مروان بن محمد

هو مروان بن محمد بن مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية القرشي الأموي، أبو عبد الملك، أمير المؤمنين، آخر خلفاء بني أمية. بويع له بالخلافة بعد وفاة يزيد الثالث، ثم قدم دمشق وخلع ابراهيم بن الوليد، واستقر له الأمر في منتصف شهر صفر عام 127هـ/شهر تشرين الأول عام 744م. وعُرف بمروان الجعدي نسبة إلى مؤدبه الجعد بن درهم كان صبوراً يصل السير بالسير في محاربة الخارجين عليه.


يُعتبر مروان الثاني من فرسان بني أمية وشجعانهم. ورغم ما تمتَّع به من إقدام وسداد رأي، إلا أن الظروف شاءت أن تكون نهاية دولة الخلافة الأموية في عهده، وقد لا يكون هو المسؤول عن ذلك، بفعل أن العوامل التي أدت إلى إضعافها وزوالها كانت تتفاعل منذ زمن بعيد، وكان قدره أن يصارع تلك الأحداث الجسام التي كانت تعمل ضده.


اتخذ مروان من مدينة حران في أقصى الشمال من بلاد الشام مقراً له بعيداً عن قلب الشام المضطرب، وقريباً من مكامن الخطر في الشرق، حيث جعلت الأحداث من الشرق مركزاً للثقل السياسي في الدولة ومسرحاً لأخطر الحركات الاجتماعية والعقائدية. وفي كل الأحوال فقد اعتبر الكثيرون عملية نقل العاصمة إلى حران إساءة كبيرة لأهل الشام، عامة، لأنهم خسروا المركز الممتاز الذي كان لبلدهم، والخيرات العميمة التي تتدفق عليهم؛ فقد كان الخليفة يعيش بينهم ويعتمد عليهم ويقدمهم على غيرهم، لهذا عمت النقمة بلاد الشام أن توكل الخلافة إلى صريح النسب من جهة الأب والأم، واتهموا مروان بأنه مغتصب للحكم وليس له وراثة في الخلافة ولا بيعة شرعية. كل ذلك زاد في خلق الأجواء المضطربة والقلاقل المستمرة، مما سيستهلك معظم طاقات مروان وجهوده العسكرية والمالية ويشغله عما يجري فيما بَعُد من أنحاء الدولة وبخاصة في خراسان.


اتخذت أحداث الشام طابع الصراع الأموي على السلطة، لأن معظم ثوراتها كانت بزعامة أمير أموي يطالب بالحكم. وتنقل مروان بين حمص وغوطة دمشق وفلسطين وهو يخمد الفتن والثورات، وكذلك في الرقة والرصافة وتدمر، ونجح مروان بإخماد هذه الثورات ولكن الخطر لم يقف عند هذه الحدود، فقد عمت الفوضى والثورات بلاد العراق وعظم خطر الخوارج.


كان مروان بن محمد قائداً جديراً بمنصب الخلافة، الذي تولاه، لكنه جاء في وقت متأخر نخرت فيه عوامل الضعف جسم البيت الأموي. وفي الوقت الذي شغلت فيه مروان بن محمد أحداث الشام والعراق كان الصراع القبلي على أشده في خراسان، حيث نشط دعاة الحركة العباسية واجتهدوا في استغلال مساوئ الحكم الأموي، والصراع القبلي، ونقمة القبائل اليمانية على حكم بني أمية وتفسخ الأسرة الأموية والنزاع القائم بين أفرادها، والحرب الأهلية هنا وهناك، استغلوا كل ذلك أوسع استغلال وفجر رجلهم في خراسان وحامل لوائهم أبو مسلم الخراساني، الثورة المسلحة وأمسك بزمام المبادهة، وعجز الوالي الأموي نصر بن سيار عن التصدي له.


استولى أبو مسلم على خراسان، ثم على الهضبة الإيرانية؛ فالعراق ودخلت قوات الثورة العباسية مدينة الكوفة، حيث جرى فيها الإعلان عن قيام خلافة جديدة، هي الخلافة العباسية وتمت البيعة لأبي العباس السفاح عبد الله بن محمد داخل مسجد الكوفة.


بدأت تصفية الحكم الأموي وأفراد الأسرة الأموية في أنحاء دولة الخلافة وزحف عم الخليفة العباسي، وهو عبد الله بن علي للقضاء على مروان بن محمد، وجرت بين الجيشين معركة الزاب عام 132هـ/750م، ونزلت الهزيمة بمروان، الذي فر إلى مصر وتمت مطاردته حتى قتل هناك، وبقتله أسدل الستار على حياة الأسرة الأموية، التي حكمت العرب والمسلمين ما يقرب من قرن من الزمان، وحقق خلفاؤها منجزات عظيمة في الميادين المختلفة لا تزال صفحات التاريخ تحفظها لهم حتى اليوم.
 

مواضيع ذات صلة: