لقاء مع سلاف فواخرجي وبيديها شعلتان: الألعاب الأولمبية والفن

06 04

الفنان السوري لا يبحث عن شهادة اعتراف من أحد

أن تحمل فنانة سورية شعلة الألعاب الأولمبية بكين 2008 أثناء مرورها في العالم العربي -وتحديداً في سلطنة عُمان- أمر يستحق التوقف عنده مطولاً، فأنا على يقين أن شركة سامسونغ العالمية الراعية لهذا الحدث لم تجد ممثلة عربية تحظى بشعبية طاغية في العالم العربي كالفنانة سلاف فواخرجي التي تحمل شعلة الفن بيد وستحمل شعلة الألعاب الأولمبية باليد الأخرى.
سلاف فرِحة وتشعر كأنها قد «حصلت على جائزة عالمية» ولا تعتبر الأمر تكريماً لها وحدها فهي ترى أنه «تكريم لسورية، فأنا فنانة سورية قبل أن أكون سلاف فواخرجي» وهذا كلام الفنان الذي يشعر أنه ليس ملكاً لنفسه بقدَر ما هو ملك لبلاده، وسلاف واجهة من واجهات سورية الحضارية تتقدم بخطى ثابتة ومتوازنة في عالم الفن كي تسجل موقفاً «يجب أن يكون لي موقف وإلا فما قيمة حياتي»، ونادرات أولئك اللائي يعتبرن أنفسهن معنيات بذلك، وفي كل عمل تُقدّمه تعيد اكتشاف نفسها، وهذه روعة الفن.
سلاف بعد عودتها من مسقط تبدأ تصوير مسلسل أسمهان المطربة السورية التي كانت كالشهاب في سماء الفن والحياة وحفرت اسمها بإزميل الخلود في الذاكرة العربية، لقد كانت شخصية فريدة وتحتاج إلى فنانة فريدة تجسد دورها، وليس لها إلا سلاف فواخرجي:
اختيارك من قبل شركة سامسونغ لحمل شعلة الألعاب الأولمبية أثناء مرورها في سلطنة عُمان وأنت -حسب معلوماتي- أول فنانة عربية تحمل الشعلة لا بد من أنه يعني لك الكثير؟
«يعني أول ما يعنيه أني بدأت أقطف ثمار عمل متواصل واجتهاد كنت حريصة عليه طوال مسيرتي في عالم الفن، وفي الحقيقة لم يكن يخطر على بالي أن أحظى بفرصة المشاركة بحدث رياضي عالمي إنساني، وفرحتي بهذا الأمر كبيرة لدرجة أنني أشعر وكأنني قد حصلت على جائزة عالمية وأشعر أنني مقبلة على مرحلة أخرى من حياتي بعد هذا الحدث».
هذا الحدث المهم هل تشعرين أنه تكريم لسلاف وحدها أم هو تكريم للفنان السوري وسورية؟
«ما دمت سوريّة فالتكريم لسورية كلها، فأنا فنانة سورية قبل أن أكون سلاف فواخرجي. وهناك ناحية أشمل وهي أن الشعلة تمر بعاصمة عربية وهذا يعني لي الشيء الكثير، وأنا أحب هذه المدينة وكانت لي تجربة فنية هناك وهي بلد عربي أصيل عريق، وعندما توضع على خارطة الرياضة العالمية فهذا أمر يسعد أي عربي. وإن شاء الله سأكون في عُمان في الثاني عشر من نيسان والاحتفال سيكون في الرابع عشر».
ما أسباب ابتعاد الفنان السوري عن المشاركة في المناسبات الإنسانية؟
«الفنان السوري إذا دعي إلى المشاركة في أي حدث أو مناسبة إنسانية أعتقد أنه سيكون السبّاق، خاصة أن الفنان معنيّ أكثر من غيره بالهم العام، إنه الوجه الإعلامي المؤثر المسموع الكلمة لدى الناس نتيجة محبتهم له، ولا تنسَ أن هذا الفنان بحاجة إلى دعم إعلامي ويحتاج إلى جهة رسمية أو أهلية تتبنى عملاً إنسانياً ما يكون الفنانُ الحاملَ لهذا العمل».
أحد أسباب اختيارك لحمل الشعلة الأولمبية هو الجانب الإنساني في حياتك. ما الفعاليات الإنسانية التي شاركت بها؟
«منذ فترة طرحت فكرة على بعض هيئات الأمم المتحدة، وهذه الفكرة تخص ذوي الاحتياجات الخاصة على مستوى الوطن العربي، ويبدو أن الأمر يحتاج إلى فترة تحضير، ومن المفترض أن تتولى محطة فضائية رعايته. كما قدمت إعلاناً تلفزيونياً توجيهياً للشباب لملء وقت فراغهم بالقراءة والرياضة، وأنا على استعداد للمساهمة بأي نشاط في هذا الاتجاه. وسبق أن شاركت بعدة اجتماعات في مقر الجامعة العربية تمحورت حول احتياجات المعوقين، وفي حزيران القادم هناك ورشة عمل بهذا الخصوص. أنا أشعر أن قيمة الإنسان الحقيقية تكمن في مدى قدرته على التواصل مع أخيه الإنسان وإدخال السرور إلى قلبه».
