إسماعيل الملحم: قراءة معاصرة في الثورة السورية الكبرى

29/تموز/2009

يقيم اتحاد الكتاب العرب في السويداء مجموعة من الندوات والمحاضرات التي تندرج ضمن فعاليات مهرجان الجبل الأول الذي يقام هذه الأيام في مدينة السويداء.

وتحت عنوان «الثورة السورية الكبرى، قراءة معاصرة» قدم الأستاذ والباحث إسماعيل الملحم محاضرته التي تحدث فيها بداية عن كيفية الكتابة التأريخية مؤكداً أنها تستوجب العمل وفق منهج بحث واضح من حيث الوسائل المنتقاة وكيفية التعامل مع المصادر التي يستند إليها الباحث، كما أشار إلى أن كتابة التاريخ هي «كتابة عن شأن إنساني، لذا من الطبيعي أن تكون موضع أخذ ورد».


الأستاذ إسماعيل الملحم في محاضرته

بعد ذلك، دخل الأستاذ الملحم في موضوع محاضرته وهي الثورة السورية الكبرى بقيادة سلطان باشا الأطرش، وهنا يقول الملحم: «نظر أبناء الجبل إلى فرنسا كقوة أجنبية عملت على عدم قيام دولة العرب المنتظرة، والتي ناضل أبناء الجبل لأجلها في صفوف الثورة العربية الكبرى التي قادها الشريف حسين ضد الاحتلال العثماني، فكانت النفوس مهيأة لمقاومة الفرنسيين، كما أن الموقع الجغرافي للجبل ساعد على ذلك لأنه يقع بين السيطرتين الإنكليزية في الجنوب والفرنسية في الشمال ما أشعل الروح النضالية ضد المستعمرين. وأتت حادثة أدهم خنجر وهو أحد الوطنيين اللبنانيين الذي حاول اغتيال الجنرال غورو فحكم بالإعدام، فالتجأ إلى دار سلطان باشا الأطرش الذي كان يتمتع بسمعة طيبة نتيجة مواقفه الوطنية المشرفة منذ الثورة العربية الكبرى، لكن فرنسا اعتقلت خنجر وأعدمته ما كان سبباً مباشراً في قيام الثورة».

وهنا يؤكد الملحم أن هذه الثورة كانت ثورة وطنية بحق، ولم تكن لأجل العصبيات والعادات البدوية إنما كان همها الأوحد التحرر الوطني بعيداً عن العنصرية والنزعات القبلية. وينوه الملحم أيضاً إلى الخطأ الذي يقع فيه معظم المؤرخين حيث يخلطون بين ثورة الجبل الأولى التي قامت عام 1922 وبين ثورة الجبل الثانية التي قامت عام 1925، إذ كانت الأولى محدودة وقليلة الإمدادات لذا استطاع الفرنسيون أن يقضوا عليها بسرعة، أما الثانية فاستمرت ما يقارب العامين من الزمن واستطاعت أن تحقق الجزء الأكبر من مطالبها.

الأستاذ إسماعيل الملحم في محاضرته

ثم يستطرد الملحم ليؤكد أن الصحافة دخلت السويداء بعد معركة المزرعة التي استقطبت هزيمة فرنسا فيها الصحفيين للكتابة عنها. وتُعتبر الوثائق الموجودة في الصحافة الصادرة في ذلك الوقت من أهم ما يستند إليه المؤرخون في تأريخهم لحدث بحجم معركة المزرعة. قد لفت هنا إلى أن بعض الصحف التي كانت موالية للفرنسيين حاولت تشويه الحقائق والحدث، ومنها جريدة المعرض التي كانت تصدر في بيروت وذكرت في عددها الصادر بتاريخ 6 آب 1925 أن «العصاة انهزموا شر هزيمة أمام جيوش فرنسا وهم الآن في حالة نزاع فيما بينهم»، وحذر الملحم من مثل هكذا وثائق قد توقع المؤرخين بالخطأ.

وتعمق المحاضر في الحديث عن معركة المزرعة والتي تعتبر المعركة الأهم في تاريخ الثورة السورية الكبرى، حيث يقول: «هناك خلط بين المؤرخين في تاريخ بدء المعركة فمنهم من يقول 2 آب ومنهم من يقول3 آب، لكنها بدأت بحق في 30 تموز وقفزت قفزة نوعية في 2 آب بعد معركة تل الخروف بالقرب من قرية الدور والتي وقعت في 2 آب، وعاش بعدها الثوار والأهالي حرباً نفسية شديدة، ففرنسا منعت وصول المؤن إلى هذه المناطق، كما دكت الأراضي والبيوت في المنطقة الغربية من قرى السويداء بالقنابل ونيران المدفعية التي كانت تقصف من قلعة السويداء ومن أراضي درعا فوقع الثوار والأهالي في حصار شديد».

ويعتبر الملحم أن أول وأهم رواة معركة المزرعة هو الدكتور عبد الرحمن الشهبندر الذي قدم إلى الجبل بعد المعركة وشاهد القتلى الممتدة جثثهم على طول عشرة كيلومترات، ومن بعد الشهبندر أرّخ منير الريس للثورة.


جانب من الحضور

ويستنبط الملحم بعض المعاني من الثورة السورية الكبرى بشكل عام ومن معركة المزرعة بوجه الخصوص قائلاً: «كان عدد سكان الجبل عام 1925 خمسين ألف نسمة، ورغم هذا استطاعت الثورة أن تجمع المقاتلين من كافة أرجاء الجبل، واستطاعت تكريس حالة وطنية في الأوساط الشعبية عامةً في سوريةللثورة مما لفت أنظار النخب السياسية إليها. وبعدها تكرس اسم سلطان باشا الأطرش كقائد عام لجيوش الثورة السورية الكبرى وسمي الدكتور عبد الرحمن الشهبندر ناطقاً باسمها».

وفي النهاية أكد الملحم على ضرورة تدقيق وتمحيص المعلومة التاريخية والتأكد من مصادرها وصحة روايتها مع معرفة المؤرخ أنه يدرس حدثاً وواقعة إنسانية تقبل السلب والإيجاب.

يذكر أن الأستاذ إسماعيل الملحم يرأس فرع اتحاد الكتاب العرب في السويداء وله عدة أبحاث وكتب فكرية وفلسفية إضافة إلى كتبه في التاريخ.


عمر الأسعد
اكتشف سورية

طباعة طباعة Share مشاركة Email

المشاركة في التعليق

اسمك
بريدك الإلكتروني
الدولة
مشاركتك