الأوس للنشر يرعى افتتاح نشاطات المشاع الإبداعي في سورية

18 11

التقانة والفن المفتوح في محاضرات على مسرح كلية الفنون الجميلة بدمشق

يشهد العالم طفرة نوعية من حيث التطور العلمي والتكنولوجي تترك بصماتها الواضحة على مختلف مناحي الحياة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والفنية، مما أحدث تغييرات جوهرية في أساليب النشر والإعلان وتبادل المعلومات في مختلف مجالات المعرفة والإعلام والثقافة والفن والتسلية.

وكان لا بد لهذا الانفجار المعرفي من أن يحمل في طياته العديد من الإشكالات التقنية والقانونية المتعلقة بحقوق المؤلفين والمبدعين، وصلاحيات النشر والاقتباس وتحميل المعلومات عن شبكة الإنترنت وغيرها من الوسائط المتقدمة، وكيفية استخدام هذه المعلومات والاستغلال التجاري لها.

ونجم عن هذا النشاط وتفاعلاته نشوء العديد من المنظمات غير الربحية التي تهدف إلى تنظيم استخدام الإنترنت، ووضع القوانين والتشريعات والاتفاقات اللازمة بين مبدعي الأعمال الفنية والأدبية والعلمية والإعلامية ومستخدمي الإنترنت والمؤسسات الكبرى العاملة في مختلف القطاعات التقنية والإبداعية والإعلامية، وبشكل يتفق مع قوانين الدول المختلفة على مستوى العالم، مما يتيح لمستخدمي الإنترنت والوسائط التقنية المتقدمة التمتع بما يشهده العالم من ثورة معرفية وثقافية شاملة دون أن يؤثر ذلك على حقوق المبدعين المادية والمعنوية.

ومن أكثر المؤسسات شهرة في هذا المجال هي مؤسسة «المشاع الإبداعي Creative Commons»، وهي حسب تعريفها لنفسها «مؤسسة غير ربحية تهدف إلى زيادة ودعم الأعمال الإبداعية التي يمكن إعادة استخدامها ومشاركتها بشكل حر وقانوني. وقد نشرت مجموعة من التراخيص القانونية التي تتيح للمؤلف توضيح ما يرغب بالاحتفاظ به من حقوق وتوضيح ما يتيحه للآخرين من استفادة من عمله وتطويره» وذلك وفق مجموعة من الرخص المتعارف عليها وعلى رموزها دولياً.

وتعمل مؤسسة المشاع الإبداعي على إتاحة الثقافة والعلم للجميع، بما يتضمنه ذلك من أعمال إبداعية كالنصوص والصور واللوحات والموسيقى بشكل حر، مع تقديم بديل للحماية الكاملة لحقوق المؤلف وتحويلها إلى حماية بعض من حقوقه (كضرورة ارتباط اسم العمل بصاحبه، وإمكانية حصر المردود المادي به) تاركة له إمكانية ترك بعض من الحقوق الأخرى للآخرين (كالسماح بإعادة النشر، وبناء أعمال مشتقة من العمل الأصلي).

وتأتي توجهات مؤسسة المشاع الإبداعي متفقة مع توجهات دار الأوس للنشر التي اعتمدتها في بوابتها «اكتشف سورية» حيث أتاحت معظم محتواها في الموقع تحت ترخيص «المشاع الإبداعي»، والذي يسمح لكل من يريد استخدام هذه المواد من استخدامها أو إعادة استخدامها في إنتاج إبداعي آخر. كما تعمل الدار حالياً على ترجمة الترخيص قانونياً بما يتناسب مع بنود قانون حماية الملكية الفكرية في سورية، كي تتيح للمبدعين السوريين استخدام هذا الترخيص لنشر أعمالهم، إيماناً بأن ذلك يدعم زيادة حجم الأعمال الإبداعية الثقافية السورية المتاحة على شبكة الإنترنت.

ندوة «الفن المفتوح والتقانة» على مسرح كلية الفنون الجميلة:
وبهدف تسليط الضوء على هذه الأفكار الجديدة، أقامت دار «الأوس للنشر» بالتعاون مع مؤسسة «المشاع الإبداعي» وكلية الفنون الجميلة بدمشق، ندوة بعنوان «الفن المفتوح والتقانة (Open Art & Technology)» وتوضيح الأدوات التقنية الحديثة في النشر على الإنترنت، ودورها في تنشيط الجانب الإبداعي والإعلاني لدى الفنانين التشكيليين السوريين، وذلك على مسرح كلية الفنون الجميلة بدمشق يوم الثلاثاء 17 تشرين الثاني 2009.

وقد افتتح الندوة السيد باسل الصفدي -مسؤول التطوير والبرمجة في دار «الأوس للنشر»-، الذي قام بالتعريف بمفهوم «المشاع الإبداعي» من خلال عرض تجربة موقع «اكتشف سورية» في اعتماد تراخيص «المشاع الإبداعي» لمعظم المحتوى المنشور في الموقع، تشجيعاً لقراء الموقع على تبادل المحتوى والبناء عليه بما يساهم في تطوير الحراك الثقافي والفكري بشكل عام.


