أكاديميون ومحامون: إصلاح القضاء بتسريع البت في الدعاوى وتقصير أمدها

12 حزيران 2011

وزيادة عدد القضاة وتأهيلهم وتطوير القوانين

أكد عدد من الأكاديميين والحقوقيين والمحامين والنقابيين ضرورة إصلاح الجهاز القضائي في مختلف مستوياته من خلال تطوير القوانين والتشريعات وتقصير مدة التقاضي وسرعة البت في الدعاوى وزيادة عدد القضاة وتأهيلهم وتدريبهم وضمان استقلالية القضاء.

وقال الدكتور حسام الدين ساريج أستاذ القانون الجزائي بجامعة دمشق في تصريح لسانا اليوم إن المشكلة الكبيرة التي يعاني منها القضاء هي الفساد داعياً إلى تفعيل دور التفتيش القضائي وإفساح مجال أوسع لوسائل الإعلام ومجلس الشعب والمواطنين بممارسة دور أكبر في فضح الفاسدين في القضاء بهدف إصلاح هذا المجال الحيوي ليقوم بدوره النزيه.

ورأى الدكتور ساريج أن الأوضاع الاستثنائية التي تمر بها البلاد تتطلب من جميع أبناء الشعب وكل حسب موقعه المساهمة في الإصلاح والمساهمة في مكافحة الفساد القضائي وعدم الانتظار معرباً عن أمله في أن تقوم اللجنة المكلفة صياغة إستراتيجية متكاملة لإصلاح الجهاز القضائي بوضع الأسس الضامنة لاستقلال القضاء.

وقال الدكتور محمد واصل الأستاذ في كلية الحقوق بجامعة دمشق إنه من الضروري تحديد المشاكل التي تواجهها أجهزة القضاء والمتعلقة بالقاضي والقانون والمؤسسات المساعدة لعمل القاضي من محامين وخبراء وموظفي العدلية.

ورأى أن الكثير من القضايا يتم التأخير في فصلها بسبب التبليغات والتأخير فيها مقترحا تغيير آليات التبليغ المتبعة من إخلال إيجاد مؤسسات بديلة لذلك كما يتم العمل به في بعض الدول العربية.

واعتبر أن تعيين قضاة من أوساط المحامين الممارسين للمهنة سيسهم في حل بعض المشاكل التي يواجهها القضاء لافتاً إلى ضرورة إيلاء جانب التأهيل والتدريب ومكافحة الفساد الوظيفي في المؤسسات المساعدة لعمل القضاء أهمية أكبر.

وقال نقيب المحامين نزار السكيف إن إصلاح القضاء أصبح حاجة ضرورية لرفع سوية عمل القضاء والمحاماة ولاسيما أن القضاء يعد حامي الحريات والممتلكات في ظل الدستور وهو صمام الأمان للسلم الأهلي والاستقرار الاجتماعي معتبراً أن بعض الظواهر غير الصحيحة التي اعترت الجسم القضائي باتت تشكل خللاً لابد من معالجته من خلال قيام إدارة التشريع في وزارة العدل وبالتعاون مع نقابة المحامين بإعادة صياغة بعض القوانين التي بحاجة إلى تطوير كأصول المحاكمات الجزائية والعقوبات العام وأصول المحاكمات المدنية وألا يكون التعديل مجتزأ لهذه القوانين وإعادة قراءتها بشكل متكامل وتعميق ثقافة القانون لدى المواطنين من خلال تفعيل دور الإعلام وتأهيل القضاة على اختلاف تخصصاتهم.

وأشار السكيف إلى وجود ثلاث مؤسسات إستراتيجية في وزارة العدل يجب دعمها هي إدارة التفتيش القضائي وإدارة التشريع والمكتب الفني والتي من المفترض أن يقودها قضاة نوعيون ورجالات قانون متخصصون نظرا لأهميتها مبينا ضرورة إعادة صياغة العلاقة بين القاضي والمحامي لتعود إلى أصولها من خلال الاهتمام بالرؤية العلمية في هذا المجال.

وأوضح نقيب المحامين ضرورة إعادة قراءة التعاميم الصادرة عن وزير العدل ودراستها بشكل عام وشامل وتوحيدها وإلغاء المتناقض منها إضافة إلى قيام النيابات العامة بدورها الحقيقي وألا يكون هناك طغيان لمساعدي الضابطة العدلية على هذا الدور كون النيابة العامة هي الأساس في العمل القانوني ومعالجة ظاهرة التوقيف الاحتياطي ولاسيما في الجنح لأنها تكلف الخزينة العامة أموالا كبيرة وتأسيس قاعدة بيانات إحصائية دقيقة للموقوفين احتياطياً.

واقترح السكيف أن يكون لدى وزارة العدل مركز دراسات وإحصاء يتيح لها اتخاذ القرار بالاستناد إلى معطيات علمية لافتاً إلى مشكلة التباين الواضح والصريح في الاجتهادات القضائية الصادرة عن محكمة النقض حتى على صعيد الغرفة الواحدة وفي المواضيع المتشابهة ما يشكل إعاقة حقيقية في تطبيق المحاكم الأدنى للقانون.

