المدرسة الظاهرية

تقع المدرسة الظاهرية أو (تربة الملك الظاهر بيبرس) في مدينة دمشق القديمة، بين بابي الفرج والفراديس، مقابل المدرسة العادلية الكبرى. بناها الملك السعيد أبو المعالي بن الملك الظاهر لجعلها تربة لوالده فوق دار الشريف أحمد بن الحسين العقيقي بعد أن اشتراها منه، وخصص قسماً منها لبناء ضريح لوالده أما القسم الآخر فقد جعل منه مدرسة لتحفيظ القرآن وتعليم الفقه.

الموقع الجغرافي:
تقع المدرسة الظاهرية أو (تربة الملك الظاهر) في مدينة دمشق القديمة، منطقة العمارة الجوا نية - باب البريد، بين بابي دمشق القديمة (الفرج والفراديس) ومقابل المدرسة العادلية الكبرى. تدعى حالياً دار الكتب الوطنية وتعود ملكيتها إلى وزارة الأوقاف.

المحة تاريخية:
يعود تاريخ بنائها إلى الفترة المملوكية ما بين 676 - 658 هـ /1277م (وقال ابن كثير 690 هـ)، بناها الملك السعيد أبو المعالي ناصر الدين محمد بركة قان ابن الملك الظاهر بيبرس تخليداً لذكرى وفاة أبيه الملك الظاهر بيبرس الذي قتل عام 676هـ / 1277م ودفن في القلعة.

حيث اشترى الملك السعيد أبو المعالي دار أحمد بن الحسين العقيقي التي كانت قصراً للأيوبيين وأنشأ مدرسة ودار حديث وقبة للدفن وتم ذلك في العام نفسه. واشتهرت في العهد الفاطمي بنزول الأشراف العلويين فيها، فأحمد بن الحسين العقيقي المتوفى سنة 378هـ والذي تنسب إليه هذه الدار كان من كبار أشراف دمشق وأجودها، وكان قد نزل هذه الدار الشريف العلوي أبو طاهر حيدرة بن إبراهيم بن أبي الجن الذي قتله الأمير السفاح (بدر الجمالي) سنة462هـ.

- كما التجأ إلى هذه الدار (الخطيب البغدادي) فاستجار بالقاضي المذكور خوفاً من بطش الأمير بدر الجمالي المذكور فأنجاه من أذاه.

- وكأن هذه الدار أصبحت من الشهرة والعظمة ما يجعلها مرشحة لنزول العظماء والكبار فيها، فمنذ دخول الأسرة الأيوبية مدينة دمشق سكن هذه الدار كبير الأسرة (نجم الدين أيوب) والد السلطان صلاح الدين الأيوبي وأخيه الملك العادل.

- كما نزل إلى هذه الدار السلطان صلاح الدين الأيوبي عندما فتح دمشق سنة 569هـ، ثم انتقلت هذه الدار بعد انقراض الدولة الأيوبية إلى الأمير فارس الدين أقطاي.

ودفنت رفات الملك الظاهر بيبرس في هذه المدرسة، ثم دفن الملك السعيد في جوار أبيه فيما بعد.

لوصف المعماري:
أجمل شيء في الدار هذه الأيام بابها ذي المقرنصات الرائعة. ويتم الدخول من الجهة الغربية عبر رواق ذي أعمدة إلى فسحة سماوية مربعة تتوسطها بحرة متعددة الأضلاع. في الجهة الجنوبية نرى قاعة الضريح تغطيها قبة رائعة، أما جدرانها فمكسوة بفسيفساء زجاجية ورخامية، وفيها محراب رائع الصنع بالرخام الملون. وإلى جانب هذه القاعة يوجد إيوان مغلق الآن. أما الإيوان الشرقي فقد اندثر ولم يبق من قوسه إلا ثلاثة أحجار وقد حل محله الآن بناء آخر يبدو أنه شيد في العهد العثماني.كما يوجد في الجهة الشرقية أيضا دار الحديث والتي لا يزال مدخلها واضحاً رغم التعديل فيه. وفي الجهة الشمالية توجد قاعة كبيرة. أما الطابق العلوي فهو عبارة عن قاعة فوق الجانب الشرقي وقاعة أخرى مع غرفة في الجانب الشمالي، كما يوجد غرفة فوق المدخل الغربي.

فصّل لنا (ابن تغري بردي) بعض التفاصيل عن بناء هذه المدرسة في حوادث سنة 676هـ:
- كان الملك السعيد قد أمر ببناء مدرسة لدفن أبيه فيها حسب ما أوصى به والده، فنقل تابوت الملك الظاهر بيبرس في ليلة الجمعة من قلعة دمشق إلى التربة المذكورة داخل (باب الفرج) قبالة المدرسة العادلية والتربة المذكورة كانت دار الشريف العقيقي، فاشتريت وهدمت وبنيت قبة المدفن في موضع بابها وفتح لها شبابيك على الطريق ، وجعلت بقية الدار مدرسة مؤلفة من قسمين: حنفية وشافعية.

- ويتمم لنا (اليونيني) وصف هذه المدرسة من وقفيتها التي بخط عز الدين بن شداد فيقول: (وقف الملك السعيد..... المدرسة المذكورة والقبة مدفناً، وما تبقى منها مسجداً لله تعالى برسم الصلوات وقراءة القرآن العزيز والاعتكاف، وباقي الدار مدرستان إحداهما شرقي الدار هي الشافعية، والأخرى قبلي الدار إلى جانب القبة وهي للحنفية ودار حديث قبلي الإيوان المختص بالشافعية).

- وهذا النص يعطينا صورة عن هيئة المدرسة الداخلية فهي صورة قريبة من الكمال، تصف لنا الجهة القبلية والشرقية من المدرسة، وقد جهلت علينا هيئة الجهة الشمالية التي نظن أنها كانت محتوية على حجرات للسكن وبيوت للطهارة.

- أما الجهة الغربية التي فيها باب المدرسة فواضح من التصميم أنها كانت خالية من البناء عدا الجدار الذي يفصل المدرسة عن الطريق.

المراجع

(في رحاب دمشق)، د. محمد أحمد دهمان.