دعينا ننتقل إلى شخصية أسمهان حيث ستلعبين دورها في مسلسل يتناول حياتها. كيف تستعدين لعمل أعتقد أنه سيكون المحطة الأهم في حياتك الفنية خاصة أن أسمهان لم تكن شخصية عادية بل كانت مركبة غنية من الجانب الدرامي؟
«أنا الآن في مرحلة التركيز على الشخصية بعد أيام طويلة من القراءة والبحث في المراجع عنها وبعد مشاهدة مركزة لكل أفلامها السينمائية، ولا أخفيك أنه تنتابني عدة مشاعر: هناك تخوف نابع من المسؤولية الكبيرة التي أشعر أنها ألقيت على كاهلي فكما قلت شخصية أسمهان لم تكن عادية إطلاقاً، وهذا أمر يتطلب أن تكون ملَكات أي ممثلة تتصدى لهذا الدور مُستَنفَرة حاضرة. وأثناء فترة الاستعداد حاولت الدخول إلى الجانب الروحي لأسمهان وفلسفتها في الحياة إضافة إلى تدريب على الرقص وركوب الخيل».
هل تعتبرين هذا الدور تحدياً من نوع مختلف خاصة أن محبيك ينتظرون النجاح ويتمنَّونه، وحاسدوك يتمنون لك الفشل؟
«هو بلا شك تحدٍ من نوع مختلف، لكنه تحدٍ مع نفسي أولاً، وسوف أحاول أن أعطي هذا الدور كل ما أملك من موهبة، لكن نجاح أي عمل فني غير مضمون تماماً. ما لمسته هو أن هذا المسلسل استكمل أسباب النجاح، ويبقى الشيء الأهم وهو توفيق الله سبحانه وتعالى، وما يريده الحاسدون لا يشكل هاجساً بالنسبة إلي ولن أشتت تركيزي بالتفكير بهم».
ما طبيعة الحوار الذي دار بينك وبين المخرج شوقي الماجري حول الشخصية؟
«هناك تركيز على الجانب الروحي والفلسفي في شخصية أسمهان، وهناك تفاهم كبير بيني وبينه، مما يساعد تعاوني مع شوقي في عملين هما «شهرزاد» و«الأرواح المهاجرة»، وهو يعرف طريقة تفكيري وأنا أعرف طريقته في التعامل مع الفن عموماً، وكلانا يشعر بأهمية هذا العمل وخطورته».
هل سنرى أسمهان بسلبياتها وإيجابياتها؟ هل هناك غوص حقيقي في تفاصيل حياتها؟
«أعتقد أن النص كان أميناً جداً في تناول حياة أسمهان، وأنا شخصياً ضد تجميل حياة أي شخصية تريد الدراما تناولها، وشخصية أسمهان كانت تريد كاتباً ذكياً، وتحقق ذلك في النص الذي كُتب وسنرى شخصية من لحم ودم. وفي الوقت ذاته نحاول المحافظة على الصورة المثالية المخزونة في الذاكرة الشعبية العربية عنها».
هل تشعرين أنه بات من حقك التفكير جدياً بالعالمية بعد أن وصلت إلى حواف العالم العربي الأربع؟
«حلم العالمية لم يشكل لي هاجساً، وإذا جاء لن أستغربه إطلاقاً، وإذا لم يأتِ فهو ليس همّي».
لم يصل طموحك إلى هذا الحد؟
«طموحي كبير وما أعلمه أنني أعشق التمثيل ومخلصة له إلى أبعد الحدود والعشق والإخلاص هما الطريق لتحقيق أي طموح، وما حققته على مستوى الوطن العربي يرضيني ويكفيني على الأقل في الوقت الراهن».
ما دمنا نتحدث عن الوطن العربي هل صحيح أن الفنان السوري ذهب إلى القاهرة باحثاً عن شهادة اعتراف؟
«الفنان السوري لا يبحث عن شهادة اعتراف من أحد، ولولا النجاح الكبير للدراما السورية والفنان السوري لما استعان به الأشقاء في مصر، لكن هذا لا يلغي عراقة الفن في مصر وريادته وأصالته، والعمل فيها أفق جديد ومنعطف كبير في حياة أي فنان عربي خاصة بما يتعلق بالجانب السينمائي فمصر ما زالت متفوقة سباقة في هذا الإطار».
رفضت المشاركة في مسلسل بدوي أنجز منذ فترة رغم الإغراءات المادية، هل يعتبر هذا الرفض مؤشراً على رفض كامل لهذه الأعمال؟
«أنا شخصياً لا أشارك إلا في الأعمال التي أحب أن أشاهدها أثناء عرضها والمسلسلات البدوية لها جمهورها، وأنا لست منهم، وهي بعيدة عني».
يبدو أن البدوي هو موضة رمضان القادم؟