وقال خازن نقابة المحامين نبيه جلاحج إن أهم سمات التشريع في سورية القدم والتناقض وان أبرز القوانين ومنها القانون المدني وأصول المحاكمات الجزائية والبينات والعقوبات والسلطة القضائية ومجلس الدولة والأحوال الشخصية والجنسية صدرت منذ ستة عقود وان الحاجة أضحت ملحة لنهضة تشريعية شاملة وعميقة تحقق الغايات الاجتماعية والديمقراطية وتضمن الانسجام بين مجمل قوانين المنظومة التشريعية وإصدار قانون يضفي المشروعية على نشاط الأحزاب السياسية وغيرها من قوانين كالإعلام والانتخاب والأسرة والاستملاك تكون منسجمة مع الدستور.

وأشار إلى أن الحلقة الأساسية في إصلاح المؤسسة القضائية تكمن في تعديل قانون السلطة القضائية على نحو يضمن استقلالها التام عن السلطة التنفيذية إضافة إلى تطوير طريقة اختيار القضاة واعتماد الكفاءة والنزاهة في هذا المجال وزيادة عددهم بما يتناسب مع الكم الهائل من الدعاوى القائمة وتحسين أحوال القضاة المادية فضلا عن التطبيق الصارم لمبدأ المحاسبة بالنسبة للقضاة الذين يثبت فسادهم وعدم كفاءتهم ونزاهتهم.

وأوضح جلاحج ضرورة أن تتطابق سمعة القضاء مع نص الدستور ولاسيما المادة 133 التي تنص على أن القضاة مستقلون لا سلطان عليهم في قضائهم لغير القانون وأن شرف القضاة وضميرهم وتجردهم ضمان لحقوق الناس وحرياتهم مشيراً إلى مظاهر الخلل المتعددة في المؤسسة القضائية ومنها ما ينتقص من استقلالية القضاء ويمس النزاهة والتجرد ومستوى الكفاءة العلمية للقضاة وآلية التقاضي وإجراءاته.

وأكد أن السهولة والسرعة في بلوغ العدالة تشكل جزءا من تحقيقها وان الوصول للحق في القضاء تشوبه معاناة طويلة ومكلفة نتيجة تخلف النصوص المتعلقة بإجراءات التقاضي في التشريعات السارية في قانوني أصول المحاكمات والبينات ومنها ناجم عن الارتجال في إصدار بعض القوانين كقانون الرسوم القضائية الذي أضاف أعباء كبيرة على إقامة الدعاوى وبعضها يرجع إلى طريقة تطبيق النصوص مشيراً إلى الدور السلبي لإدارة قضايا الدولة في التعامل مع الدعاوى التي تكون طرفاً فيها وتخلف الوسائل الفنية في قصور العدل من نسخ وأرشفة وقلة عدد المساعدين القضائيين مقارنة بمتطلبات العمل وضيق قصور العدل وأسلوب عمل المحضرين وإجراءات مؤسسات الخبرة.

وأشار جلاحج إلى تراجع سمعة مهنة المحاماة وازدياد عدد المحامين ما شكل أحد أسباب انخفاض المستوى العام للمهنة رغم محاولات نقابة المحامين الرامية إلى التشدد في محاسبة الفاسدين والمفسدين من المحامين حيث يمكن أن تلعب النقابة دورا مهماً في عملية إصلاح القضاء من خلال مساهمتها في إعادة البناء المنشودة للمنظومة التشريعية في البلاد مؤكداً أن التعاون بين النقابة والمحامين ووزارة العدل والقضاة يعد شرطا ضروريا لتحقيق الانسجام بين جناحي العدالة.

وأشار المحامي فيصل سرور إلى ضرورة إيجاد مجمعات قضائية كبيرة في مركز كل محافظة أو منطقة تضم عدداً من غرف الصلح والتحقيق والاستئناف بما يتناسب مع حجم الدعاوى الهائل وبحيث يكون لدى كل غرفة حوالي 50 دعوى أسبوعياً وإقرار فصل السلطات دستورياً وألا تخضع مسائل التعيين في السلك القضائي لأي اعتبار سوى المؤهلات والكفاءة والنزاهة مما يعزز استقلالية القاضي واقتران ذلك وارتباطه بزيادة المدد المخصصة للتعليم في المعهد القضائي وتكثيف الدورات القضائية التدريبية وتفعيل دور القضاء الإداري ومجلس الدولة للارتقاء بالمحاسبة وتنظيم العلاقة بين المواطن وإدارته وإيجاد الحلول الناجعة لمشكلات الاختصاص القضائي ووضع ضوابط حقيقية وعملية لإخلاء السبيل تعتمد على الشفافية والنزاهة وتفعيل جميع التعميمات المتعلقة بموضوع الإخلاء.

