وقائع أول رحلة للشركة السورية للسياحة

إلى البيئة السليمة في أجمل المناطق السورية

25/أيار/2008


لماذا حشدت الشركة عدداً كبيراً من البيئيين في رحلتها إلى كسب وغابات الفرللق وشاطىء وادي قنديل والبحيرات السبع؟ حصاد الرحلة: البيئة النظيفة حاضن ذهبي للمنتج السياحي.

عندما قرأت في برنامج الرحلة أن هناك زيارة الى البحيرات السبع في اللاذقية فركت عيني: أتراني لم أزرها بعد أم أنني لم أقرأ عنها؟ أيعقل أنني لم أسمع حديثاً أو لم أشاهد صوراً متحركة أو ثابتة طيلة عمري عن تلك البحيرات في بلدي؟

أعترف أن الإشارة إلى البحيرات السبع شدتني أكثر إلى تلك الرحلة التي نظمتها في الثامن من أيار الجاري الشركة السورية للسياحة لتعلن عن ذاتها بقوة وبطريقة عملية بصفتها شركة عامة عملياً ستعنى من الآن فصاعداً بالسياحة الداخلية، وستنشطها وتكثر من روادها لتؤمن طلباً كثيفاً على المنتج السياحي السوري ولا سيما في المناطق الشمالية والشرقية مما سيحفز المستثمرين على الاستثمار في تلك المناطق الزاخرة بطبيعة ساحرة ومتنوعة وآثار نادرة ومواقع مبهرة.

حشد بيئي
دعت الشركة السورية للسياحة شرائح مختلفة من الناس لرحلتها الأولى على خط دمشق – اللاذقية – كسب – البسيط – مشقيتا - البحيرات السبع - غابات الفرللق - ربيعة - القسطل (معاف)- طريق اللاذقية أريحا - ثم الكورنيش الجنوبي في اللاذقية.

عندما صعدنا إلى البولمان وجدنا فيه الكثير ممن يتابعون الشأن البيئي، منهم مثلاً أستاذنا هشام بشير الصحفي الكبير -مدير تحرير الزميلة تشرين سابقاً- المتقاعد نظرياً، وهو حالياً أمين سر جمعية حماية البيئة والتنمية المستدامة، والزميل بشار الحجلي مدير تحرير مجلة البيئة والإنسان التي تصدرها شهرياً جمعية أصدقاء البيئة بدمشق، ود. نبيل بطي عضو الجمعية السورية للبيئة، والسيد جميل حنا عضو جمعية حماية البيئة، والسيدة أمل محاسن أمينة سر جمعية أصدقاء دمشق وهي ذات اهتمامات بيئية ملفتة، إلى جانب عدد كبير من الزملاء الإعلاميين من المتخصصين في الإعلام البيئي والسياحي، والدكتور مكين المالح أمين سر جمعية حماية المستهلك.

سألت الأستاذ نضال ماشفج مدير عام تلك الشركة عن سر هذا الحشد البيئي فأجابني مبتسماً: «ستقوى على الجواب بنفسك في نهاية الرحلة».

محظوظون جداً
عندما غادرنا الزورق إلى مشقيتا مرة ثانية وكانت الرحلة في منتصفها، سرني أن أقرأ سعادة غامرة على وجه الزميل عدنان بكرو المذيع في الإذاعة السورية -صوت الشعب- فقلت له: لعلها رحلة ممتعة، أجاب: جداً جداً وأردف قائلاً: «تصور لقد حاولت المستحيل أن أعتذر وأن أتخلف عنها واعتقدت أنها ستكون كالعقوبة فإذا بها مكافأة كبرى.

لم تخفِ المذيعة الشابة علا عباس من صوت الشباب فرحها الدائم طيلة لحظات هذه الرحلة، إذ كانت تبث باستمرار على الهواء مباشرة أو داخل الحافلة مقابلات وملاحظات ومشاهدات وأغنيات وأحياناً بصوتها الشجي!

كثيرون غنَّوا، ولو أن الأمة بحاجة إلى مزيد من المطربين لقلنا لهم اتركوا الكرسي الجامعي أو القلم أو المكتب واعتلوا المسارح، وكثيرون رقصوا ودبكوا تعبيراً عن الفرح والانبهار بالغابات الساحرة والإطلالة البديعة والشاطىء الرملي والصخري في آن معاً!

رحلة إلى الطبيعة الغناء
لعل من صمم هذه الرحلة قد أبدع، واقترحت في سياق اللقاء بين المشاركين فيها والدكتور سعد الله آغة القلعة إثر عودتهم إلى دمشق، أن يُحتفظ بها كرحلة متميزة رفيعة المستوى للراغبين بزيارة متميزة جداً جداً للربوع السورية العصية على الوصف، إنها جنة الله على الأرض.

