دمشق في العهد العربي الإسلامي

دمشق في العهد العربي الإسلامي

حاصرت الجيوش العربية الإسلامية دمشق ودخلها من غربها أبو عبيدة ودخلها من شرقها خالد بن الوليد، ولم يصبها على أيدي محرّريها الجدد أيّ خراب أو تدمير، ولم يحدث فيها قتل أو إراقة دماء بين أبنائها. وأقام الفاتحون مع أبناء المدينة في جوّ من التسامح والتّعاون ندر مثيله في تاريخ الفُتوح، حتى كان المسلمون والمسيحيون يقيمون صلواتهم في معبد واحد، كل منهم في جانب من جوانبه.


أصبحت لدمشق في العهد الأموي مكانة ممتازة، حيث غدت عاصمة للدولة العربية الإسلامية الفتية، فتحوّلت على يد معاوية بن أبي سفيان من مركز ولاية إلى عاصمة دولة كبرى، لم تلبث أن وصل نفوذ حكامها إلى حدود الصين شرقاً وإلى مياه الأطلسي غرباً.


ويُعتبر العهد الأموي العصر الذهبي لمدينة دمشق، قامت فيها خلاله قصور الخلفاء وامتدت مساحة العُمران، وكان من أهم أبنيتها في هذا العهد وما يزال قائما حتى اليوم جامع بني أميّة الكبير، الذي تم بناؤه عام 96هـ في عهد الخليفة الوليد بن عبد الملك، ولا يزال يُعدّ من أجمل الأبنية العربية الإسلامية في العالم.


وامتد هذا العهد الأموي حتى عام 132هـ/750م، حيث أدّى تغلّب العبّاسيين على الأمويّين إلى خسارة دمشق لمكانتها، وكان ذلك نقطة الفصل التي حسمت انتهاء عهد بني أميّة وابتداء العهد العباسي.


في العهد العباسي فقدت دمشق مركزها كعاصمة حين اتّخذ العباسيون من مدينة الكوفة في العراق عاصمة لهم. ودخلت جيوشهم دمشق لتقضي فيها على خصومهم من رجال بني أمية وتمحو آثارهم. وهكذا غربت شمس دمشق بعد أن استمرّ إشراقها خلال سنوات العهد الأموي.


وبدأت سحب الظلام تخيّم عليها على مرّ الأيام وسقطت فريسةً للثورات والفتن والاضطرابات وما يرافق ذلك من فوضى وخراب ودمار.


أصبحت دمشق حوالي منتصف القرن الثالث للهجرة 254هـ/868م تابعة للدولة الطولونية في مصر الموالية لدولة الخلافة العباسيّة في بغداد. ثم عادت المدينة إلى حكم بغداد المباشر بعد زوال الدولة الطولونية عام 292هـ/904م.


وفي عام 323هـ/934م قامت في مصر الدّولة الإخشيدية، واستمرّت من خلالها سيادة الخلافة العباسية على مصر والشام. إلا أن هذه السيادة زالت نهائيا عن مصر والشام بقيام الدولة الفاطمية، التي دخلت قواتها إلى هذه المنطقة عام 358هـ/968م، وأصبحت دمشق مرتبطة بالخلافة الفاطمية التي انتقلت عاصمتها من المهديّة في تونس إلى القاهرة في مصر.
تعرّضت دمشق خلال هذه الفترة من تاريخها (أي خلال عهد الطولونيين والإخشيديين والفاطميين) لحروب وغزوات، صراعاً على السُّلطة والنفوذ والسيادة، وكان من أشدّها غزوات القرامطة الذين احتلّوها عدّة مرات خلال السنوات 293 و360 و361 و362هـ. وقد أصاب دمشق نتيجة لذلك الكثير من الخراب والنّهب والدمار.


دمشق في العهد الفاطمي
 

مواضيع ذات صلة: