثر من ذلك: لقد كشفنا عن فرضات 29 كتيفة وعن 39 كتيفة في الجدران والطبور، أي ما مجموعه 68 فرضة إذا ما أضيفت إلى الـ 78 كتيفة من أصل حجارة الأعمدة، فإن المجموع الكلي لها يكون 146 كتيفات. غير أن الكثير من الأعمدة متضررة ومشوهة، ووحده الجدار الجنوبي الشرقي ظل محفوظاً بحيث يعطينا فكرة عن عدد الكتيفات التي كانت مثبتة عليه. ولن نبتعد كثيراً عن الحقيقة إذا ما قدرنا أن مجموع الكتيفات والتماثيل التي كانت تزين الأغورا كان يبلغ المائتين. ومن المناسب أن نذكّر من جهة أخرى أن تماثيل أخرى كانت تنتصب على النضد التي كانت تعلو بعض الأبواب.

المناهل
تشتمل كل من الزاويتين الشمالية والشرقية لمدرج الأغورا على منهل تزييني. ويتألف هذان المنهلان اللذان لهما المظهر نفسه من حوض أحادي الحجر ومثلثي الشكل، متوضع على دكة قائمة، ويكمل من الأمام بتبليط مثلثي ذي حواف مرفوعة. والحوض مزخرف في الأسفل بزخارف بارزة على شكل جديلة وشريط مؤطر وحلية مضلعة وعصية؛ أما في الأعلى فهو مزين بربع دائرة وبحلية مضلعة.

وكان الماء يصل إلى الحوض عبر قناة تحت الأرض عند زاوية الحوض حيث كان أنبوب معدني يتلقاه. وكان هذا الأخير يمر في تقويرة في قاعدة عمود ثم يتبع أسفل أحد جوانب الحوض الصغيرة، ثم يبرز بشكل مكشوف على أرضية المنهل، حيث كان قد ثبّت تجهيز برونزي كان يقذف بالماء في الحوض. وكان الماء يجري بعد ذلك عبر ثلاث أقنية محفورة في الحافة الخلفية للحوض الذي كان يشكل بالتالي منهلاً للماء الذي كان ينتشر بعد ذلك على التبليط أمام المنهل حيث كان يوجد مصرف له. وللحوض بالإضافة إلى ذلك ثقب للتفريغ في قعره، كما وله مصب على شكل غربال عند حافته العليا. ويبدو أن قناة عمودية كانت قد حفرت في طرف كل من الحوضين كانت قد جهزت لوضع أنبوب فيها. وكانت المياه التي تغذي هذين المنهلين تصل إليهما عبر قناتين من الطين المشوي الملتحم بواسطة الجص واللتين كانتا تدخلان إلى الأغورا من جانب الطبر الموافق للعمود رقم 26. وكان القسطلان يمران معاً تحت الشارع المعمد ثم ينفصلان ليتجه كل منهما نحو الينبوع الذي يغذيه. وكان تصريف مياه المنهل الواقع جهة الشرق يتم عبر قناة كانت تنقل المياه بدورها على طول الرواق الجنوبي الشرقي باتجاه السيل. وقد دمّرت المرحلة الأخيرة من مسارها عند بناء السور.

من الزخارف في الآغورا

مجلس الأعيان
هو عبارة عن كتلة معمارية مستطيلة الشكل، طولها 3.74 م عند القاعدة، وتبرز 2.58 م أمام نعل أعمدة الشارع المعمد، بحيث أن واجهتها الأمامية تتعدى بنحو 0.94م على التبليط ما بين الأعمدة. ويتوضع مدماك الأساس لهذا الصرح، وهو كل ما بقي منه تقريباً، على الأرضية البكر للباحة: وهو مبني من كتل حجرية كلسية وهي غير متلاصقة ومصفوفة بشكل جيد. ولا تزال توجد باتجاه الشرق بعض الكتل من مدماك آخر كان قائماً بشكل متراجع بمقدار طفيف (0.06م). ويحمل رصف كتل الحجارة الدبشة والجصية الذي يملأ داخل هذه الكتلة، قرب الكتل التي كانت تشكل المدماك الثاني، بلاطة كانت تشكل جزءاً من مصطبة. ويبدو من هذه البقايا الضئيلة أنه من المرجح الاستنتاج وجود نوع من المجلس، الذي كان يتم الولوج إليه عبر أحد الأبواب للقضاء في بعض الشؤون الرسمية. وكان هذا الباب الأخير هو الباب الرئيسي بين الأبواب التي كان يتم الدخول عبرها من المجمع إلى الأغورا: وكان ساكفه يحمل كتابة لأحد رؤساء [رئيس مجمع هذا المجلس، كما أنه عثر في هذا القطاع أيضاً على الكتابات التي تكرم أعيان المدينة، ونعتقد أنه يمكننا أن نتعرف في صرحنا هذا على مجلس لإلقاء الخطب بحيث كان يمكن إلقاء بعض التصريحات للشعب عند الخروج من المجمع.

