إيقاعات بصرية فيها درجة من التلقائية والعفوية 13/أيار/2008
يثير الفنان دنخا زومايا في إطلالة معرضه الجديد في صالة الشعب بدمشق، وبعد عدة معارض فردية أقامها في الداخل و الخارج، مسألة التواصل مع تقنية تجسيد الأشكال الإنسانية والحيوانية في الفراغ باستخدام رقاقات معدنية وتضاف إلى خبراته السابقة، في مجال تطويع المواد المعدنية المتنوعة والمختلفة.
منذ سنوات طويلة يطرح أمام المشاهد رؤى تشكيلية منفلتة من تأثيرات دراسته الأكاديمية في كلية الفنون الجميلة، فينحاز بقوة نحو مظاهر الاتجاهات التعبيرية الباحثة عن إغراءات التبسيط والإيجاز والاختصار في صياغة العناصر والأشكال متبعاً الحركة المعدنية المنسابة والملتوية والحلزونية واللولبية.
إذا استعدنا أجواء أعماله الماضية مع تنويعات استخدامه لرقاقات المعدن، نجده يضفي هذه المرة، على بعض أعماله المعروضة، الامتلاء حين يجمع في العمل الواحد بين تقنية النحت الخشبي والتشكيل المعدني، كأن يرتد إلى تقديم الأشكال الإنسانية الممتلئة، في القسم الذي يوحي بجذع الجسد أو باللباس بينما يختصر أطراف الشكل الإنساني بخطوط معدنية انسيابية ولينة وأكثر طواعية.
دنخا زومايا يقدم العناصر والأشكال في مسار اختزالي بتأثيرات ثقافية حديثة ومعاصرة، إلا أنه لم يبالغ في العبث التشكيلي المعدني، الذي استحوذ على إعجاب العديد من الفنانين المعاصرين واهتمامهم، كما أنه لم يكن في منحىً كلي عن التعبير أحياناً بأقل ما يمكن من الحركات الخطوطية المعدنية الفراغية.
يعرف كيف يطور مسار الانتقال من مرحلة إلى أخرى (حجر، وخشب، وبرونز، وبوليستر، ومعدن، وشبك) ثم يجمع في العمل الواحد بين أكثر من مادة، كل ذلك في خطوات تتناول موضوعات تعيدنا أحياناً إلى إيقاعات أشبه بحركات الرقص والرياضيين والعمال والمزارعين وصولاً إلى تقديم الأشكال الإنسانية أحياناً على هيئة كاريكاتورية ساخرة.
يشكَّل جذع الجسد أحياناً برقاقات معدنية عريضة وتأخد حركة لولبية في بعض الأعمال، في خطوات الوصول إلى إيقاعات بصرية فيها درجة من التلقائية والعفوية في صياغة إيقاعات تشكيلاته الفراغية.
الأمر البارز في تجربته يتثمل في هذا التركيز لإظهار جوهر الحركة، التي تُخرج الأجسام المجسدة من جماد المادة إلى التعابير الحركية الرشيقة والمرتبطة بالحياة، حيث يقطف زمان الحركة، خارج حيز الكتلة، وبمعنى آخر يجرد الحركة ويفصلها عن الشكل الواقعي باتجاه ذاكرة بنت الاختبارات والتحولات في المنحى التعبيري الذي يستلهم أشكال الرسوم و المنحوتات البدائية، ليستشف الينابيع البكر لأشكال المنحوتات الحديثة، على أساس أن الحركة الاختزالية تدخل في جوهر الصياغة العامة للمنحوتة الحديثة والعاصرة.
دنخا زومايا من مواليد الحسكة عام 1961، أقام حوالي عشرين معرضاً فردياً توزعت بين سورية وكندا والسويد ولبنان وإيران وبلغاريا، كما شارك في مهرجانات وملتقيات محلية ودولية، إضافة إلى مشاركاته في المعارض الجماعية الرسمية والخاصة.
|