«هذه مشكلة كبيرة يجب أن تتخلص الدراما السورية منها وأقصد "الموضة" لأن ذلك يكبلها ويحشرها في زوايا ضيقة. أنا أرى أن هناك آفاقاً واسعة أمام الدراما السورية ومن الخطأ الكبير الاكتفاء بأفق واحد، وأنا شخصياً أنأى بنفسي عن كل الأعمال التي تدخل ضمن إطار "الموضة" فلم أشارك في مسلسلات الموروث الشامي أو البدوي، وحتى "موضة" الملابس لا تهمني. أنا لا أرى أن هناك ضرورة لإنتاج مسلسلات بدوية بحتة، لكن إذا كانت هناك خطوط أخرى فلا مانع مثل مسلسل «سحر الشرق» الذي عرض منذ سنوات ومسلسل «لورانس العرب» الذي سيصور هذا العام والدراما السورية وصلت إلى مرحلة متقدمة من حيث الطرح والرؤية الفكرية للكثير من المسائل الحساسة التي تهم المشاهد العربي، وهذه الأعمال البدوية تُعتبر خطوة إلى الوراء».
هل بدأ رأس المال العربي يستثمر هذه الدراما على نحو سيء؟
«من حق أصحاب رأس المال اختيار المشاريع التي يريدونها وتبنيها، ومن حق أي فنان أن يجرب في المجال الذي يريده، لكنني أعتقد أننا معنيون بالحالة التي وصلنا إليها وأن الأمر يتطلب وقفة مع النفس. يجب ألا ندع المال يأخذنا حيث يريد بل نأخذه نحن حيث نريد لأن منطق "هالمرة وبس" سيقود في النتيجة إلى التراجع، وهذا ما لا يجب أن نسمح به».
أين أصبح مشروع مسلسل «روز اليوسف»؟
«ما زال قائماً، وأنا طرحته على الكاتب يوسف إدريس وهو أحد تلامذتها وتحمس للمشروع، وكلف السينارست محمد رفعت بكتابته، وهناك شركات إنتاج عدة رحبت بالفكرة، وإن شاء الله سيكون مشروعي القادم بعد أسمهان».
لماذا رفضت العمل مع الفنان محمد سعد والفنان محمد هنيدي؟
«ببساطة لأنني لم أعجب بالأفلام التي عُرضت علي ولم أجد أن الأدوار المعروضة يمكن أن تلبي طموحاتي في السينما، ولو طُلبت للعمل في هوليوود ولم أجد نفسي في الفيلم لن أقبل مهما كانت المغريات. يجب أن أكون في مكاني الذي أراه».
هذا يعني أننا لم نفقد الأمل في أن يكون لدينا فنان صاحب موقف؟
«يجب أن يكون لي موقف وإلا فما قيمة حياتي».
ولكن أنت ممثلة من المفترض أن تلعب أي دور؟
«قبل أن أكون ممثلة أنا إنسان وأحترم نفسي كثيراً».
درست علم الآثار، هل وجدت تقارباً من نوع ما بينه وبين الفن؟
«قد لا يكون هناك تقارب مباشر ولكني أعتقد أن الآثار فن، فآثار الأقدمين تحمل العديد من الرسائل الحضارية، وهي تلتقي مع الفن في ذلك، وحالة الخيال التي أعيشها عندما أرى أي أثر تاريخي هي ذاتها التي أعيشها عندما أقرأ أي نص تلفزيوني أو سينمائي، ومغامرة التنقيب هي المغامرة ذاتها في تقديم أي عمل فني، واكتشاف الآثار شبيه باكتشاف أي شخصية مكتوبة على الورق، ودراستي لعلم الآثار علمتني أن أدرس تاريخ أي شخصية ألعبها فهذا العلم يغنيني من الناحية الفكرية، وإن شاء الله سأبدأ بدراسة الماجستير مع نهاية العام».
يبدو لي أنك اكتشفت نفسك واكتشفناك من جديد في مسلسل «ملوك الطوائف». إلى أي درجة لعب دور «اعتماد» في ذلك؟
«كان دور "اعتماد البرمكية" غنياً ثرياً، ومن النادر أن تجد الدور الذي يستفز كل ملكاتك، وأعتقد أنه الدور الأهم في حياتي إضافة إلى دوري في مسلسل «رسائل الحب والحرب»، وهذان العملان انعطافة حقيقية في مسيرتي الفنية، ولا تنسَ أنني عملت تحت إدارة حاتم علي في الأول وباسل الخطيب في الثاني وهما من أهم المخرجين السوريين».
الممثلة المدهشة في «ملوك الطوائف» والمتألقة في «رسائل الحب والحرب» تشترك بعد ذلك في مسلسل «هيك تجوزنا»؟
«مشاركتي في مسلسل "هيك تجوزنا" اقتصرت على حلقة واحدة لسبب وحيد وهو ألا أرد طلب الفنانة جمانة مراد وهي منتجة العمل، وقلت لها هذا الكلام».
هل حصلت على حقوقك المادية من الفنان سلوم حداد بعد مشاركتك في مسلسل «عنترة بن شداد»؟
«لم أحصل على شيء، وما يحز في نفسي هو أن الفنان سلوم حداد صديق عزيز وأحترمه جداً وعلاقتنا أثناء العمل مميزة وذلك أحد أسباب نجاحنا في مسلسل «رسائل الحب والحرب»، وقلت له: "ما قيمة أي مال أمام صديق"، وآخر ما وصلني هو أنه قال "ليس لها عندي شيء" رغم أنني متمسكة بصداقتي له».

