آراء متباينة في ندوة نقدية لمجموعة «طرائد النور» للشاعر محمد سعيد العتيق
12 آذار 2016
.
قراءة في المجموعة الشعرية “طرائد النور” للطبيب الشاعر محمد سعيد العتيق كانت عنوان الندوة النقدية التي أقامها المركز الثقافي في أبو رمانة بمشاركة الشاعر الدكتور نذير العظمة والناقد إبراهيم الشيخ وحضور شخصيات أدبية.
وبين العظمة الحاصل على جائزة الدولة التقديرية سنة 2014 في معرض تقييمه لتجربة العتيق الشعرية أنها تلتزم ببحور الشعر العربي ضمن روءى حداثية جمالية ويمتاز صاحبها بأنه مكثر يمتلك القدرة على النظم دون أن يكون ذلك على حساب قيمة شعره الفنية مشيرا إلى أن الشاعر يعمل على تحويل اللغة من الكلام اليومي إلى الشعرية الحديثة التي تستطيع أن تنتقل من جيل إلى جيل.
وفي توصيفه البنيوي قدم العظمة روءية عامة عن محتويات مجموعة “طرائد النور” الشعرية مركزا على أسس الشعر المهمة والتي دلت على مقدرة العتيق على الكتابة وإن كانت رؤيته مختصرة في شعر العتيق استطرد خلالها ليقرأ بعض أشعاره الوجدانية والإنسانية التي استحضرها بسبب تفاعله مع صائد العتيق التي رآها تشبه مسيرته.900
الناقد الشيخ خلال رؤيته النقدية قال.. “ان الشاعر العتيق يقدم في مجموعته روءية مزدوجة تدفعنا للتساوءل لماذا اختار هذا العنوان هل لخلود حرفه فيما هو آت من الزمان أم لأن ذات الشاعر تجد نفسها بما تحمل من نقاء غير قادرة على العيش في هذا الزمان” معتبرا أن هذه الذات الشاعرة قدمت نفسها صائدة تنتقي من الحروف ما تصف به كل ما حولها وذلك بقوله ..”سهم أنا والحرف قوس … ورمايتي أفق ونفس”.
وأوضح الشيخ خلال رؤيته التحليلية لقصيدة “الروح تجري لمستقر لها” أن الشاعر أمام جدلية التسيير والتخيير يقدم رؤية منفردة في ثنايا نصه مفادها أن جري الروح إلى مستقرها سيوصلها إلى السعادة والخلود كما يصور لنا حزن الروح عندما تحاصرها ظلمة النفس وتفقدها الحركة لتلوذ بالصمت فتبحث عن مكامن النور في ذاتها مستشهدا بقوله.. “هي دورة الأفلاك في كبد السما .. نوفي عهودا للأنام تصون”.
ويدل التحليل الذاتي للناقد الشيخ في نصوص الشاعر العتيق على اجتهاد جاد رغم عدم القدرة التفكيكية لمكنونات النص ولتوصيف مكونات الشاعر التي تربط موهبته بشخصيته دون انفصال ومع ذلك يشي التحليل بقدرة جامحة تبشر بمستقبل نقدي قريب .
وقدم عدد من الحضور مداخلاتهم حول مجموعة “طرائد النور” والندوة حيث أشار الاديب عبد الفتاح ادريس إلى المناحي الوجدانية والوطنية التي تميز بها شعر العتيق مركزا على أهمية الديباجة التي يتألق فيها المعنى وتتوهج الصورة وينبض الحرف الذي ينبع من التراث منتقدا طريقة إدارة الندوة التي خلت من مدير لها فاضطر المشاركون الى القيام بهذا الدور.
على حين اعتبر الناقد أحمد هلال أن الشاعر العتيق يمتلك تجربة في تخصيب قوله الشعري ويطرح في كل طور شكلا جديدا فهو شاعر مجدد يمتلك ذاكرة جمالية أما الدكتورة وسام قباني فرأت أن الشعر والطب يتشابهان في وجود الحدس وأن العتيق متأثر بمهنته وذلك ظهر في كثير من مفرداته وألفاظه التي استخدمها في قصائده بينما رأى الشاعر حسام مقداد أن اللغة الشعرية ارتفعت في قصائد العتيق ولم تتمكن القراءات في الندوة من الوصول إلى ماهية النقد الذي يتطلب ولوجا أكثر من ذلك في التعامل مع النصوص والوصول إلى معنى النقد الحقيقي.
وأشار الشاعر أحمد عموري إلى أن العتيق يحمل روءية واضحة في قصائده يعتمد في طرحها على البيت الشعري الخليلي وهذه ميزة متفردة أن يجمع القديم والحداثة في التراكيب والصورة وهي من مهام الشاعر في تجديد اللغة بينما رأى الشاعر والناقد رضوان هلال فلاحة أن القراءات التي تناولت النصوص الشعرية للعتيق لم تصل بمنظور الدهشة المحيل إلى التجاذب التلاقحي الذي يضم الرحيق الشعري بتشكيل نقدي أدبي موفور القيمة المعرفية والجمالية.
وألقى الشاعر العتيق قصيدة طرائد النور التي أخذت المجموعة اسمها وفق رؤية فلسفية أراد خلالها أن يتعمق في التكوين الإنساني متأثرا بالنزعة الذاتية التي تبدو وهي تحمل المواجع والألم وتفرق بين النور والظلام وبين متناقضات الحياة وما يبدو منها فقال.. “مدائن الروح والرؤية بلت جسدا ..كنه التشظي وفي أرواحنا انعقدا ما لي أخال الدنى شقين من صلف ..وموقد الجمر رغم الماء ما بردا فلق من النور في النيران محترق .. فلقان ضدان ما انشقا ولا اتحدا”.
وختم الشاعر أيهم الحوري بقصيدة ألقاها باللهجة المحكية رصد فيها الحالة الاجتماعية الإنسانية التي رآها في اجتماع الحضور حول مجموعة شعرية لشاعر سوري وأهمية مثل هذه الظواهر الثقافية حيث طرز قصيدته بنفحات غزلية ملتزما بالنغم الموسيقي الخليلي.
ونظرا للقاء شرائح ثقافية متباينة خلال الندوة فإنها ذات طابع أدبي غني لأنها حفلت بقراءات ومداخلات مختلفة منها ما عبر عن وجهة نظر ومنها ما أصاب صميم البنى التركيبية للقصائد.
محمد خالد الخضر
sana.sy