أما بالنسبة للقضاة فدعا المحامي سرور إلى زيادة عددهم بحيث يكون لدى كل قاض 50 دعوى في الأسبوع على الأكثر من اجل الجدية في قراءة الدعوى وإعطائها الوقت الكافي لأجل النطق بالحكم وإعادة النظر في طريقة اختيار القضاة وتطعيم الجهاز القضائي بأكبر عدد ممكن من المحامين المتمرسين بالمهنة لمدة لا تقل عن 15 عاماً والتحري عن سلوك القاضي وكفاءته العلمية وتأمين مكتبات ثقافية قانونية تحتوي على أمهات الكتب القانونية في دور العدلية يتم اللجوء إليها وقت الحاجة والتعاقد مع قضاة من مستوى عال لمراقبة أعمال المحاكم الدنيا وتوجيهها وتأمين كادر تفتيشي مهمته متابعة أعمال القضاة وتوجيههم والتحري عن الكفاءة والحياد في التفتيش القضائي.

وأكد سرور ضرورة زيادة عدد الموظفين والمساعدين العدليين بشكل يغطي المهام والأعمال المطلوبة واسترجاع مفهوم النيابة العامة والنائب العام وليس المحامي العام وتعزيز دور الضابطة العدلية وإعادة وضعها تحت إمرة النائب العام وتفعيل دور النيابة العامة في الادعاء على الأشخاص أو الجهات التي تقوم بسرقة المال العام بعد رفع الحصانة عن هؤلاء الأشخاص أو الجهات من أجل ملاحقتهم بعيدا عن أي تدخلات.

ورأى رئيس مكتب نقابة عمال الخدمات والسياحة في اتحاد عمال دمشق جمال المؤذن أن يبدأ الإصلاح القضائي بتعزيز استقلالية القضاء والعمل على تعديل القوانين والأنظمة وتطويرها بما يتناسب مع التطور القائم في المجتمع وزيادة عدد المحاكم والكادر القضائي وتسريع الإجراءات القضائية والإدارية بما يسهم في انجاز الدعاوى بأقل وقت ممكن إضافة إلى تخفيض الرسوم القضائية التي باتت تشكل عبئا على المواطن وتحسين أوضاع القضاة وضمان حصانتهم.

ودعا إلى ضرورة وجود ممثل للنيابة العامة وقاض مناوب في أقسام الشرطة لمعالجة القضايا من الناحية القانونية بهدف التخفيف من معاناة المواطنين والحد من ضغط التحويل للقضاء بشكل جماعي.

وفي حمص قال رئيس فرع نقابة المحامين بالمحافظة سليمان رضوان إن الإصلاح القضائي يسهم في ترسيخ الاستقرار والأمن والأمان بين أفراد المجتمع كما أن وجود سلطة قضائية قوية يحتاج إلى نظام قضائي دقيق يخضع لرقابة متسلسلة وفاعلة ومحاسبة جادة على كل خطأ ما يستدعي وجود جهاز قضائي كفوء وتطوير التشريعات التي تحكم عمل السلطة القضائية.

واقترح رضوان إحداث فروع لإدارة التفتيش القضائي في كل محافظة ورفده بقضاة مؤهلين وتنفيذ التفتيش القضائي على جميع أعمال القضاء دوريا وربط ترفيع القضاة بنتائج التفتيش وتفعيل دور إدارة التشريع القضائي وإعادة النظر بعدد من التشريعات القضائية ومنها الكتاب بالعدل والخبراء وإلغاء لجنة إزالة الشيوع ونقل اختصاصها للقضاء العادي مشيراً إلى ضرورة بناء قصور عدلية تناسب وضع المحاكم وإحداث محاكم في كل ناحية وزيادة عدد القضاة واعتماد أسلوب التخصص القضائي وإعادة النظر بطريقة اختيار القضاة وزيادة عدد غرف النقض وتفريغ القضاة العاملين فيها وتحسين أوضاع القضاة المعيشية والإسراع في تنفيذ القرارات والأحكام القضائية تحقيقا للعدالة في وصول المتقاضين إلى حقوقهم بأسرع وقت.

وأشار المحامي عز الدين حمدان إلى أهمية محاسبة القاضي على طرق فصل الدعاوى وليس عددها كل شهر وإلى ضرورة وجود دائرة مستقلة في كل محافظة تضم عددا من المفتشين والقضاة المتفرغين لتقبل شكاوى المواطنين والتحقيق فيها فوريا وتفرغ القضاة لهذا العمل والابتعاد عن تعدد المهام موضحا مخاطر التناقض في الاجتهاد القضائي ولاسيما القرارات التي تصدر عن محاكم الاستئناف ومحكمة النقض.

وكان رئيس مجلس الوزراء شكل بموجب القرار رقم 6721 تاريخ 17/5/2011 لجنة لصياغة إستراتيجية متكاملة لإصلاح الجهاز القضائي بمستوياته المختلفة ووضع الأسس الضامنة لاستقلال القضاء واقتراح الآليات اللازمة لتنظيم المؤسسة القضائية وتوفير مستلزمات عملها.


الوكالة السورية للأنباء - سانا

Share/Bookmark

اسمك

الدولة

التعليق