الآغورا

المعبد
في الزاوية الغربية من الساحة، وعلى امتداد الرواق الجنوبي الغربي، ينفتح معبد الأغورا. يتألف هذا الصرح الصغير من مقدس «سيلا cella» مستطيلة الشكل، طولها 14.30م وعرضها 12.10م، ويشكل مخططها بروزاً إلى خارج مخطط الأغورا. وتنفتح السيلا بكامل عرضها على الرواق عبر فتحة تجانبها عضادتان ويقسمها عمودان. وليس بالتالي للمعبد سوى ثلاثة جدران حيث يقف جداراه الجانبيان عند عضادتي الفتحة. وترسم هاتان العضادتان باتجاه داخل الفتحة نوعاً من شكل العمود البارز عن الجدار، بحيث يبرز كل منهما نحو متر واحد مما يقلص كثيراً من الفتحة. أما أرضية المعبد فبنيت من الصلصال والقش المقطع وقد توضعا على حصى وردميات الموقع وهي ترتفع نحو 0.32م عن أرضية الرواق.

أياً كانت الغاية الأولية من المعبد، فقد أدى تحول له حصل خلال مرحلة غير محددة إلى جعله قاعة ولائم طقسية. ولهذا فقد تم تصحيح الشكل المفتوح كثيراً على الرواق لمدخل القاعة وغير المناسب لهذه الوظيفة بإغلاقه جزئياً. وتم بناء جدارين منخفضين من صفائح حجرية رقيقة، وذات حجوم مساوية تقريباً لحجارة بناء الأغورا.

سور المدينة
إن الجدار الجنوبي الغربي للأغورا والمعبد يحاذيان من جهة واجهتهما الداخلية سور المدينة الذي أقيم خلال مرحلة متأخرة. وقد بني هذا السور بالكامل من مواد الصروح التي كانت تقوم على مساره، ونرى بشكل خاص ومؤكد أن الهدف الأساسي من تدمير الأغورا كان التزود بمواد حجارتها للبناء. وقد تم البدء برفع حجارة الجدار الجنوبي الغربي، على مستوى مدماك قاعدته بشكل عام، وإعادة بنائه، بجزء من حجارته نفسها، بحيث يظهر نحو الداخل سلسلة من حجارة الربط بدلاً من سطح مزين: وهكذا فقد استخدم كزينة خارجية للسور. ومن جهة أخرى، تم إنشاء أساس جديد على أساس الجدار الجنوبي الغربي، وأقيم عليها مدماك تسوية في الموضع الذي كان سيتم فيه إنشاء الزخرفة الداخلية للسور. وقد بني التزيين الجديد بمساعدة الكتل الحجرية المستعارة عموماً من الرواق الجنوبي الغربي: عتب وأفاريز وفقرات أعمدة إلخ وقد ربطت كلها بواسطة الجص. ووضع مدماك التسوية للسور على ارتفاع أخفض من مدماك تسوية الجدار القديم بمقدار 0.11م: وقد تبعنا (تنقيبات عامي 1939/1940) أساسه حتى عمق 1.80م، لكن تبين أنه ينزل إلى أعمق من ذلك. والمسافة بين التزيينين أغلقت بحجارة دبش وجص. وكان السور الذي يصل عرضه إلى 1.85م لا يزال واقفاً حتى ارتفاع 4 أو 5 أمتار عندما دمر من أجل البحث والعثور على الكتابات الكثيرة التي كان قد أعيد استخدامها فيه. أما شكل ومظهر أقسامه العليا فمجهولان. وكان بئر الأغورا يقع على مسار السور، وقد تمت حمايته بواسطة حنية بحيث يظل بالإمكان الوصول إليه والاستفادة منه.



تأليف: ريمون دورو وهنري سيريغ
ترجمة: موسى ديب الخوري
المصدر: تدمر ملتقى الحضارات، الأوس للنشر

مواضيع ذات صلة: