اختتام مهرجان دمشق المسرحي الرابع عشر
حراك مسرحي روى عطش جمهور عريض

21/كانون الأول/2008

تمّ مساء أمس السبت 20 كانون الأول اختتام فعاليات مهرجان دمشق المسرحي الرابع عشر في دار الأسد للثقافة والفنون، بحضور الوفود العربية المشاركة في المهرجان، وحشد من الكتَّاب، والفنانين السوريين والعرب والأجانب ، وجمهور عريض غصّت به صالة الأوبرا في دار الأسد، إضافة لعدد كبير من المؤسسات الإعلامية المحلية والعربية.
بدأ الحفل بالنشيد العربي السوري، تلاه عرضُ فيلم وثائقي تضمَّن استعراضاً للعروض المسرحية التي شاركت في المهرجان، والتي بلغ عددها الأربعين عرضاً سورياً، وعربياً، وأجنبياً. بعد ذلك ألقى الدكتور رياض نعسان آغا -وزير الثقافة- كلمةً تحدَّث فيها عن أهمية ظهور المسرح في سورية، كما نوّه بالعروض السورية التي وصلت إلى 21 عرضاً، لافتاً من جهةٍ أخرى إلى أنَّه يجب أن يكون لدينا طموحٌ مستمر نحو مسرح متألق أكثر وأكثر. وأشاد الدكتور نعسان آغا بالحوارات والنقاشات التي دارت في الندوات الفكرية المرافقة للمهرجان، وقال: «إنَّ الحراك الثقافي بين العرب يؤكد أنَّنا أمة واحدة»، وختم بالقول، «إنَّ الفن الراقي لا يُنسى ويبقى طويلاً في الذاكرة».
ألقى بعدها الدكتور عجاج سليم -مدير مهرجان دمشق المسرحي الرابع عشر- كلمة تحدّث من خلالها عن أهمية الحركة المسرحية في سورية والتطلعات المستقبلية لتفعيل دور المسرح في تطوير المجتمع العربي، وبيَّن أن هذا المهرجان أصبح ملكاً للمسرحيين العرب.
وقد كرَّمت إدارة المهرجان كُتَّاباً مسرحيين، ومخرجين، وممثلين، قد أثْروا الحركة المسرحية، وهم:
من سورية: المفكر والباحث عادل قره شولي، والفنان محمود جركس، والمخرج والممثل مروان فنري، والكاتب المسرحي والمخرج وليد فاضل، والفنان الراحل محمود جبر؛
من إسبانيا: الناقد المسرحي خوسيه مونليون؛
من قطر: الممثل والمخرج غانم السليطي؛
من لبنان: الممثل أنطوان كرباج.
بعد ذلك، تمّ الإعلان عن قرار إنشاء مركز عربي للبحوث والدراسات المسرحية، حيث سيكون مقرُّه في دمشق.
وفي نهاية الحفل قدَّمت فرقة تونسية عرضَ السيرك الاحتفالي بعنوان «الصرخة» الذي تمَّ إعداده خصيصاً لحفل الختام. كما قدمت «فرقة أرابيا للمسرح الراقص» عرضاً باسم «ليلة من ألف ليلة وليلة في قصر هارون الرشيد» من تأليف محمد عمر، وإخراج محمد عودة ومحمد عيسى.
الجدير ذكره أن الفنانة القديرة جيانا عيد قد قدَّمت فقراتِ الحفل تكريماً من إدارة المهرجان لعطائها وحضورها المسرحي، ولكونها واحدة من الفنانات السوريات اللواتي قدَّمهن المعهد العالي للفنون المسرحية.
وفي حديث مع «اكتشف سورية» مع الدكتورة حنان قصاب حسن الأمين العام لاحتفالية دمشق عاصمة الثقافة العربية لعام 2008 قالت: «أنا سعيدة جداً بأننا كسوريين صنعنا هذه الحركة المسرحية، وبشهادة الجميع، فقد أعطى مهرجانُ دمشق المسرحي حيويةً كبيرة للمسرح العربي، واستطاع أن يستقطب أكبر عدد من المثقفين والمسرحيين العرب. وأستطيع أن أقول أن مهرجان دمشق المسرحي عاد ليأخذ دوره الطبيعي على الخارطة المسرحية العربية». وعن احتفالية دمشق، قالت: «دمشق في هذه السنة أثبتت أنها الحاضن الأول لكافة الفنون، وأنا سعيدة بما سمعتُه من بعض الفنانين العرب أنهم يفكرون جدياً في الإقامة في هذه المدينة. إنَّ هذا مؤشرٌ مهم لشعورهم بوجود أرضية صلبة تسمح لهم أن يبدعوا بشكل دائم، بسبب هذه الحيوية الفائقة للشعب السوري، والحراك الثقافي المميز في دمشق. نحن نحب هذه المدينة التي ليس لها مثيل على وجه المعمورة، ومن هنا تأتي قوتنا».
على صعيد آخر، أشادت د. قصاب حسن بعرض توفيق الجبالي «مذكرات ديناصور» باعتباره من أجمل العروض التي شاهدتها هذه السنة.
