أبو تمام

ولد أبو تمّام سنة 172 هـ، في قرية تسمى جاسم إحدى قرى حوران، وقيل إن أباه كان نصرانيّاً يدعى تدوس.

قدم أبو تمام في شبابه إلى مصر بيد أنه لم ينل ما رجاه من العطاء، فقفل راجعاً إلى دمشق، وحاول عبثاً الدخول على المأمون في زيارته إلى الشام. ثم توجه إلى الموصل فأقام بها سنتين، حيث جعله الحسين بن وهب رئيساً على البريد، ثم رحل إلى أرمينيا فأعطاه واليها خالد بن يزيد المشهور بمحاربة الروم العطاء الجزيل.

وبعد وفاة المأمون (218 هـ/833م) قدم أبو تمام إلى بغداد، فنال حظوة المعتصم وأكابر دولته، ثم رحل بعد ذلك إلى عبد الله بن طاهر والي خراسان، حين استقل بها تقريباً، فلما رجع في طريقه إلى العراق عرج على همذان، فأنزله أبو الوفاء بن سلمة وأكرمه. وأثناء وجوده في همذان لم يستطع المغادرة بسبب ثلج كثيف، فاطلع على خزانة الكتب الموجودة فيها، وصنف خمسة كتب في الشعر، منها كتاب «الحماسة» الذي يرى شارحه العلاّمة التبريزي: «إن أبي تمام في حماسته أشهر منه في شعره».

توفي أبو تمام سنة 231 هـ /846م وقال الخطيب سنة 229 هـ أو 236 هـ.

تأثر أبو تمام في شعره تأثراً كبيراً بشعر ديك الجن الحمصي، ويقول دعبل: «لم يكن أبو تمام شاعراً، إنما كان خطيباً وشعره بالكلام أشبه منه بالشعر».

ويقول ابن الرومي في رسائله إلى محمد بن أبي الحكيم الشاعر: «أن أبي تمام كان يطلب المعنى ولا يبالي باللفظ، حتى لو تبين له المعنى بلفظ نبطي لأتى به».

ويروى أن يعقوب الكندي لما رأى كد أبي تمام في تحليل شعره بالمعاني والبديع قال فيه: «هذا رجل يموت قبل حينه، لأنه حمل بكيانه على الفكر»، وفي الواقع مات أبو تمام ولم يتجاوز الأربعين.

كما أن أبا الفرج الأصفهاني أسماه أمير الشعراء. وأشاد أحمد زكي أبو شادي في كتابه «فوق العباب» بقوة شاعريته وأبدى أسفه لعدم بذل العناية في الكشف عن نواحي عبقريته.

وقد سار كثير من شعر أبو تمام مسرى الأمثال لكثرة ما فيه من حكم، وحقائق الكلم. ويُتنبأ لشعره بالخلود، وأن قصائده ستتلى كما تتلى أخبار الغزوات والفتوح.

وفي أخبار أبي تمام للصولي: أنه كان أجش الصوت يصطحب راوية له حسن الصوت فينشد شعره بين يدي الخلفاء والأمراء».

مختارات من شعره:

ديمَةٌ سَمحَةُ القِيادِ سَكوبُ لَو سَعَت بُقعَةٌ لِإِعظامِ نُعمى لَذَّ شُؤبوبُها وَطابَ فَلَو تَســـ فَهيَ ماءٌ يَجري وَماءٌ يَليهِ كَشَفَ الرَوضُ رَأسَهُ وَاِستَسَرَّ الـ فَإِذا الرَيُّ بَعدَ مَحلٍ وَجُرجا أَيُّها الغَيثُ حَيِّ أَهلاً بِمَغدامُستَغيثٌ بِها الثَرى المَكروب لَسَعى نَحوَها المَكانُ الجَديبُ ـطيعُ قامَت فَعانَقَتها القُلوبُ وَعَزالٍ تَهمي وَأُخرى تَذوبُ مَحلُ مِنها كَما اِستَسَرَّ المُريبُ نُ لَدَيها يَبرينُ أَو مَلحوبُ كَ وَعِندَ السُرى وَحينَ تَؤوبُ

وقال أيضا:ً

وَلَو كانَ يَفنى الشِعرُ أَفناهُ ما قَرَت وَلَكِنَّهُ صَوبُ العُقولِ إِذا اِنجَلَتحِياضُكَ مِنهُ في العُصورِ الذَواهِبِ سَحائِبُ مِنهُ أُعقِبَت بِسَحائِبِ

المرجع:
- تاريخ الأدب العربي، تأليف: كارل بروكلمان، ترجمة الدكتورعبد الحليم النجار.