شاركت في المسلسل لدعم رامي حنا في أول تجربة إخراجية له، كيف رأيته؟

«شاركت من أجل سلوم حداد، وكنت حريصة أيضاً على مساندة رامي حنا لأنني أعرف أنه فنان موهوب ولكن هذا لا يعني ألا أحصل على أجري، وللأسف لم أتابع العمل بل رأيت عدة مشاهد واستبشرت بعمل رامي».
هل ترين أن المخرجين الشباب قادرون على تقديم مقترحات مختلفة؟
«أنا متفائلة بهم وأعتقد أنهم قادرون على ذلك، وأجد أنه من الطبيعي ألا تكون التجارب الأولى متكاملة لأن أي مخرج يحتاج إلى وقت كي تنضج رؤيته».
سلاف فواخرجي تعزل نفسها عن الوسط الفني، هل هو رفض لمنظومة العلاقات الاجتماعية الموجودة فيه؟
«ليس رفضاً ولكن لا أملك وقتاً لها فلدي عملي وزوجي وابني وبيتي وأهلي وأنا بطبيعتي مسالمة وبيتوتية».
إحدى الفنانات التي شاركت معك في مسلسل «يوم ممطر آخر» قالت لي «لم نكن نعرف أن سلاف بهذه الطيبة»؟
«يبدو أن بعض الناس لديهم فكرة مسبقة عني ولكن من يعمل معي لا بد من أن يحبني، وذلك نعمة من الله سبحانه، وأنا حريصة على دعم ممثلات الجيل الجديد لأنني لم أجد أحداً يدعمني في بداياتي».


الوطن

Share/Bookmark

صور الخبر

بقية الصور..

اسمك

الدولة

التعليق

حسن زعفان محمد:

الفنانه سلاف افضل فنانه عربيه ********

مصر