الصحة النفسية والطريق إلى التفوق الدراسي

07/13/2010

محاضرة للدكتور نضال موسى سعدون بدعوة من جامعة المأمون ومديرية الثقافة بالحسكة

إذا كانت الأمراض الجسدية من الطبيعة فكذلك هي الأمراض النفسية من المجتمع، وبمقدار اهتمام المجتمع بالصحة النفسية يكون بالنتيجة مجتمعاً فعّالاً متطوراً، لذلك نجد في الآونة الأخيرة اهتمام سورية - وخاصة القطاع التربوي فيها - بالحالة النفسية للمتعلم، حيث تمّ استحداث غرفة المرشد النفسي في مدارس القطر عامة، وكان لا بدّ من تعريف المواطن العربي بضرورة الصحة النفسية من خلال المنابر الثقافية لتغيير الفكرة غير الصحيحة عن المرض النفسي، والتي أرست دعائمها للأسف بعض عروض الدراما العالمية والعربية، عند تصوير المريض النفسي والطبيب المعالج الذي يبدو عليه المرض النفسي (الجنون) أكثر من المريض نفسه، بالإضافة إلى سوء فهم طبيعة المرض النفسي عند البعض.

هذا ما تناولته محاضرة الدكتور نضال موسى سعدون - أخصائي الطب النفسي في جامعة المأمون الخاصة في القامشلي – التي قدمها يوم الاثنين 12 تموز 2010 في المركز الثقافي في الحسكة، بدعوة من جامعة المأمون ومديرية الثقافة بالحسكة، إذ أنه من المعروف أن الأمراض النفسية متعددة وكل مرض نفسي يتميز بأعراض وأسباب وعلاج مختلف عن غيره، أسوة بالأمراض الجسدية، كما يمكن تصور الحالة الصحية للنفس - والكلام للطبيب- من خلال إدراك الواقع والذات بشكل منطقي والانسجام بينهما والقدرة على ضبط السلوك في كافة المواقف وتكوين علاقات ناجعة خاصة مع الأصدقاء وغيرهم، والسعي إلى التفوق والإنتاج. ثم انتقل الطبيب إلى أهداف الصحة النفسية الإنمائية من خلال تحسين المعرفة بالصحة النفسية والوقائية، ووقاية الذات من المرض النفسي و المسارعة بالعلاج من خلال مراجعة الطبيب النفسي طلبا للشفاء.

ثم انتقل الدكتور نضال سعدون في حديثه إلى أكثر الأمراض النفسية انتشاراً بين المتعلمين في المدارس والجامعات وغيرهم، وهذه الأمراض هي القلق والرهاب الاجتماعي والاكتئاب، وبيّن أن القلق السوي هو ذلك القلق الذي يختبره الناس في الأحوال الطبيعية كرد فعل على الضغط النفسي أو الخطر الذي يهدد أمنهم و سلامتهم كاستجابة عادية أو دفاعية ضد ذلك الخطر الخارجي المنشأ، كالقلق الناشئ من سرعة سيارة في شارع مزدحم مثلاً، أما القلق المتطرف الداخلي المنشأ الذي ليس له علاقة واضحة بالوسط الخارجي، والذي أشار إليه الطبيب، فهو القلق الذي لا يعرف سببه الظاهري و يبدو أنّ ضحايا هذا المرض لديهم استعداد وراثي له، ويتفق القلق السوي والقلق المتطرف بالأعراض على وجه العموم، ولكن يختلفان بالأسباب، بالإضافة إلى أن الأول يزول عند غياب السبب أما الثاني الذي ظهر أصلاً بدون أسباب واضحة أو مقدمات منطقية فلا يمكن حينئذ التنبؤ بغيابه كما لم يكن من الممكن التنبؤ بظهوره مسبقاً.


الدكتور نضال موسى سعدون

وأشار الطبيب المحاضر إلى أعراض القلق المرضي وسلوك الإنسان المصاب به، وبيّن اختلاف هذا المرض في درجاته فيبدأ المريض بالشعور بعدم التوازن والوهن الشديد دون وجود أعراض جسدية مسؤولة عن تلك الحالة ثم يتطور إلى الصعوبة في التنفس أو ما يعرف بضيق النفس ثم الخفقان الشديد لضربات القلب وآلام في الصدر وغيرها من الأعراض غير المحمودة والتي تؤدي غالباً إلى ظهور أفكار تسلطية تتكرر عند المريض ولا يستطيع التخلص منها بسهولة، وقد تتطور الحالة إلى حالة الهلع أو ما يعرف بالرهاب الاجتماعي الذي يعرف بالقلق اللامنطقي المستمر المرتبط بالتواجد بالأماكن العامة، وهو مرض منتشر خاصة بين الأطفال، ويمكن ملاحظته على بعض تلاميذ وطلاب العلم في المدارس، ومريض الرهاب الاجتماعي يبحث دائماً عن فرصة سانحة للهروب إلى مناطق آمنة حتى يصل إلى مرحلة العزلة ثم تأتي مرحلة أو حالة الاكتئاب التي يبدو فيها على ضحايا هذا المرض العجز وعدم القدرة على تحمل الحياة لذلك يبدو عليهم الحزن والأسى وتراودهم فكرة الانتحار في بعض الحالات.

ومن الجدير ذكره أن المحاضر أشار إلى أنّ نسبة انتشار القلق والاكتئاب بين النساء- سواء أكانت هؤلاء النسوة عاملات أو ربات منازل - أعلى من نسبة انتشاره بين الرجال، كما أكّدت على ذلك الإحصائيات في العديد من دول العالم، وطمأن الطبيب الحضور عندما تحدث عن العلاج بأن نسبة الشفاء من مرض الاكتئاب أمر شبه حتمي إذا أخضع المريض نفسه للعلاج وخاصة مع ظهور أدوية جديدة وفعّالة، مع العلم - والكلام للطبيب - أنّ على الإنسان ألا يسرع في وصف إنسان معين بالقلق والاضطراب، وميّز بين ما هو مشكلة بحاجة إلى العلاج أو موقف عرضي قابل للزوال تلقائياً مثل القلق السوي كما ورد ذكره. وتطرّق الطبيب إلى أساليب نفسية في علاج الحالات المنتشرة بين الأطفال مثل التدعيم والعقاب والتجاهل والاقتداء بالنماذج وغيرها، حيث أن الهدف النهائي من العلاج هو تحقيق تغيرات في السلوك تجعل حياة الفرد وحياة المحيطين به أكثر إيجابية وفاعلية.

كولوس سليمان - الحسكة

اكتشف سورية

Share/Bookmark

صور الخبر

جانب من الحضور في المركز الثقافي العربي في الحسكة

جانب من الحضور في المركز الثقافي العربي في الحسكة

المحاضر الدكتور نضال موسى سعدون أثناء المحاضرة

بقية الصور..

اسمك

الدولة

التعليق