الدكتور جوي إيتو في محاضرته

ثم ابتدأ جوي إيتو «Joi Ito» -الرئيس التنفيذي لمنظمة «المشاع الإبداعي- محاضرته تحت عنوان «حالة الإبداع الفني في ظل التقانات الحديثة والويب 2.0» وتناول فيها بناء قاعدة للتبادل الثقافي المتاح للجميع ودور هذا التبادل في تشجيع الابتكار والإبداع في مختلف المجالات. وشرح الدكتور إيتو في محاضرته مفاهيم المشاع الإبداعي والأسباب التي أدت إلى نشوء هذا المفهوم عموماً، وتطور تراخيص «المشاع الإبداعي» من النسخة الأولى وحتى النسخة الحالية (الثالثة)، مبتدئاً من المفاهيم الأولية للإنترنت وتطورها وتطور محتواها وتطور القوانين التي تحكم هذا المحتوى. ثم عرض لبعض الاتفاقيات التي تمت بين مؤسسة «المشاع الإبداعي» والجهات العاملة على الانترنت من مزودي خدمات الوب ومدراء المحتوى وصولاً إلى المستخدمين الراغبين بتداول المحتوى الرقمي بشكل قانوني. وتطرق الدكتور إيتو إلى أشكال السماح بالنشر على الإنترنت، وطبيعة الحقوق التي يمكن للمؤلف والمبدع أن يتنازل عنها بشكل جزئي، من أجل انتشار أكبر للمعرفة، وإيصال إبداعه إلى أكبر قدر ممكن من الناس، مع الحفاظ على حقوقه الأساسية في نسب العمل له، وحصر الفائدة التجارية بشخصه. كما وضّح الدكتور إيتو أنماط الرخص المعمول بها في «المشاع الإبداعي» والرموز المستخدمة على نطاق الإنترنت لكل منها، وتحدث عن اعتماد 52 دولة في العالم لبرنامج الملكية الفكرية التي اقترحته المؤسسة، وعن انضمام دول أخرى، وأن أول ترجمة لهذه الرخصة باللغة العربية يُعمل عليها في الأردن وقد تكون الأولى التي يتم إطلاقها رسمياً، فيما تعمل دار «الأوس للنشر» على الرخصة العربية في الجمهورية العربية السورية، بحيث تكون متوافقة مع قانون حماية الملكية الفكرية المعمول به في سورية وقوانين الجمهورية العربية السورية بشكل عام.

وتلى المحاضرة طرح عدد من الأسئلة من قبل أساتذة وطلاب كلية الفنون الجميلة، الذين استفهموا عن عدد من الأفكار التي وردت في المحاضرة والمتعلقة بحقوق المؤلف، وعن كيفية احتفاظ المؤلف بحقه في الاستفادة التجارية من عمله، فيما إذا نشرت أعماله على الإنترنت مجاناً، وقد أجاب الدكتور إيتو عن السؤال بمثال عن فرقة موسيقية قبلت بنشر أعمالها على الإنترنت مجاناً، وقد أدى ذلك إلى اتساع شهرتها بشكل كبير وتسبب بحضور أعداد كبيرة من الناس لحفلاتها الموسيقية الحية بسبب الشهرة التي حصلت عليها بعد توزيعها لأعمالها تحت تلك الرخصة.

كما أجاب الدكتور إيتو على تساؤل يتعلق بمصادر تمويل مؤسسة المشاع الإبداعي ونشاطاتها بما أن أعمالها غير ربحية، قائلاً أنها تتلقى تمويلها بشكل أساسي من أعضائها ومؤيديها الذين يعدون بالملايين في مختلف أنحاء العالم، بالإضافة إلى مؤسسات تجارية وتقنية عملاقة تؤيد مشروعها وتتقدم بتبرعات سخية.

وخلال ذلك أعلم السيد باسل الصفدي الحضور باعتماد أربعة من الفنانين التشكيليين السوريين المميزين نشر أعمالهم مجاناً على الإنترنت تشجيعاً منهم للمفاهيم المنطلقة من مبدأ حرية نشر المعرفة والثقافة وإتاحتها لأكبر قدر ممكن من المهتمين، ووفقاً للمبادئ المعتمدة في مؤسسة المشاع الإبداعي، ومواكبة منهم للتطورات التي يشهدها العالم في هذا المجال وهم: الفنان التشكيلي ياسر حمود، الفنانة التشكيلية ريما سلمون، الفنان التشكيلي عز الدين شموط، والفنانة التشكيلية الدكتورة سوسن الزعبي.



الباحث جون فيليبس في محاضرته

بعد ذلك، ألقى الباحث جون فيليبس «Jon Phillips» من جامعة كاليفورنيا – مؤسس مكتبة الرسومات العامة «Open Clip Art» - محاضرة بعنوان «استخدام الرخص المفتوحة لتنمية وتطوير الأعمال الإبداعية»، تناول فيها طرق ترخيص الأعمال الإبداعية بشكل يساعد على تطوير العمل الفني إبداعياً وتقنياً، مدعماً محاضرته بالصور التوضيحية والأمثلة المرافقة.

وتلى المحاضرات مؤتمر صحفي للمشاركين فيها، وغداء عمل في الآرت هاوس، وعشاء في مرسم الفنان مصطفى علي، مما ينشر «اكتشف سورية» تفاصيله لاحقاً.


تصوير: عبد الله رضا

اكتشف سورية

Share/Bookmark

صور الخبر

جانب من الحضور في مسرح كلية الفنون الجميلة

الدكتور جوي إيتو في محاضرته

الدكتور جوي إيتو

بقية الصور..

اسمك

الدولة

التعليق