من طرفها، نوهت الإعلامية هيام حموي بالجمهور السوري المتابع لفعاليات المهرجان، وقالت: «إن هذا يدل على الثقافة العالية لهذا المجتمع العريق، وهو مؤشر على المستوى الفني الذي وصل إليه المسرح في سورية». وأضافت: «أتمنى أن تبقى سورية متلألئة كشجرة العيد، متلألئة بالثقافة، والفنون، والفعاليات الرائعة. لقد تابعنا فعاليات المهرجان المسرحي عبر أثير إذاعة شام اف ام، وأريد أن أنوه بكثرة الفعاليات الثقافية، وخاصة الفعاليات المسرحية في هذا العام وأتمنى أن يستمر هذا النشاط في الأعوام المقبلة».
من جانبه عبر الممثل زياد سعد عن سعادته بالمهرجان حيث قال: «يمرُّ كلُّ عام وسورية متألقة بمهرجاناتها الدولية والمحلية. وما إن تعلن وزارة الثقافة عن اختتام مهرجان حتى تبدأ خلالَ أيام نشاطاتُ مهرجان آخر. توجد في سورية حالة كرنفالية مسرحية رائعة، فلكل محافظة سورية مهرجانها الخاص، وبعض هذه المهرجانات استَقبلت عروض دولية من تركيا، وتونس، والمغرب، وهذه المهرجانات هامة جداً لتطوير الحركة المسرحية في سورية من خلال الاستفادة من كل التجارب العربية والعالمية». وتابع «إن مهرجان دمشق المسرحي متأصلٌ في مدينة دمشق، فقد أصبح عمره أكثر من ثلاثين عاماً وهو جزء هام من تراث المدينة الثقافي. لقد كانت هذه الدورة من المهرجان مفعمةً وزاخرة بالنشاطات، ما يقارب الأربعين عرضاً مسرحياً ومعظمها كان جيداً جداً. لقد كنتُ حريصاً على متابعة معظم العروض، وبالنسبة لي كان البرنامج بشكل أو بآخر مُربكاً، لكثرة العروض وضيق الوقت، وهذا شيء طبيعي في كل المهرجانات الدولية». وأضاف «كنتُ أتمنى على مدار الأيام العشرة لو أن بعض العروض العربية -التي كانت تُعرض في دمشق- أن يُبرمَج لها التجوال في كل المحافظات السورية، وتقديم عروضها هناك حتى يكون المسرح لجميع السوريين. كما أريد أن أُشيد بأحد العروض المسرحية التونسية الذي تم افتتاح مهرجان حماة المسرحي به، وكنت أتمنى أن تُعمّم هذه التجربة على كل العروض المسرحية المشاركة في المهرجان».
أُسدل الستار على مهرجان دمشق المسرحي بدورته الرابعة عشرة، هذا المهرجان الذي شارك فيه أكثر من أربعين عرضاً مسرحياً من مختلف الدول العربية والأوروبية، حيث كان من الملفت في هذه الدورة المشاركةُ الكبيرة للعروض السورية التي كانت من توقيع مخرجين شباب، منهم: باسم عيسى، ومانويل جيجي، ورامز الأسود، وعبد المنعم عمايري، وحكيم مرزوقي، وسامر عمران، وتامرالعربيد، وباسم قهار، ونضال صواف، وزهير بقاعي، وعروة العربي. كما تميّزت هذه الدورة بالمشاركات العربية والعالمية، حيث شاركت فرقٌ مسرحية من العراق، والكويت، والسعودية، وعُمان، وليبيا، ولبنان، والأردن، ومصر، والإمارات، وقطر، وفرنسا، وقبرص.
كما أُقيمت على هامش المهرجان ندوةٌ رئيسية بعنوان «الدراماتورجيا» بمشاركة العديد من الباحثين والمسرحيين من سورية، والدول العربية، والأجنبية المشاركة في المهرجان، وندوة أخرى حول موقع ودور سمو الشيخ سلطان القاسمي -حاكم الشارقة- في المسرح العربي المعاصر، إضافة إلى الندوات التطبيقية للمهرجان.
لقد كان من مميزات هذه الدورة تكريس جديد وهو «تظاهرة العروض التونسية»، بحيث سيأخذ كلُّ عام تجربةَ بلد عربي، لإضاءة الضوء عليها واطلاع الجمهور العربي المهتم بها. من جهة أخرى، قام المهرجان بتكريم عدد من الشخصيات الأدبية والفنية التي ساهمت وأثْرت الحركة المسرحية سورياً وعربياً.
لقد أُسدل الستار على مهرجان دمشق بدورته الرابعة عشر، ليعلن عودة واثقة الخطى إلى الحراك المسرحي السوري، كاسراً الجليد المتراكم على خشبات مسارح المدينة، مؤكداً للحضور مدى أهميته ومدى تعطش الجمهور السوري العريض الذي تابعَ عروضَه النوعية بشغف منقطع النظير.


مازن عباس
اكتشف سورية

Creative Commons License
طباعة طباعة Share مشاركة Email

المشاركة في التعليق

اسمك
بريدك الإلكتروني
الدولة
مشاركتك