25/أيار/2008
أصدرت الأمانة العامة لاحتفالية دمشق عاصمة الثقافة العربية 2008، بهدف تقريب المسافة بين القارئ والكتاب وليكون في متناول أكبر شريحة ممكنة، كتابين من سلسلة أعلام الأدب السوري، ما يشكل نواة لمكتبة صغيرة في كل بيت. ويمكن إصدار ثلاثة كتب كل شهر من هذه السلسلة التي تعنى بالإبداع السوري الجديد على نحو خاص.
تطمح الأمانة، عن طريق كتابيها: «نزار قباني قنديل أخضر على باب دمشق» و«أدونيس عراف القصيدة العربية» والكتب التي ستصدر لاحقاً، إلى توثيق الشعر السوري، عبر أربعة أجزاء من أنطلوجيا تغطي تجارب كل جيل على حدة.
ستصدر الأمانة سلسلة من المذكرات لشخصيات مهمة إلى جانب عدد من الكتب التاريخية التي تعنى بمدينة دمشق، ستكون هناك أيضاً ترجمات إلى اللغات الأجنبية لعدد من الروايات التي تمثل توجهات وأجيال الكتاب الروائيين السوريين.
لا شكّ أنّ اسم أدونيس سيظل يقترن اقتراناً عضوياً، يصل درجة التناغم، بحركة الحداثة الشعرية العربية، وربما العالمية أيضاً، إلى جانب شعراء كبار من أمثال أوكتافيو باث وآلن غينسبرغ وريتسوس وأراغون، وسواهم. ولن ينكر أحدٌ بأن تأثيره على أجيال متعاقبة من الشعراء والنقاد العرب بات من المسلمات المعرفية. فكما أن حياته تسردُ قصة عوليس بحّار، عابر للثقافات، شغوف بارتياد تخوم مجهولة، في الثقافة واللغة معاً، كذلك شعره، الذي يعكس مراحل من التطور المستمر، الذي بدأه الشاعر بتأصيل الروح الكلاسيكية وتعزيز معاييرها في النصّ أولاً، عبر انغماسه عميقاً في التراث، ثم الانفتاح تالياً على تجارب شعرية عالمية، ليصبح شعره ذاته جزءاً لا يتجزأ من حركة الحداثة الكونية، ليس لأنه تُرجم إلى معظم اللغات الحية، بل بسبب ما يختزنه من طاقة معرفية وشعرية وجمالية تجعله يتجاوز الثقافات ويعبر اللغات.
أما نزار قباني فيتمتَّع برنين «الحضور»، بحضوره الآسر، باستحواذه على المتلقي، أقصد بغياب الشعر وحضور الشاعر، هذا لايعني أنَّ قصيدة نزار قباني لا أهميةَ لها بقدر ما أنَّ رنين الاسم والجسد والصوت يعصف بحضور القصيدة؛ ليكون الحضورُ حضورَ الشَّاعر، فتأتي القصيدة إلحاقاً لهذا الحضور الباذخ، كما لو أنَّ حضورَ الشاعر هو القصيدة، فالقصيدة لا تعرف الاستقلالية عن جسد الشاعر، عن جسده الحاضر، عن حضور جسده، عن صوته، تنفُّسه؛ ولهذا لا غرابة في القول: إنَّ قصيدة نزار ما فتئت سليلة الصوت والرطوبة، قصيدة المعنى الواضح، القصيدة التي تفسِّرُ نفسها بنفسها، القصيدة التي تغفو ما أن يغفو الشَّاعر، إذ تكتسب القصيدة معناها، دلالاتها من الشَّاعر ذاته، هذا التطابق بين الشَّاعر وقصيدته هو الذي يفسِّر قوة الرنين الذي يتمتع به نزار قباني في ذاكرة المتلقي.
|