بدأت الرحلة صباح الخميس من دمشق إلى حمص، وبعد الفطور في إحدى الاستراحات الممتازة توجهت إلى قلعة الحصن، ورافق زيارتنا للقلعة دليل لفت انتباهنا إلى حقائق كثيرة وقرأ لنا كتابات مفيدة جداً كتبت باللغة العربية ولكن بخطوط عصية على القراءة لمن لم يعتد عليها ولم يمحص بها جيداً.

اقترح دليل الرحلة المتميز أن نعرج على طرطوس وأن نزور أرواد، لكن ولع المصورين باللقطات المبهرة من على سطح قلعة الحصن للوادي النضر، جعل الاقتراح في طريق مسدود وتابعنا مباشرة إلى سد بلوران، وتناولنا طعام الغداء في الخامسة مساء على ضفاف تلك البحيرة النادرة ذات المياه الغدقة الخضراء لكثرة الغابات حولها، بحيرة على قمم الجبال!! في الطريق الصاعد إلى كسب البلدة التي وصلناها تحت زخات المطر الغزير جداً، وكان البرق في السماء كألعاب نارية ترحب بنا وتحتفي بمجيئنا تماماً مثلما فعل أبو جورج صاحب فندق رزوق وعماله الذين وفروا لنا إقامة ممتازة.

لم تنقطع الأمطار عن الهطول والانهمار طيلة الليل، وفي الصباح كان الضباب كغطاء أبيض رقيق ينكشف رويداً رويداً لتظهر من تحته غابات الصنوبر والسرو وقد اخضرت أكثر بعد أن اغتسلت جيداً طيلة المساء والليل.

هرعنا إلى الميكروباصات لعلنا نكحل العينين بقمة «تشالما»، سحرتنا الكلمة ولم نعرف معناها ولم نمحص كثيراً لأننا هناك على مقربة من القمة لم نرَ شيئاً سوى الضباب الكثيف والمطر الغزير. عشنا الفصول الأربعة في يوم واحد، ذلك أننا عندما رجعنا من قمة تشالما إلى وادي قنديل كانت الشمس قد غدت ساطعة وحارة على شاطىء البحر مما أغرى بعض رفاقنا في الرحلة بأن يسبحوا، وعرفنا منهم الزميل كنان جمعة وهو صحفي شاب في جريدة بلدنا، والدليل على فتوته أنه لم يمرض في اليوم الثاني! سبح والمطر ينهمر فوق البحر.
وقائع أول رحلة للشركة السورية للسياحة
كل شيء كان جميلاً باستثناء الأوساخ التي يتركها المتنزهون على الشاطىء: عُلب المياه الغازية وزجاجات العصير وقشور الموز والبرتقال والتفاح والموالح، ولعل ما رأيناه حفزنا على حوار بيئي اكتمل في غابات الفرلق، سنعود إليه عندما سنزور تلك الغابات المذهلة بطبيعتها وجمالها.

رحلة فوق البحيرات السبع
 
من وادي قنديل توجهنا إلى مشقيتا فإذا بها لوحات متقنة لجمال طبيعي أخاذ رسمها فلاحون مهرة بما غرسوا من زيتون وحمضيات، ومن مشقيتا وصلنا إلى طريق ترابي ضيق قادنا إلى البحيرات السبع التي تعرفنا عليها في سياق رحلة بوساطة ثلاثة زوارق بخارية.

تحتوي تلك البحيرات ذات الماء العذب على جزر كالغابات تكبر لتوحي بالفصل بين بحيرة وأخرى، في حين أن كل البحيرات محاطة بجبال تحمل أجمل الغابات وأكثرها كثافة. أمضينا ساعة ونصفاً في سعادة غامرة، ماء أخضر رقراق وغابات خضراء وهواء عليل ونسيم منعش، هذه هي البيئة السليمة، إنها الحامل الذهبي للمنتج السياحي، منتج كان محصلة للدأب التنموي، إذ عرفنا أن تلك البحيرات هي عملياً بحيرة سد السادس عشر من تشرين الثاني في اللاذقية، سد ربحناه في سياق الإصرار على ادخار كل قطرة ماء، بني في الثمانينات من القرن الماضي وحقنت الشقوق في بحيرته وفي جسم السد للوصول إلى كتامة مطلقة مثبتة بعد ربع قرن من الاستخدام، وجرى حفر نفق ينقل مياه البحيرة إلى سهول الشاطىء الأزرق في اللاذقية لإرواء أربعة عشر ألف هكتار، علماً بأن طاقة التخزين في البحيرة هي مائتان وخمسة وعشرون مليون متر مكعب من المياه.

