تل الكسرة

هو تل أثري، يقع في مركز منطقة ومحافظة دير الزور قرب بلدة الكسرة، يقع على الضفة اليسرى لنهر الفرات إلى الشمال الغربي من مدينة دير الزور بحوالي 40 كم.

والاسم القديم للموقع لا يزال مجهولاً، وقد ذُكر هذا الموقع في أحد المراجع القديمة باسم «آلان» واسم «تل الحمر» وتعمل الأبحاث الجارية على تقديم معلومات جديدة حول الاسم القديم للموقع.

يبلغ حجم المنطقة الأثرية في التل 27 هكتارا حسب تقدير الباحث مصطفى قدور، وهو أحد أفراد البعثة الوطنية في التل، ونوه إلى التشابه بين موقع تل الكسرة وتل السن الذي يقع في قرية مراط على بعد 60 كيلو مترا عن الموقع سواء من حيث المخطط الخماسي أو من خلال الفترات الزمنية التي شهدها وهذا ما أظهرته نتائج تنقيبات البعثة السورية الإسبانية المشتركة العاملة بتل السن، ويتوقع أن يكون الموقعان شيدا من قبل نفس المهندس الذي اتبع نفس المخطط ونفس طريقة البناء في كلا المدينتين.

وقال يعرب العبد الله رئيس البعثة الوطنية للتنقيب في حديث له مع وكالة سانا: إن الموقع اكتشف لأول مرة من قبل الإرسالية البريطانية عام 1849 ثم مسح خلال فترة الإنتداب الفرنسي، وفي عام 2006 بدأت أعمال البعثة الوطنية وأظهرت نتائج التنقيب التي توصلت إليها البعثة وجود مدينة تعود للفترة البيزنطية من القرن الخامس الميلادي استمر استيطانها إلى الفترة الإسلامية لافتاً إلى أن الموقع عبارة عن تل محاط بسور من اللبن، وهو ظاهر في ثلاث جهات ومدمر في الجهة الشمالية الغربية والثلث الغربي منه وقع تحت تأثير جريان مياه الأمطار وذلك على شكل شبكة من التشققات العميقة التي تستمر بشكل منحدر حتى تتلاقى مع السهل النهري الذي ينخفض بعمق 20 مترا عن مستوى سطح التل .

وإن الدراسات قد دلت على وجود مدينة دفاعية عسكرية واسعة ذات مخطط خماسي تحتل موقعاً استراتيجياً هاما على الحدود الفاصلة بين الدولة البيزنطية والساسانية، فهي لا تبعد عن تلك الحدود التي تعبر من مدينة البصيرة حالياً سوى ستين كيلومتراً لذلك كانت محصنة بشكل جيد من خلال أسوار مشيدة من اللبن أحاطت بالمدينة التي امتدت على مساحة واسعة وضمت الكثير من الأبنية المدنية والدينية .

وهذه المدينة البيزنطية نشأت على أنقاض موقع سبقها بالوجود حيث الدلائل الأثرية والمسوحات التي تمت في الموسم الأول 2006 أكدت وجود بقايا فخارية رومانية سيجلاتا في المنطقة الغربية من الموقع ما يؤكد أن الموقع شهد ازدهاراً كبيراً في الفترة البيزنطية واتسع ليصبح مدينة تمتد هذا الامتداد الكبير الذي نشاهده الآن، فالعثور على قطع نقدية تعود لهيراقليوس 610 - 641 م على سطح الموقع يدفع للشك بأن استيطان المدينة استمر ولو بشكل طفيف إلى عهد هذا الإمبراطور ونهاية المدينة في تل الكسرة يمكن تحديدها مع وصول الفتوحات الإسلامية للمنطقة في زمن الخليفة الراشدي عمر بن الخطاب وذلك عام 637 م.

وبين رئيس البعثة الوطنية للتنقيب في التل أنه يمكن تأريخ استمرار الحياة في تل الكسرة حتى الفترة الأموية حيث لم تقدم الدلائل الأثرية على وجود انقطاع واضح في سكن المدينة ولا يمكن الفصل الكلي بين ما هو عائد للفترة البيزنطية أو تلك الإسلامية بسبب التشابه الكبير في المنتجات الفخارية من هاتين الفترتين.