غابات الفرلّق
 
سمعنا الكثير عن غابات الفرلق وأتاحت لنا هذه الرحلة دخولها والاستمتاع بالإصغاء إلى خرير المياه وزقزقة العصافير فيها، تحتوي هذه الغابات على أشجار متنوعة هرمة وفتية، وقام عدد من أبناء المنطقة بإنشاء أدراج وجسور وألعاب للأطفال وطاولات ومقاعد من أخشاب الغابة ذاتها ووفروا للمتنزهين القهوة على الحطب والمناقيش والفطائر والعصائر المتنوعة وعبوات المياه وعلب المياه الغازية.

طلب السيد الوزير من مدير عام الشركة السورية للسياحة إرسال مراقبين لمسار الرحلات مستقبلاً وعدم القبول إلا بالخدمات الممتازة في أية استراحة ستقف فيها الرحلة أو في أي مطعم، وقرر إرسال كتب إلى السادة المحافظين للمؤازرة بشأن النظافة وهي من اختصاص السلطات المحلية، وذكر السيد الوزير أن وزارة المالية قد خصصت خمسة في المائة من الرسوم المحلية، لتنمية المواقع الأثرية والسياحية، وفي سياق الحوار مع المهتمين بالبيئة أكدوا أن بإمكانهم تلبية أي دعوة وإحضار مئات المتطوعين من الشباب للقيام بحملات نظافة.

إن مواقع الاستراحات في غابات الفرلق مغطاة للأسف الشديد بالعلب الفارغة وبقايا الطعام والأكياس. وقلنا لممثلي الجمعيات البيئية «يجب ألا تنتظروا دعوة، لقد نذرتم أنفسكم لحماية البيئة، نظموا الرحلات البيئية ذاتياً»، وهنا أوضحت السيدة أمل محاسن أن إمكانيات جمعية أصدقاء دمشق، على سبيل المثال، لا تسمح ولذلك يتوجب على السلطات المحلية توفير وسيلة النقل والمبيت والطعام للمتطوعين، وبحثت مع الدكتور مكين المالح موضوع التطوع فقال لي «إنه في بعض دول العالم يعطى المتطوع نقاطاً تحسب له كامتياز سواء في خدمة العلم أو الجامعة أو الوصول إلى الوظيفة».

فلسفة السياحة الداخلية

عقد السيد وزير السياحة اجتماعاً في مبنى الوزارة مع المشاركين في هذه الرحلة، وعقد مؤتمراً صحفياً في فندق الشيراتون بعد ذلك بمناسبة إقامة معرض السياحة الداخلية 22-24 أيار الجاري، وفي الفعاليتين أصغى السيد الوزير إلى الانطباعات وكانت ممتازة، وإلى نتائج الاستبيان والأسئلة، وأوضح التالي: إن السياحة الداخلية شيء والشعبية شيء آخر، فالسياحة الشعبية هي في متنزهات وأماكن عامة مجانية مفتوحة للجميع، أما السياحة الداخلية فهي تتجه إلى فنادق ومنتجعات ومطاعم وتكون مأجورة، ونسبتها في سورية خمسة وعشرون في المائة من السياحة الخارجية، ونسبة نزلاء الفنادق السوريين إلى سكان سورية ثلاثة في المائة فقط، أما مردودها فهو 1.1 مليار دولار مقابل 3 مليارات دولار لحركة السياحة إلى سورية من العالم ومن الوطن العربي.

إن نسب السياحة الداخلية وأرقامها قليلة، ولذلك قررت وزارة السياحة زيادتها وستقوم الشركة المحدثة -وهي الكرنك سابقاً- بأداء دور المنظم للرحلات بهدف إتاحة الفرصة أمام كل أسرة سورية محدودة الدخل للقيام برحلة واحدة في السنة على الأقل، بكلفة مقبولة وجودة مقبولة.

أوضح مدير عام الشركة السورية للسياحة أن الشركة قد صممت اثنا عشر برنامجاً لرحلات متنوعة نصف يوم أو يوم أو يومين أو ثلاثة أيام إلى الساحل والمناطق الشمالية والشرقية والهدف النهائي تنشيط السياحة والاستثمار السياحي، لا سيما أن السياحة تساهم اليوم بواحد وثلاثين في المائة من القطع الأجنبي الوارد إلى سورية.
وقائع أول رحلة للشركة السورية للسياحة
سألنا السيد الوزير: إذا كانت الشركة منظمة للسياحة الداخلية والرحلات، وإذا كانت الرحلات بسعر الكلفة أو بهامش ربح بسيط، فكيف ستُقبل المكاتب السياحية على إنجاز البرامج؟ أجاب: «إننا نراهن على قدرة الشركة على اجتذاب أعداد كبيرة من الناس الراغبين في الرحلات، وفي رأينا إنه من الأفضل أن تملك الشركة السورية للسياحة عدة بولمانات، وأن توظف سائقين على غرار السائق الممتاز (أبي أيهم) لباص رحلتنا الهادئ الرصين الماهر، وأن تعتمد على أدلاء مثل السيد فادي رحمون من خان شيخون فهو مذهل في أدائه الشيق المبدد للملل، الخالق لأجواء حيوية مرحة».

إذا أرادت أن تنجح يجب أن تضطلع بذاتها بالرحلات، والنجاح ليس أعجوبة أو سراً، إنه يحتاج فقط إلى التزام وحرص ونقاء في الأداء وسخاء يليق بالجهود.




البعث


مواضيع ذات صلة
- معهد محمود عجان للموسيقى في اللاذقية
لتأهيل وتخريج المواهب والإبداعات الموسيقية الموجودة في المحافظة

- مشروعين لترميم قلعة صلاح الدين والمتحف الوطني باللاذقية
الكشف عن بعض الأرضيات والجدران المخربة المتلاصقة مع الصخور الطبيعية

- مارسـيل خليفـة في اللاذقيـة: وجدت في سوريـة تفـاعلاً كبيراً من الجمـهور
يسعى لأن يكونَ في أغانيه قريباً من وجدان وضمير كلِّ المناضلين العرب

- منتدى سوق الاستثمار السياحي باللاذقية
منشآت ستوفر للمواطن سياحةً شعبية وعدداً لا بأس به من فرص العمل

- ترميم قلعة المهالبة يسفر عن اكتشاف نصين تاريخيين
تشييد حصن بلاطنس من قبل البيزنطيين

- اكتشاف معالم لكنيسة بيزنطية في قلعة صلاح الدين
ترميم في القلعة بكلفة 5ر6 ملايين ليرة سورية

- إطلاق الدورة الأولى لمهرجان اللاذقية المسرحي
تكريم ثلاثة فنانين من اللاذقية

- اكتشاف حمام أثري يعود للفترة الرومانية بعين الحلوة باللاذقية
حمام مشيد بالحجر الرملي النحيت

- ترميم قلعة صلاح الدين باللاذقية
نموذج فريد لفن العمارة العسكرية في سورية

- مديرية آثار اللاذقية رممت أربعين في المائة من قلعة صلاح الدين
- مشروع موقع كوكب القبلية السياحي بدرعا ومقومات الجذب السياحي
في إطار سعي المحافظة إلى تشجيع الاستثمار و توطينه

- آغة القلعة: النمو السياحي حوالي 15 بالمئة
رغبة وزارة السياحة اليمنية في الاستفادة من التجربة السورية

- خمسة مواقع أثرية في حماة ضمن سوق الاستثمار السياحي الرابع
مشاريع تمتاز بقيمة أثرية وتاريخية كبيرة

- ورشة عمل تناقش واقع العمل السياحي بعد ارتفاع الأسعار
- بوابة دمشق يدخل موسوعة غينيس للأرقام القياسية
- التحضيرات لمهرجان سوار الشام
- اثنا عشر ألف زائر في معرض هذا العام
خطط طموحة لتنشيط السياحة داخلياً

- سباق اليخوت الشراعية لشرق المتوسط يصل اللاذقية
- أهالي مصياف يقومون بحملة صيانة وتنظيف لتجميل مدينتهم
- زيادة إيرادات السياحة في حماة

تعليقات القراء

المشاركة في التعليقات:

*اسمك:
الدولة:
بريدك الإلكتروني:
*تعليقك:

الحقول المشار إليها بـ (*) ضرورية

ضيف اكتشف سورية
إلفة الإدلبي
إلفة الإدلبي
حصاد عام 2008
حصاد عام 2008
دمشق القديمة
غاليري اكتشف سورية
غاليري اكتشف سورية
 

 


هذا الموقع برعاية
MTN Syria

بعض الحقوق محفوظة © اكتشف سورية 2008
Google وGoogle Maps وشعار Google هي علامات مسجلة لشركةGoogle
info@discover-syria.com

إعداد وتنفيذ الأوس للنشر
الأوس للنشر